أعلن الوزير الحاخام مئير جولدنوبف، عن حزب "يهدوت هتوراه" الديني، عزمه الاستقالة من حكومة بنيامين نتنياهو فور انتهاء العطلة الرسمية، في خطوة تهدد بتفكيك الائتلاف الحاكم وتفتح الباب أمام أزمة داخلية عميقة.
وأفادت القناة 12 العبرية أن هذه الاستقالة قد تُحدث تصدعًا خطيرًا داخل الحكومة الإسرائيلية التي تعتمد على أغلبية هشة، ما يجعل انسحاب أي حزب ديني بمثابة زلزال سياسي قد يزعزع استقرار حكومة نتنياهو بالكامل.
وفي الوقت الذي تزداد فيه الضغوط السياسية والاجتماعية على حكومة الاحتلال، اعتبرت منصات المستوطنين هذه الخطوة "ضربة كبيرة"، محذرين من أن انهيار الحكومة بات وشيكًا حال فقدان الدعم الحزبي من الكتل الدينية.
وفي الإطار، كشفت صحيفة معاريف العبرية، أن القيادة الدينية والسياسية لليهود الحريديم باتت على وشك الانفجار في وجه حكومة نتنياهو، بسبب الخلافات المتصاعدة حول قانون التجنيد الجديد الذي تُعده وزارة الحرب الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة عن مصدر في الأوساط الحريدية الأشكنازية قوله إن القيادة الحريدية لم تعد تقبل بصيغة التجنيد المطروحة، وترفض المسودة التي تعمل عليها لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، والتي تقضي بتجنيد ما يصل إلى 50% من أبناء الحريديم خلال سبع سنوات.
وأشار المصدر إلى أن حزب "يهدوت هتوراه" يتجه نحو رفض أي تسوية، ويميل أكثر نحو الذهاب إلى انتخابات مبكرة بدل تقديم تنازلات تمس بخصوصية "العالم التوراتي"، حسب تعبيره.
وبحسب الصحيفة، فإن القيادات الدينية وصلت إلى قناعة بأن الحكومة الحالية لم تعد تحقق أي إنجازات لصالح جمهور الحريديم، بل على العكس، فإن موجات التحريض ضدهم تتزايد، حتى من داخل القواعد الانتخابية لحزب الليكود والتيار الديني الصهيوني.
وترى هذه القيادات أن الانتقال إلى صفوف المعارضة قد يكون أفضل من الاستمرار في حكومة تتآكل فيها الامتيازات الدينية والتوراتية التي حصلوا عليها سابقًا، ويأملون أن يؤدي ذلك إلى تهدئة الهجوم الإعلامي والسياسي ضدهم.
ويواصل الحريديم احتجاجاتهم ضد الخدمة في الجيش عقب قرار المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية) الصادر في 25 يونيو/ حزيران 2024، بإلزامهم بالتجنيد ومنع تقديم المساعدات المالية للمؤسسات الدينية التي يرفض طلابها الخدمة العسكرية.
ويعلو صوت كبار الحاخامات، الذين ينظر إلى أقوالهم باعتبارها فتوى دينية للحريديم، بالدعوة إلى رفض التجنيد، بل و"تمزيق" أوامر الاستدعاء.
ويشكل "الحريديم" نحو 13 بالمئة من سكان إسرائيل البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، ويرفضون الخدمة العسكرية بدعوى تكريس حياتهم لدراسة التوراة، مؤكدين أن الاندماج في المجتمع العلماني يشكل تهديدًا لهويتهم الدينية واستمرارية مجتمعهم.
وعلى مدى عقود، تمكن أفراد الطائفة من تفادي التجنيد عند بلوغهم سن 18 عاما، عبر الحصول على تأجيلات متكررة بحجة الدراسة في المعاهد الدينية، حتى بلوغهم سن الإعفاء من الخدمة، والتي تبلغ حاليا 26 عاما.
وتتهم المعارضة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالسعي لإقرار قانون يعفي "الحريديم" من التجنيد، استجابة لمطالب حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراه" المشاركين في الائتلاف الحكومي، بهدف الحفاظ على استقرار حكومته ومنع انهيارها.
ويُرجّح أن تُسرّع هذه الاستقالة وتيرة التصدع داخل الائتلاف، مما قد يجعل سقوط الحكومة مسألة وقت فقط، وسط تساؤلات متزايدة حول قدرة نتنياهو على الصمود في وجه العاصفة السياسية المقبلة.