بعد أكثر من عام ونصف من الحرب في قطاع غزة، يجد جيش الاحتلال الإسرائيلي نفسه في مأزق حرج. فبحسب مصادر رفيعة في المؤسسة الأمنية، يخوض الجيش حملة يعلم أنها غير قادرة على تحقيق أحد أهدافها الأساسية: تحرير الأسرى. أما الهدف الثاني، حسب ما نشر موقع "يديعوت أحرنوت" اليوم الأحد، وهو القضاء على حماس، فبات موضع شك أيضاً، نظراً لتكاليف الاحتلال الطويل والمخاطر الأمنية والسياسية المترتبة عليه.
وحسب الموقع فإن جيش الاحتلال يبدو محاصرًا من جميع الجهات: بين ضغوط عائلات الأسرى، والرأي العام الغاضب، والتناقضات في القيادة السياسية. في حين يتمسك القادة السياسيون بأهداف غير واقعية، ويهددون بمحاسبة الجيش عند فشل الخطة، مع توالي العمليات العسكرية على القطاع دون نتائج واضحة، وخطر تحول الوضع إلى احتلال دائم لقطاع غزة.
وأضاف الموقع أن الجيش، الذي أطلق مؤخراً عملية سماها "عربات جدعون"، يدرك أنه عاجز عن الانسحاب دون أن يبدو وكأنه استسلم، كما لا يستطيع البقاء في مواقعه دون تكبد خسائر بشرية فادحة. ووفق مسؤول أمني، "الخيار الوحيد المتاح أمام الجيش هو التقدم"، وهو ما قد يعني عملياً احتلال القطاع بالكامل – خطوة لا تحظى بإجماع داخل قيادة الجيش نفسها.
وأشار التقرير إلى أن التقديرات الاستخباراتية تشير إلى أن استمرار السيطرة على غزة سيتطلب بقاءً لسنوات، في ظل البنية التحتية المعقدة لحماس، من أنفاق ومراكز تحصين. الأمر الذي يرهق القوات النظامية والاحتياطية على حد سواء.
وفي بيان صادر مساء السبت، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بدء حملة واسعة في غزة لتحقيق "أهداف الحرب"، وفي مقدمتها تحرير الأسرى وهزيمة حماس. لكن الصيغة الغامضة للبيان أثارت تساؤلات حول حقيقة الميدان: هل بدأ الهجوم فعلاً أم أن الجيش يواصل الحشد فقط؟
وأوضح الموقع أن الحكومة الإسرائيلية ترفض التفاوض على اتفاق شامل مع حماس، متبنية سياسة "الضغط دون نتيجة تفاوضية"، وهو ما وصفه مسؤول استخباري بـ"العبثي"، مؤكداً أن تحرير الأسرى يتطلب مفاوضات مباشرة.
وذكر الموقع أن رئيس الأركان الفريق إيال زامير رفض لقاء عائلات الأسرى قبل ما يسمى "يوم الاستقلال"، وسط مخاوف من توجيه اتهامات له أو تسجيل حديثه. لكنه أقر لاحقاً أن العملية العسكرية قد تعرض حياة الأسرى للخطر، في تناقض مع تصريحات سياسية تؤكد أنهم "أولوية قصوى".
كما أن وزير الحرب يسرائيل كاتس أعلن أن خطة الجيش تشمل إخلاء واسع النطاق لسكان غزة، في ما يبدو كتحول نحو سياسة التهجير "الطوعي"، وربما الدائم. كما تضمن الإعلان استخدام المساعدات الإنسانية كأداة ضغط على المدنيين، وهو ما وصفه أحد رؤساء الادعاء العسكري السابقين بأنه "انتهاك صارخ للقانون الدولي".
وأكد الموقع أن غزة تواجه حالياً نقصًا حادًا في المواد الغذائية، والجيش مطالب بتنفيذ خطة معقدة لتوزيع المساعدات عبر شركات خاصة – وهي خطة لم تدخل حيز التنفيذ بعد، بينما المجاعة تقترب.
وتساءل الموقع: في ظل تعثر المفاوضات، وتفاقم الأزمة الإنسانية، يبقى السؤال المطروح داخل المؤسسة الأمنية والسياسية، هل الحل في احتلال طويل للقطاع، أم التوجه نحو صفقة مع حماس تضع حداً للقتال؟

