قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية خليل العناني، إن إيران دخلت "تدريجيا" في حالة الحرب عبر تعميق ضرباتها داخل دولة الاحتلال وكسر الخطوط الحمراء وهو ما يمثل تحولا استراتيجيا سيكون له ما بعده اذا استمر، معتقدا أن طهران تتحضر على ما يبدو لمواجهة طويلة.
وقال العناني: إن إيران تواجه تحالفا ثلاثيا (إسرائيلي، غربي، عربي) بهدف تدمير النظام الحاكم في البلاد.
ووضع العناني حرب إيران مع (إسرائيل) في سياق انعكاسات وتداعيات معركة "طوفان الأقصى" التي شكلت "لطمة كبيرة" في تاريخ دولة الاحتلال.
ووصف العناني عملية "طوفان الأقصى" التي بدأت صبيحة السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023 بـ"الزلزال" الذي قلب جميع المعادلات السياسية والعسكرية والجيوسياسية والأمنية في المنطقة العربية والعالم.
وأطلق تشبيها لهذه التحولات والتغيرات بـ"لحظة مخاض" للمعركة التي انطلقت من غزة وشملت لبنان وسوريا واليمن وإيران وغيرهما وستستمر لفترة طويلة من الزمان، منبها إلى أن تلك المعركة دفعت دولة الاحتلال لإعادة الحسابات؛ كونها شكلت خطرا وجوديا على مشروعه ومستقبله.
ورأى في فقرته التحليلية المصورة عبر قناته الإلكترونية، أمس، أن الأطراف الاقليمية – لم تكن على قدر من المسؤولية والفهم العميق – للمعركة التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال "الذي لم يستفيق حتى اللحظة من تلك اللطمة الكبيرة والتاريخية".
وذكر أن إيران تعرضت لأكبر خديعة كبرى وعملية تضليل وتمويه سياسي ودبلوماسي أمريكي وعربي وغربي قبل بدء الحرب – عبر المفاوضات مع واشنطن ومن خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية – وسيستخدم ذلك لاحقا كغطاء لتبرير الحرب شكليا.
إسقاط النظام
وأوضح أن الحرب من منظور (إسرائيل) ليس مجرد ضربات أو حرب عسكرية أو تقليدية بل عبارة عن محاولة تغيير للنظام السياسي والأيديولوجي في إيران، محذرا في الوقت ذاته من التضليل الإعلامي بأن "الهدف هو تدمير المنشآت النووية الإيرانية".
ووصف الأمر بأنها "حرب وجودية/ معركة صفرية .. لا بد أن يحسم الصراع والحرب لصالح طرف دون آخر ودون حلول وسط".
وشدد على أن الحرب المندلعة هدفها إسقاط النظام الإيراني كحد أعلى وكسره وإضعافه كحد أدنى بحيث لا تقوم له قائمة بعدها ويقبل بالهيمنة الأمريكية - الصهيونية على المنطقة.
وفي الوقت ذاته، حدد أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدوحة للدراسات العليا ثلاثة أهداف للحرب التي بدأها الاحتلال: تدمير البرنامج النووي، تحطيم القدرات العسكرية لإيران خاصة برنامجها الصاروخي، الدفع باتجاه وقوع انقلاب ضد النظام عبر التحريض الشعبي ودعم بعض النخب العسكرية والسياسية لتنفيذ الانقلاب.
واستدل بأن الحرب الدائرة تأتي كنتيجة صراع ثنائي بين قوتين كبيرتين في المنطقة تمتلكان مشاريع متضادة.
وتطرق إلى تحالف (إسرائيلي، غربي، عربي) هدفه إسقاط النظام الحاكم في إيران وهذا ما دفعه للاعتقاد بأن الحرب لن تكون خفيفة وسريعة – رغم أن الهدف الأساسي يتغير باستمرار - مع تغير الضربات والعوامل السياسية والداخلية.
ومن وجهة نظره، فإن التحالف الثلاثي لم يبدأ منذ اللحظة الجديدة بل نشأ قبل 20 عاما "حينما تم استبدال الخطر الصهيوني بالخطر الإيراني" على المنطقة.
وثمّة بعض الملاحظات بالنسبة للكاتب والباحث المصري، أولها/ لأول مرة في تاريخ الحروب مع الاحتلال الإسرائيلي يكون الطرف الآخر في المواجهة غير عربي وهو أمر بالغ الدلالة وسيكون له تداعيات كبيرة وخطيرة على العالم العربي خاصة الحكومات "لذلك بعضها الآن أكثر حرصا من الكيان على هزيمة إيران".
والملاحظة الثانية أن هذه أول مواجهة يخوضها الاحتلال مع دولة وليس مع جماعات أو أحزاب منذ خمسين عاما (آخر مواجهة مع دول كانت حرب 73 مع مصر وسوريا)، فيما الملاحظة الثالثة أن هذه أول مواجهة حقيقة تجري داخل دولة الاحتلال بل في عمقها السياسي والاستراتيجي والاقتصادي والتكنولوجي والبشري وليس في دوائر الصراع كالعادة (غزة والضفة وجنوب لبنان وسوريا).
وقال: "هذه المعركة الآن في قلب (تل أبيب) وقريبة من شواطئها وشركاتها ومنشأتها السيادية ومصانعها وهو أمر بالغ الدلالة والتأثير على مفهوم الأمن لدى الكيان".
وبحسب العناني فإن الملاحظة الرابعة، أن هذه أول حرب مباشرة تخوضها إيران على أراضيها منذ أكثر من ثلاثين عاما وهي حرب غير تقليدية على جميع المستويات الجيوسياسية والعسكرية والاستخباراتية (يمكن تسميتها بحرب الجيل الأول من الذكاء الاصطناعي).
وبدأت (إسرائيل) فجر الجمعة هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات، أسمته "الأسد الصاعد"، وقصفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ بمناطق مختلفة، واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين.
وفي مساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد على الهجوم بسلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيّرة، خلفت خلال أيام مئات القتلى والجرحى، فضلا عن أضرار مادية كبيرة طالت مباني ومركبات.

