جريمة الاغتيال التي نفذها الاحتلال أمس وسط قطاع غزة هي اختراق لمعادلة الاشتباك التي تم بناؤها منذ نهاية الحرب على غزة في أيلول 2014، وقد رسم الاحتلال سيناريو دقيقًا للجريمة التي قام بها، في تعبير عن توجه الاحتلال لخلط الأوراق في المنطقة، وخاصة في ظل التطورات السياسية.
طبيعة الجريمة التي وقعت في عدة اعتبارات سعى الاحتلال لتنفيذها وتحقيقها منساقًا لاحتياجاته دون اعتبار لما سيترتب على الحادث.
تعمد الاحتلال استهداف النفق المأهول لإيقاع الخسائر في صفوف المقاومة من خلال الاستهداف المباشر بالطائرات الحربية واستخدام صواريخ ذات دقة كبيرة تحقق هدفه بتدمير النفق وإيقاع الخسائر في صفوف المقاومين.
ادعاءات الاحتلال حول طبيعة النفق المستهدف هي عملية تضليل للمجتمع الدولي وامتداد للمواقف التي تمت خلال الفترة الماضية التي تضخم من قدرات المقاومة وتهديد الأنفاق والاستجابة لخطط جيش الاحتلال التي بدأ تطبيقها الفترة الماضية على حدود غزة، وهدد فيها قائد الجيش وكذلك قائد المنطقة الجنوبية بالاستعداد للحرب مقابل إيقاف بناء الانفاق.
لا تخفي المقاومة أن سلاحها الاستراتيجي هو الأنفاق في مواجهة الاحتلال، وهي وسائل دفاعية في مواجهة أي عدوان للاحتلال على غرار عام 2014، ويستشعر الاحتلال خطورتها المستقبلية، وأن استمرارها يمثل إذلالًا للاحتلال في أي مواجهة قادمة وتشكل كمينًا محكمًا لقوات الاحتلال.
مسارعة رئيس وزراء الاحتلال ووزير الجيش وقادة الجيش بالتفاخر بما حدث، وتهنئة الجيش بهذا الإنجاز، هي نشوة انتصار سريعة لحشد الجبهة الداخلية خلف حكم نتنياهو الذي يواجه معارضة شديدة وملفات فساد عديدة في الداخل الصهيوني، ويريد أن يثبت للجبهة الداخلية أنه يبذل جهدًا كبيرًا لمنع انتشار الأنفاق ووقف تهديدها.
إخلال الاحتلال بموازين اللعبة على حدود غزة يمكن أن يسير عكس ما يريده، وأن المقاومة لا يمكن أن تمرر الجريمة دون رد، وفي نفس الوقت الحفاظ على قاعدة إعادة الاحتلال إلى قواعد اللعبة، ووفق طريقة الرد التي تحقق فيها المقاومة هدفها بتدفيع الاحتلال ثمن الجريمة لمنع تكرارها وإيقاع الخسائر بالطريقة التي تناسب خططها وأهدافها دون الانسياق خلف اختيار الاحتلال للتوقيت والمكان المناسبين له.
لذلك المقاومة الناضجة ستكون قادرة على إعادة موازين اللعبة مجدداً وتحقق هدفها، وخاصة أن الجريمة أوقعت الشهداء من سرايا القدس ولحق بهم عدد من شهداء القسام في محاولة لإنقاذ مجموعة السرايا، وهذا دليل على عمق التنسيق بين الجانبين في الميدان، وأن كتائب القسام قد أرسلت وحدتها الخاصة بالإنقاذ للوصول إلى الشهداء والجرحى وإنقاذ عدد منهم، وأن التنسيق تجاوز الميدان إلى وحدة الميدان والمصير.