أكد الباحث في الشؤون العسكرية رامي أبو زبيدة أن العملية العسكرية الإسرائيلية المزمعة في غزة لا تقتصر على مواجهة حماس، بل تمثل خطة استراتيجية لإبادة ممنهجة للمدينة وسكانها.
وأوضح أبو زبيدة، عبر منصته على "التلغرام"، أن استدعاء 60 ألف جندي احتياط واستعداد الكابينيت لاقتحام غزة يشير إلى أن الهدف التدمير الشامل قبل السيطرة الميدانية.
وأشار أبو زبيدة إلى أن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير أوصى بتقدم بطيء ومدروس للجيش تحت غطاء قصف مكثف، وهو ما اعتبره أبو زبيدة قرارًا استراتيجيًا لتدمير البنية التحتية وتحويل الأحياء إلى مناطق غير صالحة للعيش أو المقاومة.
وأضاف أن الجيش يعتمد سياسة الأرض المحروقة، مستهدفًا المدنيين ومقاتلي المقاومة على حد سواء، مع إدراك أن المواجهة المباشرة ستكلفه خسائر كبيرة.
وحول التباين بين الجيش وحكومة نتنياهو، قال أبو زبيدة إن نتنياهو يروّج لخطاب “المعركة الحاسمة” لإقناع الداخل الإسرائيلي وواشنطن، بينما يرى الجيش أن العملية حرب إبادة بطيئة، وأن الهدف الفعلي ليس هزيمة حماس، التي يعتبرها الجيش منهارة عسكريًا، بل إلحاق دمار كامل بغزة.
وذكر أبو زبيدة أن بعض المحللين الإسرائيليين شبّهوا العملية بما حدث في دريسدن خلال الحرب العالمية الثانية، حيث كان القصف شاملًا بلا هدف عسكري سوى التدمير الكلي.
وأضاف أبو زبيدة أن العملية لا تستهدف تحقيق أهداف استراتيجية واضحة، وإنما تركز على تدمير المجتمع المدني والبنية التحتية، مع يقين بأن القطاع لن يُعاد إعماره تحت حكم حماس أو أي سلطة فلسطينية لاحقة.
وأشار إلى أن الجيش يتصرف بحذر خوفًا من صدام مباشر مع واشنطن، بينما يحاول نتنياهو تسويق الحرب كمعركة تاريخية، في حين أن الواقع يكشف استراتيجية إبادة بطيئة للمدنيين وفرض النزوح وتدمير المدن.
وختم أبو زبيدة تحليله بالقول إن ما يجري في غزة ليست عملية عسكرية تقليدية، بل حرب إبادة جماعية تهدف إلى فرض واقع جديد: قطاع مدمر، سكان بين قتيل ونازح، ومدينة تتحول إلى منطقة غير صالحة للحياة.
وفي السياق، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زمير يصر على تعليماته بالتحرك البري في قطاع غزة بشكل بطيء وحذر، ترافقه موجات قصف مكثف، لتقليل المخاطر على الجنود، رغم الضغوط السياسية المطالِبة بتسريع العملية.
وأشارت الصحيفة إلى، أن تسمية العملية العسكرية باسم "عربات غدعون ب’" تحمل طابعًا مراوغًا، إذ يرى زمير أنها ليست جديدة بل استمرار لما هو قائم، لافتة إلى أن المدنيين الذين سيبقون في خط النار قد يعقدون مجريات القتال، خاصة مع بقاء آلاف منهم في شمال القطاع رغم المخاطر.
وأكدت هآرتس أن الجيش لا يلحظ أي علامات انهيار لدى حركة حماس أو فقدان الرغبة في القتال، مشيرة إلى أن صعوبتها تنحصر في القدرات العسكرية لا في الإرادة.
وفي المقابل، يواجه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو (المطلوب للجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب بغزة) معضلة سياسية مرتبطة بالوعود التي يقطعها، خصوصًا أمام الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في حين أن وتيرة التقدم الميداني أبطأ مما يُسوَّق في الإعلام.
وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو نجح مجددًا في انتزاع دعم ترامب، كما حدث في محطات سابقة هذا العام، لكنه في حال لم تسر العملية بالسرعة التي يتوقعها البيت الأبيض، فإن توترًا جديدًا قد ينشب بين الجانبين.
وختمت الصحيفة بأن كثرة الانتقادات الصادرة من محيط نتنياهو ضد رئيس الأركان، واتهامه بأنه "يجر قدميه"، قد تكون بمثابة تمهيد مسبق لتحميل الجيش المسؤولية عن أي فشل في العملية البرية.
وبدعم أمريكي يرتكب الاحتلال منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة 63 ألفا و371 شهيدًا، و159 ألفا و835 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 332 شخصا بينهم 124طفلا.