في غمرة استعدادات الكيان العبري والحكومة البريطانية إلى الاحتفال بمئوية وعد بلفور، يرى عضو حزب العمال البريطاني زياد العالول أن على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية مقاضاة لندن في محكمة العدل الدولية.
وتعد خطوة الحكومة البريطانية استفزازًا للشعب الفلسطيني حتى البريطانيين، حسبما يقول العالول في حوار مع صحيفة "فلسطين"، لكنها في الوقت نفسه تذكر العالم بأن الكيان العبري الذي أنشئ بموجب هذا "الوعد" لا يمتلك أي شرعية.
ويؤكد أنه لا يوجد إسرائيلي يعتقد أنه سيحتفل بمئوية تأسيس الكيان، لافتًا إلى أنهم الآن يتحدثون عن زواله.
ويصف الفلسطينيون بالمشؤوم وعد بلفور، الرسالة التي أرسلها جيمس بلفور في الثاني من نوفمبر 1917م إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد، يخبره فيها بتأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
يقول العالول: "إن السلطة وقيادة منظمة التحرير طالبتا لندن بالاعتذار"، لكنه يضيف: "أعتقد لا يوجد جهد رسمي أكثر من ذلك، وكنا نتمنى أن تكمل هذه الخطوة قيادة المنظمة وتسير باتجاه خطوات عملية، بمعنى أخذ بريطانيا إلى محكمة العدل الدولية، ومقاضاتها على هذا الجرم".
وكان رئيس السلطة محمود عباس طالب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أخيرًا بريطانيا بالاعتذار عن وعد بلفور، وتقديم تعويضات للفلسطينيين عن احتلال دولتهم، وترفض الحكومة البريطانية تقديم أي اعتذار بهذا الشأن، بل إنها تعرب عن "الفخر" بدور بريطانيا في تأسيس الكيان العبري على أرض فلسطين.
وعلى المستوى الشعبي رصدت أكثر من 60 فعالية ضد وعد بلفور، وبريطانيا ستشهد تظاهرة يصفها العالول بأنها "ضخمة" في الرابع من الشهر الجاري، ضد وعد بلفور، فضلًا عن توقيع عريضة تطالب لندن بالاعتذار، وتحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية.
ويتابع: "إن حملة إلكترونية أطلقت أمس من المتوقع أن تشارك فيها 30 دولة، تحت وسم (هاشتاج) واحد"، مشيرًا إلى أن فعاليات أخرى ستنفذ في لبنان في الـ17 من الشهر الجاري، وأيضًا في أماكن مختلفة من العالم، "كلها ترفع صوت الفلسطينيين، وترسل رسائل مناصرة وتعزز صمودهم في الداخل، وأيضًا توجه رسالة إلى بريطانيا وحليفها الكيان العبري بأن الشعب الفلسطيني مازال حيًّا، ويطالب بحقه".
ويؤكد أن عودة الفلسطينيين إلى ديارهم في فلسطين المحتلة حتمية.
وفيما يتعلق بمدى التفاعل الشعبي البريطاني المناهض لموقف لندن يتوقع العالول أن يكون 70% من جمهور التظاهرة المرتقبة بريطانيين، مشيرًا إلى أن رئيس حزب العمال جيرمي كوربين رفض دعوة الحكومة للعشاء بمناسبة الوعد.
ويقول: "معظم تيارات الحزب العمالية النقابية مؤيدة للقضية الفلسطينية"، مبينًا أن التظاهرة "تؤكد أن هناك تأييدًا شعبيًّا كبيرًا لقضية فلسطين من الجمهور البريطاني، والكثير من البريطانيين يتحدثون عن أن من وقع وعد بلفور وأيده لا يمثلون الشعب البريطاني بأكمله".
ويرى العالول أن احتفال الحكومة البريطانية والكيان بمئوية بلفور "يؤكد أنه مشروع استعماري، وأن بريطانيا مازالت مستمرة بالدور الاستعماري نفسه، مع أنها اليوم ليست كالأمس، ولا كما كانت قبل 100 عام، فهي (المملكة المتحدة) لم تعد العظمى القوية الاستعمارية التي كانت تسيطر على ثلثي الكرة الأرضية".
ويلفت إلى أن من سيحتفل بالوعد هي "حكومة يمينية متطرفة" في بريطانيا تمعن في مشروع وعد بلفور الاستعماري لمصالح سياسية، "وستحتفل مع مجرم الحرب (رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو) في العاصمة لندن"، لكنه يؤكد أن هؤلاء لن يسعدوا بالاحتفال؛ "فآلاف المتظاهرين سيحاصرونهم وينغصون عليهم، ويذكرونهم بأن هذا احتلال عمره قصير وسيزول".
ويرى العالول أن الاحتفالية المرتقبة تؤكد أن بلفور مشروع استعماري، وتذكر العالم بأن الكيان ولد بهذا القرار، بمعنى أن اليهود والصهاينة لم تكن لهم "دولة".
"إن هذا يكشف عورة الاحتلال" والكلام لا يزال للعالول، الذي يبين أن الكيان العبري أقيم بورقة من الخارجية البريطانية.
وترمي الحملة المناهضة لوعد بلفور إلى التوعية الشعبية في بريطانيا والعالم بأن الكيان العبري أقيم على حساب الشعب الفلسطيني، وأن الإسرائيليين لم يكن لهم أساس في أرض فلسطين ولا تاريخ ولا حضارة، بحسب قول العالول.
ويرى أن هذا الاحتفال البريطاني الإسرائيلي "يكشف عورتهم، وأن إمعان الحكومة البريطانية بالاحتفال استفزاز للشارع البريطاني المؤيد للحق الفلسطيني"، لافتًا إلى أن وعد بلفور كان ممن لا يملك لمن لا يستحق.
ويعتقد العالول أنه لا ثقة لدى الإسرائيليين بأن كيانهم سوف يكمل 100 عام، لافتًا إلى أنهم "يتحدثون الآن عن زواله".
"قوة وهمية"
وعن سؤال بشأن أسلحة الاحتلال الإسرائيلي يجيب: "إن الاحتلال غير قادر على حماية نفسه، بمعنى أن صواريخه النووية لا يمكنه أن يستخدمها ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة سنة 1948م، ولا في الضفة ولا في القطاع، لأن هذا السلاح النووي سيدمره".
ويضيف: "لاحظنا أنه حتى الصواريخ المحلية الصنع قادرة على أن تزعزع أمن الكيان"، واصفًا القوة التي يمتلكها بأنها "وهمية، مستمدة من حلفائه في الغرب".
ويتابع: "الحال يتغير، فأوروبا العظمى التي كانت تسيطر، وكذا أمريكا وغيرها تغيرت الآن، ولديهما ما يشغلهما، والعالم يعيش في مأزق ومشاكل اقتصادية وسياسية، وبريطانيا نفسها تعيش في مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي، وربما تفكك المملكة المتحدة التي تضم أربع مقاطعات".
ويرى العالول أن الكيان يدرك أنها ليست القوة الكبرى والمهيمنة، خاصة أنه في محيط عربي إسلامي، وهو يحمي نفسه بحلفائه في الغرب، لكن "الحلفاء يتغيرون، وحليف اليوم ليس بالضرورة أن يكون حليف الغد، بالنهاية تحكم علاقتهما المصالح، التي تتغير بتغير الزمان والمكان".
وعن واقع الفلسطينيين بعد 100 عام على وعد بلفور يقول: "وجودنا وحده تحد، ويكسر إرادة المستعمر، ومازال الشعب الفلسطيني صامدًا داخل الأرض المحتلة"، مضيفًا: "وعد بلفور لم يلغ تاريخ فلسطين ولا حضارتها".
ويتمم: "بعد قرن على وعد بلفور نحن إلى العودة أقرب، وأمل التحرير بات أقرب من أي وقت مضى، شعبنا في الأرض المحتلة مازال يقاوم، وفي الخارج هناك جسم كبير يدعم صمود ومقاومة شعبنا الفلسطيني في الداخل".