بين الفرحة والصدمة التي عاشها الشعب الفلسطيني، الأولى كانت الفرحة بالمصالحة والثانية الحزن والحداد الذي خيم على قطاع غزة باستشهاد 7 وإصابة 12 آخرين بجراح متفاوتة، حسب وزارة الصحة في قطاع غزة، نتيجة تفجير جيش الاحتلال الإسرائيلي لنفق باستخدام اسلحة محرمة داخل الشريط الحدودي شرقي خان يونس الاثنين الماضي.
هذه المرة ليست الاولى التي يتحجج فيها الاحتلال الاسرائيلي بوجود انفاق لينفذ مجازره التي تعود عليها طول فترة الـ6 عقود السابقة من تأسيسه حتى يومنا هذا وهو يقتل ويجزر ويهدم ويهود ويهجر ويأسر وقائمة الجرائم طويلة...
لعل أهم الاسباب التي دفعت قوات الاحتلال لارتكاب هذه المجزرة البشعة:
أولا: جاء تفجير الجيش الإسرائيلي الاثنين، نفقا داخل الشريط الحدودي شرقي خانيونس جنوبي قطاع غزة، معاكسا لحالة الهدوء الميداني التي يشهدها القطاع في الفترة الأخيرة؛ بالرغم من المناورات المفاجئة لجيش الاحتلال التي "بدأت صباح الاثنين وحتى نهايته" بإشراف من وزير حرب الاحتلال، ليبرمان، وفق ما ذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جون مانليس.
ثانيا: استخدام وسائل تكنولوجية متقدمة، وهو ما أكده، ليبرمان، بقوله: إن "اكتشاف النفق جاء بفضل طفرة تكنولوجية". (فإسرائيل) منذ انتهاء حرب 2014م تعمل بشكل حثيث على الأرض لأجل مكافحة منظومة الأنفاق التي فشلت في القضاء عليها وعززتذلك ببناء الجدار الإسمنتي تحت الأرض وما تضمنه من مجسات تقنية للكشف عن الأنفاق ومنعها من اجتياز السياج الفاصل شرق قطاع غزة.
ثالثا: لعل التعاون الإسرائيلي الأمريكي الحثيث في مكافحة الانفاق ساعد الاحتلال بدرجة كبيرة، من خلال المعدات العسكرية الأمريكية التي يتم إدخالها بشكل متواصل للجيش الإسرائيلي لمكافحة أنفاق المقاومة الممتدة من قطاع غزة إلى داخل الأراضي المحتلة.
رابعا: اراد جيش الاحتلال من تفجير النفق ارسال الرسائل للرأي العام الإسرائيلي أنه لا يكل ولا يمل من العمل لأجل وقف حفر الأنفاق وتطويرها والحفاظ على أمن المستوطنين المقيمين في المستوطنات المحيطة بقطاع غزة، ولن يتكرر ما حدث في 2014م.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه لم يأخذ الفلسطينيين بهذه الاسباب، هل غفلوا مكر الاحتلال؟ ولماذا لم يتوقع الفلسطينيون أسوأ الاحتمالات، وهو ما أكده ليبرمان أن النفق الذي تم استهدافه كان تحت المراقبة لفترة طويلة من قبل جيشه، ولكن لم تتخذ إجراءات لتدميره، وتم تأجيل ذلك إلى التوقيت المناسب؟ فإما أننا لا نسمع ضجيج "الزنانات" التي تحوم ليلا ونهارا في الجو، أو اننا جهلنا مناورات وتدريبات قوات الاحتلال جهارا نهارا على الحدود والسدود واستدعاء قوات الاحتياط والنخب على جميع العدة والعتاد العسكري وبشكل مكثف في الايام التي سبقت المجزرة؟! لماذا لا نتعلم من دروس الماضي ونأخذ الحيطة والحذر ونكون على اهبة الاستعداد لكل طارئ، كما يقولون "انما الحرب خدعة"؟
لقد استغل الاحتلال حالة الهدوء والفرحة التي كانت سائدة في قطاع غزة وانقض على الفريسة بسهولة وارتكب مجزرة النفق بحجة الامن ولو كان يقصد ذلك فعلا لدمره وهو فارغ وليس الحاجة لارتكاب المجزرة، لكنه كان قاصدا اراقة الدماء وتصفية الشعب الفلسطيني مستغلا صمت المجتمع الدولي وملهاة العرب ببعضهم البعض وايضا تنغيص فرحة الفلسطينيين وتسميم أجواء المصالحة واهم من هذا وذاك الانتقام من اهالي قطاع غزة الذي صمد صمود الابطال في وجه عدوانه لواحد وخمسين يوما رغم الحصار والدمار الذي تسبب به الاحتلال طول عشر سنوات ويزيد.