فلسطين أون لاين

كمائن الموت بدلا من المؤسسات الأممية

كانت الآليات المتبعة في توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة منذ بداية حرب الابادة تتم وفق نظام "منصف وشامل" عبر مؤسسات أممية وجهات أخرى شريكة معها، حيث إجتهدت هذه المؤسسات في تقديم أقصى خدمة ممكنة لاغاثة سكان القطاع من كافة النواحي وشمل ذلك: ( الإيواء، الغذاء، والكسوة، والعلاج، وغيرها من الخدمات الضرورية)، الأمر الذي ساهم إلى حد ما في التخفيف عن المواطنين في ظل الحرب المروعة "وجرائم الابادة" المستمرة بفعل العدوان الاسرائيلي على غزة.

إلا أن الاحتلال الاسرائيلي لم يرق له هذا الأمر وحاول بشتى الطرق التأثير في الموضوع الانساني، وذلك في إطار التضييق على الفلسطينيين، ورفع مستوى الأزمة على السكان، ووضعهم في مستويات إنسانية حرجة، وكان ضمن ذلك استهداف المقرات، والعيادات، والمراكز،  والمخازن، الخاصة بالعمل الانساني وفي المقدمة منها كل ما يتبع للمؤسسات الأممية، وفي كل مرة يخلق مبررات متعلقة بخطأ القوات في الميدان، أو تبرير الهجوم على أنه جاء على خلفية مهاجمة مطلوبين، أو أن الهجوم استهدف مراكز للقيادة والسيطرة، أو أن هذه المناطق المستهدفة استخدمت لاغراض عسكرية متعددة وكانت منطلق لهجمات ضد قواته.

لكنه لم يكتف بهذا الحد واستمر في ممارسة التضليل وحاول خداع العالم مرارا من خلال "إعلامه الكاذب" والاعلام المساند له في مختلف الدول الغربية، وكان في مقدمة هذه الأكاذيب أن جزء من العاملين مع جهات أممية في غزة مرتبطين بالجناح المسلح لحماس وأن عدد كبير منهم شارك في هجوم السابع من أكتوبر، وأن حركة حماس تسيطر على المساعدات وتمول هجماتها من خلال ما تجنيه من وراء هذه المساعدات الإنسانية، وأن هذه المؤسسات يجب أن تتوقف مهامها وبرامجها ومشاريعها في غزة بسبب الاعتبارات سابقة الذكر.

وكانت قيادة الاحتلال تحضر لبديل لهذه المؤسسات لتظهر حرصها على تقديم المعونات الإنسانية للسكان أمام العالم، فقدمت أسوء نموذج عرفه التاريخ، مؤسسة أمريكية تطلق على نفسها (مؤسسة غزة الإنسانية) والتي انكشفت أمام العالم منذ اليوم الأول بأنها مؤسسة أمنية تعمل تحت غطاء وحماية الالة الحربية الاسرائيلية، وتشارك في مسرحية توزيع المساعدات بغرض التضليل، وقد ظهر عناصرها مسلحين في النقاط التي عملت فيها، حيث تورطت هذه المؤسسة في التغطية على جرائم مروعة ارتكبها الاحتلال أثناء محاولة الحصول على المساعدات، وتحولت هذه المراكز لمصائد للموت يقتل فيها يوميا عشرات الفلسطينيين، فضلا عن مئات المصابين.

لكن على الرغم من التغطية الاعلامية المكثفة من قبل الاحتلال حول دور المؤسسة في إغاثة السكان، وأهمية ما تقدمه من برامج إلا أنه لم يفلح في تحقيق أي من أهدافه ولم يستطع خداع العالم، إذ أن الصور المفجعة للمجاعة وارتفاع أعداد الشهداء الذين أرتقوا في مراكز التوزيع التابعة لهذه المؤسسة فضح مزاعم الاحتلال، وقيد روايته، وكشف كذبه في كل ما يتعلق بملف المساعدات، وبين للعالم أن غزة تتعرض لجريمة تجويع ممنهجة، وأن هذه المؤسسة هي بمثابة كمائن ومصائد للموت فقط ولا غير، حيث تم توثيق مشاهد الاستهداف بصورة مباشرة للمدنيين العزل من الجوعى وهم يقتلون الواحد تلو الاخر على يد قوات الاحتلال التي تؤمن أعمال هذه الشركة.

لذلك فإن المطلوب اليوم فضح أعمال هذه المؤسسة، ورفع الصوت عاليا أمام العالم لتحميلها المسؤولية المباشرة عن قتل عشرات الفلسطينيين، وإيجاد طرق مختلفة للضغط عليها لمغادرة قطاع غزة، وتفعيل الضغط الاعلامي العربي والاسلامي والغربي حتى يكون الحراك والتأثير مثمرا في السياق، والمطالبة المستمرة بضرورة عودة عمل المؤسسات الأممية لاستئناف عملها الاغاثي، وتمكينها من إدخال كافة مواد الاغاثة العالقة على المعابر والتي يمنع دخولها الاحتلال منذ أشهر، وحشد الرأي العالمي في هذا السياق لمنع الاحتلال من الاستفراد بسكان القطاع، وإفشال جريمة التجويع في غزة وإنقاذ المواطنين.
 

المصدر / فلسطين أون لاين