بدأت محكمة العدل الدولية، اليوم الاثنين، جلسات استماع لمدة أسبوع لمناقشة الالتزامات الإنسانية "لإسرائيل" تجاه الفلسطينيين، بعد حصارها المساعدات لغزة منذ 2 آذار/مارس.
ووفقا لأجندة المحكمة، ستعقد جلسات الاستماع (مرافعات شفوية) خلال الفترة من 28 نيسان وحتى 2 أيار 2025، حيث إنّ 44 دولة و4 منظمات دولية أعربت عن نيتها المشاركة في المرافعات أمام المحكمة التي تُعقد في قصر السلام في لاهاي، مقرّ المحكمة
وانطلق الماراثون القضائي على مدار خمسة أيام في لاهاي (هولندا)، حيث بدأ ممثلو الأمم المتحدة مرافعاتهم أمام هيئة المحكمة المؤلفة من 15 قاضيا، وكانت دولة فلسطين أول من يعرض مداخلته طوال معظم اليوم.
وخلال هذا الأسبوع، ستقدم 38 دولة مرافعاتها، من بينها الولايات المتحدة، والصين، وفرنسا، وروسيا، والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الإفريقي.
ويأتي هذا التحرك بناء على قرار تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر الماضي، بناء على اقتراح من النرويج، يدعو محكمة العدل الدولية لإصدار رأي استشاري يحدد التزامات "إسرائيل" حيال تسهيل وصول الإمدادات الإنسانية العاجلة للفلسطينيين وضمان عدم عرقلتها.
وتتحكم "إسرائيل" بجميع تدفقات المساعدات نحو قطاع غزة، حيث يعتمد عليها نحو 2.4 مليون فلسطيني، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة. وقد شددت إسرائيل من حصارها منذ 2 آذار/مارس، قبل أيام من انهيار وقف إطلاق نار، وذلك عقب انتهاك حكومة الاحتلال للاتفاق، عقب 15 شهرا من القتال المتواصل.
ممثل فلسطين: "إسرائيل" تستخدم المساعدات الإنسانية سلاح حرب
أكد ممثل دولة فلسطين، أمام محكمة العدل الدولية عمار حجازي، إن "إسرائيل" تستخدم المساعدات الإنسانية كسلاح حرب ضد المدنيين في قطاع غزة، لافتا إلى أن مخزون الدواء نفد، وأن آلاف الفلسطينيين، ومنهم أطفال، بحاجة لإخلاء فوري للعلاج، كما أن هناك مئات الآلاف من الأطفال المعرضين للخطر بسبب منع الدواء والغداء.
وأشار حجازي إلى أن "إسرائيل" قتلت أكثر من 1400 طبيب وموظف في القطاع الصحي، مضيفا "هناك أطباء من غزة مختطفون من قبل إسرائيل لا نعرف عنهم شيئاً".
وأضاف أن "إسرائيل" تمنع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ شهرين، لافتا إلى تواطؤ المحكمة العليا الإسرائيلية بالتجويع من خلال إعطاء الشرعية لمنع المساعدات.
وقال إن "إسرائيل" تقوم بحملات متواصلة ضد الشعب الفلسطيني وتاريخه وتراثه، مضيفا "ما يحصل لم يبدأ منذ 18 شهراً، بل منذ سنوات عدة، لمنعنا من حق تقرير المصير".
وذكّر هيئة المحكمة بأنها أصدرت في ثلاث مناسبات سابقة، قرارات تتعلق بإسرائيل، لكن الأخيرة لم تلتزم بها، وهذه القرارات تتعلق بجدار الفصل العنصري، وإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية، وضرورة إدخال المساعدات لغزة.
وتطرق حجازي إلى قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق قادة إسرائيليين، بسبب ممارسات تتعلق بمنع دخول المساعدات الإنسانية وتجويع الفلسطينيين.
واستعرض ممثل فلسطين مجموعة من الصور أمام القضاة توثق استهداف "إسرائيل" لعمال الإغاثة في غزة، مشددا أن ما تقوم به إسرائيل يهدد الأجيال الفلسطينية المقبلة.
ممثلة الأمم المتحدة: لا تدخل أي مساعدات إنسانية إلى غزة
ومن ناحيتها، أكدت المتحدثة باسم فريق الأمم المتحدة القانوني إيلنور هاممارسكغولد، أنه لا توجد أي مساعدات إنسانية تدخل غزة منذ الثاني من مارس/ آذار الماضي، الأمر الذي أجج المعاناة الإنسانية في قطاع غزة.
وشددت على وجوب التزام كل الأطراف في الصراع بالقانونين؛ الدولي، والإنساني الدولي، ولفتت إلى أن "إسرائيل"، باعتبارها قوة احتلال، تقع عليها مسؤوليات عدة، أبرزها إعطاء منظمات الأمم المتحدة إذن العمل وفقاً للمادة 59 من معاهدة جنيف لحقوق الإنسان، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والغذاء والدواء، وعدم مهاجمة أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة.
وأكدت المسؤولة الأممية أن "إسرائيل" تستمر في خرق قرارات الأمم المتحدة باستمرارها باحتلال الأراضي الفلسطينية.
وأوضحت أنه وبحسب القانون الدولي، يُمنع على الدول احتلال أراضٍ بالقوة وضمها، مشيرة إلى قوانين سنها الكنيست الإسرائيلي، تسعى لضم أراضٍ فلسطينية لإسرائيل، من ضمنها القدس الشرقية، خلافاً للقانون الدولي.
وتطرقت المتحدثة إلى ما واجهته وكالة "أونروا" من تحديات خلال عملها في الأراضي الفلسطينية، بسبب القيود الإسرائيلية، من ضمنها منع دخول مناطق محددة وتوزيع مساعدات فيها.
وطالبت كل الأطراف بالامتثال لواجباتها إزاء القانون الدولي، وأكدت أن كل المنظمات الإنسانية في فلسطين تابعة للأمم المتحدة وتقدم خدمات أساسية، ومن واجب "إسرائيل"، بوصفها سلطة احتلال، حماية الطواقم الطبية والإنسانية وموظفي الأمم المتحدة.
وبحسب الأمم المتحدة، نزح نحو 500 ألف فلسطيني منذ انهيار وقف إطلاق النار الذي دام شهرين، بينما استأنفت "إسرائيل" هجماتها الجوية والبرية في 18 آذار/مارس، ما أدى إلى تفاقم الكارثة الإنسانية، التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها "ربما الأسوأ" منذ اندلاع الحرب.
وسبق للمحكمة في يناير 2024، أن دعت "إسرائيل" إلى منع أي أعمال قد ترقى إلى الإبادة الجماعية والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، كما طالبت في آذار/مارس باتخاذ تدابير إضافية لمواجهة المجاعة المنتشرة هناك، بناءً على طلب جنوب إفريقيا.
يذكر أن المحكمة كانت قد أصدرت في يوليو الماضي رأيا استشاريا وصفت فيه الاحتلال "الإسرائيلي" للأراضي الفلسطينية بأنه "غير قانوني"، وطالبت بإنهائه في أسرع وقت ممكن.
وقالت المحكمة إن 42 دولة ومنظمة دولية ستشارك في المرافعات الشفوية أمام المحكمة التي تعقد في قصر السلام في لاهاي.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة طلبت في كانون الأول الماضي، من العدل الدولية إصدار فتوى بشأن التزامات "إسرائيل" فيما يتعلق بوجود وأنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفيما يتعلق بها.
وسيكون برنامج المرافعات الذي يستمر أسبوعا كاملا كالاتي: اليوم الاثنين وبعد افتتاح الجلسة، سترافع كل من الأمم المتحدة، وفلسطين، ومصر، وماليزيا.
وفي اليوم الثاني الخميس 29 نيسان: جنوب أفريقيا، والجزائر، والسعودية، وبلجيكا، وكولومبيا، وبوليفيا، والبرازيل، وتشيلي، وإسبانيا.
ويوم الأربعاء 30 نيسان: الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الروسي، وفرنسا، والمجر، وإندونيسيا، وتركيا، وإيران، والأردن، والكويت، ولكسمبورغ.
ويوم الخميس الأول من أيار: جزر المالديف، والمكسيك، وناميبيا، والنرويج، وباكستان، وبنما، وبولندا، والمملكة المتحدة.
ويوم الجمعة 2 أيار: الصين، والسنغال، وسلوفينيا، والسودان، وسويسرا، وجزر القمر، وتونس، وفانواتو، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الإفريقي.

