في واحدة من أخطر المؤشرات على انهيار الأوضاع الصحية في القطاع، أعلنت وزارة الصحة في غزة تسجيل 95 حالة إصابة بمتلازمة غيلان باريه خلال الفترة الأخيرة، من بينها 45 حالة لأطفال، فيما تم تسجيل 3 وفيات خلال أسبوع واحد فقط.
هذه الأرقام تمثل قفزة مرعبة، خصوصًا أن المعدل السنوي الطبيعي للإصابات في غزة لا يتجاوز حالة واحدة.
وتمثل "غيلان باريه" حالة مرضية نادرة يُهاجم فيها الجهاز المناعي الأعصاب، مسبّبًا شللًا تدريجيًا يبدأ بالأطراف السفلية، وقد يصل إلى عضلات التنفس، ما يجعل المرض قاتلًا في حال غياب الرعاية الصحية العاجلة.
وقال مدير عام الوزارة، د. منير البرش، إن عدد الإصابات بالمرض ارتفع إلى 95 حالة، من بينها 45 إصابة بين الأطفال، إضافة إلى 3 وفيات، وهو ما يشكّل قفزة غير مسبوقة في معدلات الإصابة المعتادة داخل القطاع.
وأوضح البرش أن المرض، الذي يهاجم الجهاز العصبي ويؤدي إلى شلل تدريجي قد يصل إلى الجهاز التنفسي، يرتبط بشكل مباشر بـ تلوث المياه وسوء التغذية، لافتًا إلى أن علاجه غير متوفر حاليًا داخل القطاع.
وأشار المسؤول الصحي إلى أن الظروف البيئية والصحية في غزة باتت مهيّأة لتفشي أمراض خطيرة، في ظل اكتظاظ سكاني شديد، حيث يعيش نحو 40 ألف شخص في كل كيلومتر مربع ضمن مناطق لا تتعدى 18% من مساحة القطاع.
وأضاف: "أبلغنا منظمة الصحة العالمية بظهور المرض منذ الأسابيع الأولى، لكن لم يطرأ أي تحرك فعلي على الأرض لتوفير العلاج أو دعم النظام الصحي".
كما حذّرت وزارة الصحة من أن استمرار الحصار ومنع دخول الأدوية قد يؤدي إلى "موت بالجملة"، ليس فقط بسبب المجاعة، ولكن نتيجة الانهيار الكامل للخدمات الصحية، بما في ذلك رعاية الأمراض المزمنة والمعدية.
إلى جانب "غيلان باريه"، سجّلت وزارة الصحة في غزة 1116 حالة إصابة بالحمى الشوكية منذ بداية عام 2025، إضافة إلى زيادة كبيرة في أمراض الجهاز التنفسي، لا سيما بين الأطفال وكبار السن، في ظل نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.
ويعيش القطاع اليوم واحدة من أقسى الكوارث الإنسانية في تاريخه، حيث تتقاطع المجاعة مع حرب مدمرة شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسط شلل تام في الإغاثة الدولية.
ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، أغلق الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، منقلبًا على اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 18 يناير/كانون الثاني، والذي نصّ على إدخال 600 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يوميًا.
ومنذ ذلك الحين، بدأ سكان القطاع يعتمدون على المواد الغذائية المخزنة، والتي نفدت تدريجيًا، ما أدى إلى انتشار الجوع وسوء التغذية، خاصة مع نقص مشتقات الحليب، اللحوم، الدواجن، الخضراوات، والأدوية، بالإضافة إلى مستلزمات النظافة.