يُعد الفن بكافة أشكاله وسيلة مهمة في إيصال معاناة الشعب الفلسطيني، كونه يوُلد من رحم الآلام ويلامس الواقع الذي يعيشه المواطنون في مختلف الأزمان، ناهيك عن الحملات
الإلكترونية التي تنشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ وذلك بالتزامن مع مرور الذكرى المئوية لوعد بلفور الصادر عام 1917في سبيل إيصال رسالةٍ شعبها يرزح تحت وطأة المعاناة والتشريد منذ عشرات السنوات، من خلال التشريد والتهجير.
وقعٌ خاص
الدكتور علاء اللقطة أحد أشهر فناني الكاريكاتير، والذي عُرف عنه أنه لا يترك مناسبةً إلا ويجسدها بطريقته الخاصة، ومن بينها ما يتعلق بمرور مئة عامٍ على وعد بلفور "المشؤوم"؛ يقول لــ "فلسطين": "أسعى من خلال رسم الكاريكاتير إلى دحض شرعية الاحتلال بوعد من لا يملك لمن لا يستحق، وإبراز الدور المشؤوم للقوى العظمى التي تدعي الديمقراطية والحرية ثم تمكن الاحتلال من سلب حقوق شعبٍ بأكمله".
ويتابع حديثه: "ذكرى مئوية بلفور هذا العام لها وقعٌ خاص وأهمية قصوى، وعلينا أن نبذل جهدنا للتأكيد على زيف الوعد ومحاكمة القائمين عليه".
ويرى أن أهمية فن الكاريكاتير تتجلى في قدرته على بلورة فكرة أن "الأجيال الفلسطينية المتعاقبة تتمسك بحقها في كامل التراب"، وأن "حنظلة" سيستمر في إدارة ظهره لكل هذه الوعود الكاذبة، وأن يوم التحرير بات قريباً.
ويشير اللقطة، إلى أن الفن الساخر يولد من رحم المعاناة، لأن التعبير الساخر يأتي حين يبلغ الألم ذروته؛ لافتاً إلى وجود فرقٍ جوهري بين السخرية للإضحاك والسخرية لشدة المرارة، و"الحالة الثانية" هي ما يعيشه المواطن الفلسطيني ويعبر عنها الفنان بريشته.
وحول تأثير الفن الساخر فيما يتعلق بوعد بلفور، أكد اللقطة ضرورة استثمار الفن في تفريغ "بلفور" من مضمونه وسحب البساط من تحت شرعيته.
كما دعا إلى تسليط الضوء على صمود الشعب الفلسطيني وتعاظم إرادته لدحر الاحتلال مهما طال الزمن، مستدلاً بمقولة "الكبار يموتون والصغار لا ينسون حقهم في أرضهم من البحر إلى النهر".
وأيدت ذلك الفنانة التشكيلية أمية جحا، بتأكيدها على ضرورة تسليط الضوء على قضية الشعب الفلسطيني وتوصيل رسالتها من خلال الفن.
ولفتت جحا خلال حديثها مع "فلسطين"، إلى أهمية تجسيد الفن واستثماره في خدمة القضية الفلسطينية، قائلةً إن فن الكاريكاتير يعد من أكثر الفنون المفضلة لدى الجمهور، كونه يختزل القضية في صورةٍ بسيطة.
ودعت جحا إلى توحيد الرسومات واللوحات المتعلقة بوعد بلفور وجمعها من مختلف الرسامين والفنانين في الداخل والخارج، ووضعها في معرضٍ متنقل عبر دول العالم العربي والأوروبي.
واعتبرت أن الفن إحدى الوسائل المهمة في تفعيل القضية الفلسطينية في مختلف المحافل الدولية، لكشف القناع عن حقيقة العدو الذي يصنع الأكاذيب والادعاءات.
نشاط متزايد
وفي سياق آخر، يُلاحظ أنه تكثر الفعاليات والورش المتعلقة بإحياء ذكرى مرور مئة عام على وعد "بلفور" المشؤوم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي على صفحات الإنترنت.
وجرى إنشاء صفحة في ذكرى هذه المناسبة حملت اسم "مئوية وعد بلفور"، وتضمنت التعريف بالأراضي الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بها.
ونشر الباحث والروائي الأردني المهندس محمد رفيع، عبر الصحفة العديد من الحقائق والتواريخ التي تثبت ملكية الشعب الفلسطينية للأرض، وبعض الثورات التي خاضها الشعب مع الاحتلال الاسرائيلي.
ويوضح رفيع خلال منشوراته حجم الأضرار التي لحقت بالفلسطينيين جراء الوعد "المُزيّف"، الذي أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، معتبراً إياه "من مهازل الحق والتاريخ البريطاني الحالي".
وفي سياقٍ ذي صلة، تضجّ مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من تغريدات النشطاء عبر العديد من الأوسمة الخاصة، التي تندد بوعد بلفور "المشؤوم" والنكبات التي لحقت بالشعب الفلسطيني عقب توقيعه.