فلسطين أون لاين

الاقتصاد الإسرائيلي تحت الضَّغط.. الطبقة المتوسطة تترنح أمام موجات الفقر

...
الاقتصاد الإسرائيلي تحت الضَّغط.. الطبقة المتوسطة تترنح أمام موجات الفقر
غزة/ رامي محمد

تتعرّض الطبقة المتوسطة في دولة الاحتلال لضغوط اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة، ما يؤدي إلى تآكلها بشكل ملموس.

فقد كانت تُعدّ تلك الطبقة الدعامة الأساسية للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، إلا أن تداعيات الحرب أحدثت خلخلة عميقة في بنيتها، ما دفع شريحة كبيرة منها إلى حافة الفقر، والوقوف أمام الوزارات والجمعيات طلبًا للمساعدة، وأجبر شريحة أخرى على إعادة تشكيل هويتها الاقتصادية والاجتماعية.

بيّن الاختصاصي خالد أبو عامر أن الإعلام الإسرائيلي بدأ مؤخرًا بتسليط الضوء على الزيادة الكبيرة في عدد الأسر داخل دولة الاحتلال، التي تواجه تحديات معيشية واقتصادية متفاقمة بسبب استمرار الحرب.

وقال أبو عامر لـ "فلسطين أون لاين" إن "طوابير طويلة من الإسرائيليين، من الطبقتين المتوسطة والفقيرة، باتت تقف أمام المؤسسات الحكومية والمنظمات المجتمعية طلبًا للمساعدة"، مشيرًا إلى أن المشهد يعكس مدى التدهور الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي.

وأوضح أن دولة الاحتلال، التي تركز معظم إنفاقها على النفقات العسكرية، لم تعد قادرة على إخفاء حجم الأزمة الداخلية، ولا على التغطية على ما يعانيه المجتمع من صعوبات معيشية خانقة، في ظل وضع اقتصادي مرهق.

وأضاف: "الحرب تجاوزت عامها الأول، وهذا أمر غير معتاد بالنسبة لدولة الاحتلال التي كانت تخوض حروبًا خاطفة ومحدودة المدة، أما اليوم، فهي أمام حرب استنزاف طويلة، انعكست سلبًا على البنية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع بأسره".

وأشار أبو عامر إلى أن ذلك، بلا شك، يزيد من حالة السخط الشعبي تجاه حكومة الاحتلال، التي فشلت حتى الآن في كبح جماح التضخم، ولم تتمكن من إعادة توفير فرص عمل لأولئك الذين اضطروا إلى التوقف عن العمل نتيجة نزوحهم من مناطقهم، خاصة في الشمال، بسبب الحرب.

وأوضح أن العديد من هؤلاء تم الاستغناء عن خدماتهم بعد أن توقّفت شركات إسرائيلية عن العمل، أو قررت تقليص نشاطها داخل دولة الاحتلال ونقل أعمالها إلى مناطق أكثر أمانًا واستقرارًا، ما فاقم أزمة البطالة وعمّق الأثر الاقتصادي للحرب على الطبقة المتوسطة والشرائح الهشّة.

ووفقًا لتقارير رسمية، يعيش نحو 1.98 مليون شخص في دولة الاحتلال تحت خط الفقر، ما يعني أن 20.7% من السكان يعانون من الفقر، مما يضع دولة الاحتلال في المرتبة قبل الأخيرة بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من حيث معدلات الفقر.

كما أدّت الحرب المستمرة إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية، حيث ارتفع الدين العام الإسرائيلي بنسبة 68% نتيجة لتمويل العمليات العسكرية.

من جهته، أوضح الاختصاصي د. نائل موسى أن الطبقة البرجوازية وأصحاب رؤوس الأموال تأثّروا هم أيضًا بتداعيات الحرب. فقد اختار بعضهم الفرار بأموالهم إلى خارج دولة الاحتلال، "لأن رأس المال جبان" على حدّ تعبيره، بينما يحاول البعض الآخر التكيّف مع الواقع المعيشي الجديد، مستندين إلى ما يملكونه من ثروات، أو إلى ارتباط مصالحهم التجارية بمؤسسات حكومية ورسمية.

وأضاف موسى لـ"فلسطين أون لاين" أن "هذه الفئة لا تستطيع الانسحاب بسهولة، لأن خروجها أو انهيارها قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة، قد تصل إلى الزجّ ببعضهم في السجون، أو التسبّب بانهيار مؤسسات مالية واقتصادية حساسة، خصوصًا في قطاع المال وتجارة الذهب"، مشيرًا إلى أن مثل هذه الانهيارات سيكون لها وقع مأساوي على المنظومة الاقتصادية بأكملها.

وأكد موسى أن الطبقة المتوسطة في دولة الاحتلال أصبحت اليوم أكثر هشاشة، وأقرب من أي وقت مضى إلى إنتاج أعداد متزايدة من الفقراء.

وأشار إلى أن هذه الطبقة تواجه مرحلة مفصلية من الانكماش والتآكل، نتيجة استمرار الحرب وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.

وأضاف موسى: "تحوّل الطبقة المتوسطة من شريحة مستقرة إلى متلقٍ للمساعدات الاجتماعية يعكس عمق الأزمة، ويهدّد الاستقرار المجتمعي، ويزيد من الأعباء على الدولة وعلى النظامين الاقتصادي والاجتماعي بشكل عام".

المصدر / فلسطين أون لاين