فلسطين أون لاين

ولاء قاسم.. أمٌّ تكابد مع صغارها مأساة النزوح القسري

ولاء قاسم.. أمٌّ تكابد مع صغارها مأساة النزوح القسري
ولاء قاسم.. أمٌّ تكابد مع صغارها مأساة النزوح القسري
فلسطين اون لاين

 

بينما كان الجميع ينتظر انتهاء حرب الإبادة الجماعية والعودة إلى منازلهم، كانت ولاء قاسم تراقب الأخبار بعينين متعبتين، تترقب لحظة الخلاص من رحلة النزوح القسري التي استمرت أكثر من عام ونصف العام، لكنها لم تكن تعلم أن النزوح، الذي ظنته مؤقتًا، سيصبح قدرها المفروض، وأن شبحه سيطاردها حتى اللحظة.
ولاء (٣٥ عامًا) وهي أم لثلاثة أطفال، بدأت حياتها الزوجية وذكرياتها في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، حيث كان منزلها الصغير يحتضن أحلامها وأمانيها البسيطة، قبل أن يتحول جله بفعل الحرب إلى حطام بعد أن دمره الاحتلال جزئيا.
تقول لـ "فلسطين أون لاين": "منذ بداية العدوان، أجبرت على ترك بيتي، حاملة معي أطفالي وذكرياتي، لأتنقل بين الملاجئ والمخيمات المؤقتة، وكنت في انتظار اليوم الذي أستطيع فيه العودة إليه".
ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ أواخر يناير، استبشرت خيرًا، ظنت أن معاناتها أوشكت على الانتهاء، لكن أملها سرعان ما خاب حينما قررت قوات الاحتلال استئناف الحرب في 18 مارس.
لم تكد تلتقط أنفاسها بعد النزوح القسري الأول، حتى وجدت نفسها أمام مأساة جديدة، بعدما أسقط الاحتلال منشوراته فوق منطقتها مطالبًا السكان بالمغادرة فورًا، متابعة ولاء حديثها: "لقد كان الخيار صعبًا؛ فأنا لا أريد أن أترك بيتي مجددًا، فقد سئمت الهروب والبحث عن ملجأ لا يوفر سوى الحد الأدنى من الأمان، لكني عندما رأيت عيني ابنتي التي لا يتجاوز عمرها تسع سنوات تمتلئان بالخوف، أدركت أني لا أستطيع المخاطرة أكثر، والتفكير في اي خيارات أخرى".
"خفت على أطفالي أكثر من خوفي على نفسي، لم أكن أريد النزوح، ولكن عندما سمعت بكاء صغيرتي ورأيت جسدها النحيل يرتجف من البرد، عرفت أنني مجبرة على ذلك"، تقول بصوت حزين.
وتشير إلى أن طفلتها تعاني من مشكلة في القلب، و تحتاج إلى رعاية طبية ومتابعة لا تتوفر وسط هذه الظروف القاسية وفي ظل انهيار المنظومة الصحية.
في ظل البرد القارس، وجدت العائلة نفسها في خيمة لا تقيهم من لسعات الشتاء، ولا توفر لهم الحد الأدنى من الحياة الكريمة، "لقد اجتمع علينا الخوف والبرد والجوع بعد إغلاق المعابر وغلاء الأسعار"، تضيف ولاء، وهي تخفي صوتها الباكي وكأنها لا تريد أن يسمعها أطفالها.
وتتساءل مستهجنة: "فكيف لأم أن ترى صغارها يعانون، ولا تستطيع فعل شيء سوى انتظار المجهول؟"
وبعد أن خاضت تجربة النزوح القسري سابقًا والتي وصفتها بالموجعة والمريرة، تسرد بأنها حطت رحالها في أكثر من منطقة بعد أن تركت بيتها لتمكث في بادئ الأمر بوسط غزة ثم إلى النصيرات ثم خانيونس وتبعها إلى رفح لتعود بعدها إلى دير البلح ثم النصيرات مرة أخرى، وتضع يدها على قلبها خوفًا من تكرار التجربة.
وتصف ولاء النزوح القسري: "لقد باتت ليالي النزوح طويلة، لا دفء فيها ولا أمل، سوى دعوات متكررة بأن تنتهي الحرب، وأن أتمكن من العودة إلى بيتي ذات يوم، لكن مع استمرار القصف والتشريد، بات الأمل يتلاشى يومًا بعد يوم، ولم يبقَ لي سوى أن تحاول الصمود، تمامًا كما صمدت طوال عام ونصف من النزوح المتكرر".
وتختم حديثها بدعوات ترفعها إلى السماء بأن تحمل لها الأيام القادمة خبرًا سعيدًا، أو على الأقل، ليلة دافئة لصغارها.
اخبار ذات صلة