شهد كيان الاحتلال الإسرائيلي، أمس، إضرابا واسعا هو الأكبر منذ بدء العدوان على قطاع غزة، يعكس تزايد الاستياء من سياسات نتنياهو وسط استمرار حرب الإبادة على غزة، إذ يطالب الشارع بوقف العدوان وصفقة تبادل شاملة للأسرى، في حين يشير خبراء إلى أن الحراك الشعبي المتنامي قد يؤثر في المشهد السياسي رغم تعنت الحكومة ودعم واشنطن لنتنياهو.
ويوميا يخرج آلاف المتظاهرين في مسيرات حاشدة، أبرزها تلك التي انطلقت من الكنيست باتجاه مقر إقامة نتنياهو في شارع عزة، رافعين شعارات تطالب بوقف الحرب وإبرام صفقة تبادل شاملة للإفراج عن الاسرى ووقف الحرب.
احتمالات التغيير
ويؤكد عماد أبو عواد المختص في الشأن الإسرائيلي، أن الحراك الشعبي ضد حكومة نتنياهو يزداد زخمًا من حيث عدد المشاركين ونوعية الشخصيات المؤثرة التي تنخرط فيه، مشيرًا إلى قدرة هذا الحراك، بالتعاون مع قوى المعارضة، على تصدير شخصيات سياسية إسرائيلية قد تكون مقبولة لدى الشارع كبديل محتمَل لنتنياهو.
وقال أبو عواد في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إن "هذا الحراك ما زال بحاجة إلى كثير من التنظيم والتماسك كي يتمكن من إحداث تغيير فعلي، لافتًا إلى أن نتنياهو يعتمد بشكل كبير على قدرته على المناورة السياسية، ويعوّل على الدعم الأمريكي لحمايته من تبعات سياساته، خاصة في ظل الانتقادات الدولية المتزايدة.
وأكد أن نتنياهو يحاول تقديم نفسه كغير تابع لليمين المتطرف، بينما في الواقع يسعى لاستمرار الحرب ويرفض الوصول إلى اتفاق حقيقي، مستمرًا في انتهاج سياسة الغموض في تعاطيه مع المجتمع الإسرائيلي.
من جانبه، أكد سهيل ذياب أستاذ العلوم السياسية، أن العامل الأكثر تأثيرًا على صناع القرار في إسرائيل ليس الضغط الخارجي، بل الحاجة الداخلية الإسرائيلية، خصوصًا في ظل ما وصفه بـ"الاهتراء العسكري" والتعقيد السياسي داخل الحكومة.
وقال ذياب في حديثه لصحيفة "فلسطين" إن "المؤسسة العسكرية تميل إلى صفقة تبادل، لكنها تفضل أن تكون جزئية، لتخفيف الضغط دون تقديم تنازلات شاملة".
وأشار إلى أن نتنياهو لا يملك خيارات كثيرة، ولا مفرّ أمامه سوى الذهاب نحو صفقة، إلا أن حكومته تميل إلى التعقيد، بينما يملك هو وحده قرار المبادرة.
وأضاف أن نتنياهو يسعى لاستعادة جزء من شعبيته عبر صفقة تُعيد بعض الأسرى، بالتوازي مع رغبته بالحصول على دعم سياسي من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لتمكينه من مواجهة قضايا الفساد التي تلاحقه، في محاولة لترميم صورته داخليًا.