وجّه رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي رونين بار، اتهامات مباشرة لنتنياهو، محذرًا من محاولات تسييس الجهاز وتحويله إلى "شرطة سرية".
جاء ذلك عشية نظر المحكمة الإسرائيلية العليا في الالتماسات ضد الإقالة المتوقعة خلال الأسبوع الجاري.
في حين شددت المستشارة القضائية لحكومة الاحتلال، غالي بهاراف ميارا، على موقفها الرافض لإقالة رئيس الشاباك، معتبرة أن "القرار بإنهاء ولايته من أساسه ينطوي على خلل وعلى تضارب مصالح شخصي من جانب رئيس الحكومة".
كما لفتت المستشارة القضائية إلى "التحقيقات الجنائية التي تطال مقربين من رئيس الحكومة"، معتبرة أن الإقالة "ستؤدي إلى تحويل المنصب إلى وظيفة ولاء سياسي".
وأرفقت بهاراف ميارا موقفها برسالة من رئيس الشاباك نفسه، تتضمن اتهامات غير مسبوقة ضد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إذ كتب بار: "ثمة صلة مباشرة بين قدرة رئيس الشاباك على أداء مهامه بأمانة وبين وجود آليات سليمة لإنهاء ولايته. النتيجة الخطيرة المحتملة لمثل هذا المساس قد تؤدي إلى تحويل الجهاز إلى 'شرطة سرية'".
وتعزّز شهادة بار أن استمرار الحرب على عدة جبهات يخدم، في جوهره، المصلحة السياسية الشخصية لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إذ يخشى من أن تؤدي صفقة تبادل أسرى شاملة إلى انهيار التحالف السياسي الداعم له، لا سيما مع حزبي اليمين المتطرف اللذين يشكلان العمود الفقري للائتلاف الحاكم.
غير أن الأهم من ذلك، بحسب بار، أن استمرار الحرب يُستخدم أيضًا كأداة لإلهاء الرأي العام عن مسار محاكمته، وذريعة لتبرير التأجيلات المتكررة، بما في ذلك تأجيل أكثر مراحل المحاكمة حساسية بالنسبة لنتنياهو وهي الاستجواب المضاد من قبل الادعاء.
وشدد بار على أن "المضي في إجراءات الإقالة على عجل، وفي فترة حساسة، تزامنًا مع تحقيقات جنائية في شأن مقربين من نتنياهو، ومن دون مسار سليم، ومن دون منحه فرصة عادلة للرد، يعني إيصال رسالة واضحة إلى جميع كوادر قيادة الشاباك، بما في ذلك رؤساء الجهاز المستقبليين، بأنهم إذا لم يكونوا موضع رضا سياسي، فسيُطاح بهم فورًا".
وأضاف بار: "نتنياهو طلب مني رأيًا أمنيًا يفيد بأن الوضع الأمني لا يسمح له بالإدلاء بشهادته في المحكمة، وكان ذلك بداية مزاعم انعدام الثقة. رئيس الشاباك ليس 'موظف ولاء' ولا 'تابعًا شخصيًا' لرئيس الحكومة أو لأي جهة سياسية".
وتطرّق بار في رسالته إلى التحقيق مع مقربين من نتنياهو، وقال: "من واجبي ضمان تحقيق المصلحة العامة، المستمدة من خطورة الشبهات، وهي الوصول إلى الحقيقة في هذه القضية الحساسة والمعقدة والمهمة. وإذا رأت المحكمة أنه من المناسب، أطلب تقديم المعلومات المتعلقة بهذه المسألة خلف أبواب مغلقة وبجلسة سرية".
وأضاف أنه "إلى جانب ذلك، تطلّب الأمر مني التمسك باستقلاليتي المهنية في قضايا تتعلق بطريقة تعامل الجهاز مع قضايا تخص مواطني إسرائيل، وكذلك في ما يخص تفعيل صلاحيات الجهاز ضد مواطني الدولة".
وجاء في الرسالة: "يبدو أن دوافع 'انعدام الثقة' من جانب رئيس الحكومة بدأت بالتراكم في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، مع تشكيل ترتيبات الحماية المرتبطة بإدارة محاكمته الجنائية، وتصاعدت حين بعثت برسالة للوزراء أوضحت فيها الحاجة إلى لجنة تحقيق رسمية".
وأضاف بار "ازدادت حدّتها (دوافع ‘انعدام الثقة‘) بعد عرض تحقيق الشاباك، الذي عرض إلى جانب تفصيل الإخفاقات في أداء الجهاز، الحاجة إلى مراجعة أوسع للسياق والسياسات التي عمل الجهاز في إطارها"، وإشارة الجهاز الواضحة والصريحة إلى ضرورة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة.
وقدّمت حكومة الاحتلال، صباح اليوم الأحد، ردها إلى المحكمة العليا على الالتماسات المقدمة ضد قرار إقالة بار، في ردّ مستقل عن موقف المستشارة القضائية للحكومة، جاء فيه أن "استمرار بار في منصبه يُشكل مساسًا لا يمكن إصلاحه بأمن الدولة".
وجاء في رد الحكومة: "فرض الاستمرار في الولاية أمر غير معقول ولا يتماشى مع الصلاحيات الممنوحة لحكومة منتخبة في دولة ديمقراطية مسؤولة عن أمن الدولة ومواطنيها. كل يوم أو ليلة إضافية في هذا الوضع قد تلحق ضررًا لا رجعة فيه بأمن الدولة وسلامة مواطنيها وجنودها، ومن هنا تأتي الضرورة الملحة لتنفيذ القرار".