فلسطين أون لاين

"عملية القدس".. إرباك للاحتلال ودليل على تصاعد المقاومة

...
"عملية القدس".. إرباك للاحتلال ودليل على تصاعد المقاومة
القدس المحتلة- غزة/ نور الدين صالح

رأى مراقبان أن عملية إطلاق النار التي نفذها فلسطينيان في مدينة القدس المحتلة، دليل على تصاعد المقاومة في القدس والضفة المحتلة، وتأتي رداً على جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وأسفرت عملية إطلاق النار التي وقعت قرب مفرق مستوطنة "راموت" في القدس المحتلة، عن مقتل 7 مستوطنين وإصابة آخرين، وذكرت شرطة الاحتلال أن المنفذين وصلا إلى مفترق راموت في القدس وأطلقا النار نحو منتظري الحافلة في محطة الباص بالمكان. فيما أطلق جندي إسرائيلي النار صوبهما، ما أدى الى استشهادهما.

وبيّن المراقبان خلال أحاديث خاصة لـ "فلسطين أون لاين"، أن تصاعد العمليات في الضفة والقدس، إلى جانب استمرار المقاومة في غزة، يعكس تحولاً استراتيجياً في مسار الصراع، يضع (إسرائيل) أمام معضلة وجودية: هل تستمر في سياسة القوة الغاشمة التي فشلت في تحقيق الأمن، أم تبحث عن أفق سياسي حقيقي قائم على الاعتراف بالحقوق الفلسطينية؟

ومما لا شك فيه أن عملية القدس ليست مجرد حدث أمني عابر، بل مؤشر على أن جذوة المقاومة ما زالت متقدة وأن الاحتلال لن ينعم بالهدوء ما دام يتجاهل جوهر الصراع المتمثل في القدس والحقوق الفلسطينية. وبينما يسعى نتنياهو إلى تثبيت سلطته عبر القوة، تتكشف الحقيقة بأن (إسرائيل) تغرق أكثر فأكثر في دوامة لا نهاية لها من العنف واللا أفق السياسي.

ويؤكد المختص في الشأن الإسرائيلي د.عمر جعارة أن العملية تحمل دلالات عميقة تتجاوز مجرد التنفيذ الميداني.

وبحسب جعارة، فإن "رجل أمن في جهاز الشاباك قال عنها إنها متقنة، وهذا يعني أن المنفذين كانوا مدرّبين، إذ لم يُسيطر عليهم منذ لحظة إطلاقهم الرصاص الأولى، فضلاً عن استخدامهم أسلحة ليست جديدة، ما يعكس تحضيراً مسبقاً ودقة في التنفيذ".

وأوضح أن ما حدث في القدس يبرهن على أن الاحتلال الإسرائيلي لن يتمكن من تحقيق ما يسميه "صفر مقاومة"، سواء في الضفة الغربية أو غزة أو حتى داخل القدس نفسها. فـ(إسرائيل) تدّعي أنها تحبط شهرياً أكثر من 20 عملية قبل وقوعها، لكن وقوع عمليات بهذا الحجم يفضح محدودية هذه القدرة، ويؤكد أن "الانتصار الكامل على المقاومة مجرد وهم".

تجدر الإشارة إلى أن أجهزة أمن الاحتلال تعيش منذ سنوات هاجس العمليات الفردية والمنظمة في الضفة والقدس، خاصة مع تزايد الاستيطان وتشديد القبضة العسكرية. ورغم سياسة الاغتيالات والملاحقات وهدم المنازل، فإن العمليات تتجدد بوتيرة لا تنقطع.

من جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق أن العملية أعادت تسليط الضوء على مركزية القدس في الصراع. ويقول: "ما زال الإسرائيلي يتعامل مع الفلسطينيين كجغرافيا إرهاب، متجاهلاً الحق الفلسطيني المكفول دولياً. لكن بقاء هذه النظرية الإسرائيلية سيجعل كرة النار متدحرجة بلا حدود".

وشدد على أن "أي محاولة لتهميش قضية القدس أو التعامل معها كملف أمني محض، لن تؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد. فالقدس، بحسب تعبيره، "هي البوصلة التي تفضح (إسرائيل) كلما حاولت تقديم نفسها بصورة الدولة القادرة على الردع والهيمنة".

وجاءت هذه العملية بعد نحو 23 شهراً من حرب الإبادة على غزة، في توقيت حساس لحكومة بنيامين نتنياهو، التي تواجه انتقادات واسعة من المعارضة ومن داخل المؤسسة الأمنية ذاتها. فبدلاً من تحقيق الأمن، يجد الإسرائيليون أنفسهم أمام واقع متفجر في كل الجبهات: مقاومة في الضفة، تصعيد في غزة، قصف صاروخي على العمق الإسرائيلي، وعمليات موجعة في القدس.

ويضيف القيق "نتنياهو قاد (إسرائيل) نحو الانتحار، وبات هو معول هدم ولعنة للعقد الثامن. بلا أفق سياسي أساسه الحقوق الفلسطينية، ستظل الأحداث مفتوحة على تصعيد بلا حدود".

رسائل العملية

ووفق المراقبان، يُمكن تلخيص رسائل عملية القدس في عدة نقاط: أولا فشل الردع الإسرائيلي: رغم القبضة الأمنية والاستخباراتية، ما زالت العمليات تقع في قلب القدس.

ثانياً: استمرارية المقاومة: الاحتلال لا يمكنه القضاء على المقاومة، فالتجارب التاريخية تؤكد أن أي قوة استعمارية واجهت مقاومة حتى رحيلها.

ثالثاً: البعد السياسي: غياب الحل العادل للقضية الفلسطينية واستمرار الاستيطان والتهويد يضمنان تجدّد المواجهة.

رابعاً: تصدع الداخل الإسرائيلي: تزايد حالة القلق وفقدان الثقة في القيادة السياسية والعسكرية.

المصدر / فلسطين أون لاين