أكد مدير مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان، محمود الحنفي، أن (إسرائيل) تمارس سياسة تجويع ممنهجة بحق أهالي قطاع غزة، في انتهاك جسيم للقانون الدولي، من خلال منع دخول المواد الغذائية والطبية والمياه، واستهداف مصادر الحياة الأساسية، بهدف تحقيق أهداف سياسية وعسكرية على حساب المدنيين.
وقال الحنفي، الخبير في القانون الدولي، لـ "فلسطين أون لاين" أمس، إن "ما يحدث في قطاع غزة من حصار خانق، وإغلاق تام للمعابر، ومنع دخول الغذاء والماء والدواء، يعد جريمة مكتملة الأركان، ويصنّف كجريمة حرب واستخدام واضح للتجويع كسلاح ضد السكان المدنيين".
وأضاف أن "هذه الممارسات لا تترك أي مجال للشك بأنها تنتهك أحكام القانون الدولي الإنساني، وتحديدًا اتفاقيات جنيف التي تحظر بشكل قاطع استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب".
وأوضح الحنفي أن المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1977، تنص بوضوح على أنه "يحظر تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب القتال"، كما تحظر مهاجمة أو تدمير أو إزالة أو جعل الأشياء التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين غير صالحة للاستعمال، بما في ذلك المواد الغذائية، والزراعة، ومصادر المياه.
وتابع: "ما نشهده في غزة هو مثال صارخ على انتهاك هذه القواعد، حيث تستخدم (إسرائيل) المعابر كسلاح، وتمنع إدخال المواد الأساسية للحياة، وتستهدف البنية التحتية التي يعتمد عليها السكان للبقاء، مثل المخابز ومستودعات المساعدات ومصادر المياه. بل إننا رأينا قصفًا مباشرًا لآليات نقل الغذاء والماء، وهذا لا يمكن تفسيره إلا كسلوك مقصود لهدف عسكري أو سياسي".
دعوة إلى المحاسبة الدولية
ودعا الحنفي المجتمع الدولي والمؤسسات القانونية إلى اتخاذ خطوات فعلية لمحاسبة دولة الاحتلال على جرائمها في غزة، مؤكدًا أن "إفلات (إسرائيل) من العقاب طوال السنوات الماضية شجعها على ارتكاب مزيد من الانتهاكات، والتجويع الممنهج هو إحدى أخطر هذه الانتهاكات، لأنه لا يستهدف مقاتلين أو بنى عسكرية، بل يقتل ببطء كل طفل وامرأة ومريض ومسن".
وأضاف: "يمكن ملاحقة هذه الجريمة على مستوى المحكمة الجنائية الدولية، بموجب المادة الثامنة من نظام روما الأساسي، التي تعتبر تعمد تجويع المدنيين جريمة حرب. ويمكن أيضا استخدام هذا الانتهاك كدليل إضافي ضمن ملف الإبادة الجماعية الذي تنظر فيه حاليا محكمة العدل الدولية بناء على الشكوى المقدّمة من جنوب أفريقيا".
وأشار الحنفي إلى أن "منظمات حقوق الإنسان مطالبة بجمع الأدلة وتوثيق الشهادات والعمل مع الفرق القانونية الدولية لبناء ملفات متكاملة، لأن ما يحدث في غزة ليس أزمة إنسانية عابرة، بل هو تنفيذ لإستراتيجية ممنهجة تهدف لكسر صمود السكان وتفريغ الأرض من أهلها".
التجويع وسيلة إبادة
واعتبر الحنفي أن استخدام التجويع كوسيلة إبادة هو "سلاح جبان"، يُستخدم ضد الفئات الأضعف في المجتمع، وقال: "حين تفرض (إسرائيل) حصارًا يمنع دخول حليب الأطفال وعبوات الماء وجرعات العلاج الكيميائي لمرضى السرطان، فهي لا تحارب مقاومين، بل ترتكب فعليًا جريمة إبادة ضد السكان المدنيين".
وشدد على أن "القانون الدولي لا يسمح بأي حال من الأحوال باستخدام أسلوب التجويع أو العقاب الجماعي، وأن السكوت الدولي عن هذه الجرائم يُعد تواطؤًا غير مباشر، ويمنح الاحتلال مزيدًا من الوقت للاستمرار في سياساته القاتلة".