في خطوة أثارت موجة من الانتقادات داخل المؤسسة الأمنية والقضائية في إسرائيل، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعيين اللواء دافيد زيني رئيسًا لجهاز الأمن العام (الشاباك)، متجاهلًا قرارًا صادرًا عن المحكمة العليا والموقف القانوني الرسمي الذي يمنعه من إجراء هذا التعيين في المرحلة الحالية.
وجاء قرار نتنياهو بعد يوم واحد فقط من صدور بيان واضح من المستشارة القانونية للحكومة، ينص على عدم قانونية التعيين في ظل تضارب المصالح المرتبط بتحقيقات "قضية قطر غيت"، التي تطال رئيس الوزراء بشكل مباشر.
الخطوة، التي وصفتها أوساط سياسية وإعلامية بـ"الاستفزازية والخطيرة"، اعتُبرت تجاوزًا فجًا لصلاحيات القضاء، وأثارت قلقًا واسعًا بين قيادات الأجهزة الأمنية، خاصة أن زيني لا ينتمي لجهاز الشاباك، ولا يملك خبرة استخبارية مباشرة.
قالت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي باهراف-ميارا، إن تعيين رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، رئيسا جديدا لجهاز الأمن العام (شاباك) هو قرار "غير شرعي وغير قانوني".
وجاء في رسالة وجهتها ميارا إلى نتنياهو، واطلعت فرانس برس على نسخة منها، الثلاثاء، "إن قراركم بشأن تعيين اللواء دافيد زيني والذي تم اتخاذه في ظل وجود تضارب في المصالح وبما يتعارض مع ما خلص إليه الحكم القضائي والتوجيهات القانونية السارية، هو قرار غير شرعي وغير قانوني".
وتابعت باهراف-ميارا في رسالتها إلى "خلصت الأحكام القضائية المتعلقة بإنهاء ولاية رئيس الشاباك ... إلى أنكم في وضع تضارب مصالح، مما يمنعكم من التدخل، بشكل مباشر أو غير مباشر، في تعيين رئيس الشاباك".
ويعود ذلك إلى تحقيق فتحه الشاباك، بتكليف من رئيسه المنتهية ولايته، حول شبهات بتلقي مقربين من نتنياهو رشاوى من جهات أجنبية.
وأرفقت المستشارة القضائية برسالتها مذكرة قانونية أعدها نائبها جاء فيها "لا بد من التأكد من سلامة سير الإجراءات القانونية بما يتيح إتمام التعيين في أقصر وقت ممكن".
وأوضحت المذكرة القانونية الصادرة عن نائب المستشارة القضائية أن "الحل القانوني يتمثل في نقل صلاحية التعيين إلى وزير آخر، يتولى تقديم مرشح إلى الحكومة، وهي الجهة المخوّلة قانونا بإجراء هذا التعيين".
الصحفي الإسرائيلي بن كسبيت كتب في صحيفة معاريف أن "نتنياهو لا يبحث عن حرب في غزة – فقد حصل عليها – بل حرب داخلية في القدس وتل أبيب وبين مواطني إسرائيل".
وأضاف أن التعيين يكشف عن محاولة لتفكيك النظام الديمقراطي الإسرائيلي من الداخل، من خلال الدفع بشخصيات غير مؤهلة ومقربة من عائلة نتنياهو إلى مواقع أمنية حساسة.
ويُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يُطرح فيها اسم زيني لمناصب رفيعة. إذ سبق وتم رفض تعيينه كسكرتير عسكري بسبب ما وصفه مقربون من نتنياهو بـ"المسيحانية الزائدة"، ما يثير تساؤلات حول دوافع التعيين الحالي، خاصة في ظل علاقات شخصية تجمع بين شقيق زيني وأحد أبرز الممولين المقربين من عائلة نتنياهو، رجل الأعمال سايمون باليك.
أعلن رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، استقالته التي ستدخل حيّز التنفيذ في 15 يونيو/حزيران المقبل.
سيتولى ديفيد زيني مهامه خلفا لرونين بار، الذي قال إنه سيتنحى بعد خلافات حادة مع نتنياهو الذي حاول إقالته في مارس/ آذار قبل وقف القرار بأمر قضائي مؤقت من المحكمة العليا.
وقضت المحكمة العليا الشهر الماضي بأن الإقالة غير قانونية، لكن بار قال إنه سيتنحى للسماح بتسليم مهام المنصب على نحو منظم.
وقال نتنياهو عندما أعلن الإقالة في مارس/ آذار إنه فقد الثقة في بار بسبب عدم قدرة جهاز الشاباك على منع هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأثارت الخطوة رد فعل غاضبا من منتقدين، قالوا إن السبب الحقيقي لإقالة بار هو تحقيق تُجريه الشرطة والشين بيت في علاقات مالية محتملة وعدد من المساعدين المقربين من رئيس الوزراء.

