فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

وسط انهيار القدرة الشرائية وغياب الحلول

أزمة السيولة النقدية في غزة تتفاقم مع اقتراب العيد

...
أزمة السيولة النقدية في غزة تتفاقم مع اقتراب العيد
غزة/ رامي محمد – عبد الرحمن يونس

تزداد أزمة السيولة النقدية في قطاع غزة تعقيدًا، حيث تعاني الأسواق من ركود غير مسبوق نتيجة نقص النقد المتداول وارتفاع تكلفة سحب الأموال من السوق السوداء إلى مستويات قياسية.

ومع اقتراب العيد، حيث يزداد الطلب على السيولة لشراء المستلزمات، يواجه المواطنون أوضاعًا مالية شديدة القسوة، وسط غياب أي حلول من الجهات المعنية.

منذ بدء الحرب، يعاني سكان القطاع من أزمة حادة في السيولة النقدية، التي باتت إحدى أدوات حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي.

خسائر فادحة للمواطنين

محمد حسونة، أحد موظفي "الأونروا" في غزة، يؤكد أن الأزمة تجبره على خسارة أكثر من ربع راتبه شهريًا عند سحب الأموال من حسابه البنكي، بسبب العمولات المرتفعة التي يفرضها تجار السوق السوداء. ويضيف أن الكثير من التجار باتوا يرفضون التعامل عبر التطبيقات البنكية، ما يزيد من معاناة المواطنين الذين يحاولون توفير احتياجاتهم الأساسية وسط هذه الأزمة الخانقة.

أما محمود الشريف، فيضطر إلى استخدام المحفظة الإلكترونية لاستقبال المساعدات النقدية من الجهات المانحة، بعد أن أصبح العثور على سيولة نقدية أمرًا بالغ الصعوبة. ويقول إنه يقضي وقتًا طويلًا في البحث عن تجار يعرضون عمولات أقل ليتمكن من سحب الأموال التي يحتاجها.

تشير بيانات سلطة النقد الفلسطينية إلى أن قطاع غزة يضم 56 فرعًا بنكيًا و91 ماكينة صراف آلي، إلا أن القيود الإسرائيلية المشددة تعيق نقل الأموال داخل القطاع أو من خارجه إلى البنوك المحلية، مما فاقم الأزمة الاقتصادية بشكل غير مسبوق.

ارتفاع العمولات وتآكل القدرة الشرائية

يؤكد الخبير الاقتصادي د. رائد حلس أن أزمة السيولة في قطاع غزة تفاقمت بشكل ملحوظ خلال الحرب الحالية، حيث أدى توقف عمل البنوك وانقطاع تدفق النقد إلى انكماش شديد في حجم الأموال المتاحة للتداول.

ويضيف حلس لـ "فلسطين أون لاين" إلى أن العمولات على سحب الأموال، التي بدأت عند 2% مع بداية الحرب، ارتفعت تدريجيًا حتى بلغت 25%، ما فرض أعباء مالية ضخمة على المواطنين وأدى إلى تآكل قدرتهم الشرائية.

وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي لم يسمح بإدخال أي عملات نقدية جديدة، سواء ورقية أو معدنية، طوال فترة الحرب، مما تسبب في تآكل الفئات النقدية الصغيرة، الأمر الذي جعل المعاملات اليومية أكثر تعقيدًا وأعاق النشاط التجاري.

كما أوضح أن ارتفاع تكلفة المعاملات النقدية انعكس بشكل مباشر على القوة الشرائية، حيث يضطر المواطنون إلى دفع مبالغ طائلة للحصول على أموالهم، ما أدى إلى حالة من الركود التجاري، في وقت كان يُفترض أن يشهد السوق انتعاشًا مع موسم العيد.

من جانبه، يؤكد المختص الاقتصادي أحمد أبو قمر أن الأزمة تفاقمت بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي في منع إدخال الأموال، في خرق واضح لبروتوكول باريس الاقتصادي لعام 1994، الذي ينص على ضمان تدفق السيولة إلى الأسواق الفلسطينية.

ويشير أبو قمر إلى أن سلطة النقد لم تقدم أي حلول ملموسة، ولم تصدر بيانات توضح للمواطنين أسباب الأزمة أو تضع خططًا للتعامل مع تداول العملات التالفة، لا سيما فئة العشرة شواكل، التي أصبحت شبه غير قابلة للتداول.

وأضاف أن الموظفين يضطرون إلى صرف رواتبهم من السوق السوداء بأسعار باهظة، ما يؤدي إلى خسارة نسبة كبيرة من دخلهم الشهري. كما أن قلة استخدام التطبيقات البنكية بين المواطنين تعقّد المعاملات المالية، في حين تستغل بعض المحال التجارية الأزمة برفع الأسعار عند الدفع بالتحويلات الإلكترونية، ما يضاعف الأعباء على المواطنين.

يحذر الخبراء من أن استمرار الأزمة دون تدخل واضح من الجهات المسؤولة سيؤدي إلى مزيد من التدهور الاقتصادي، مما يستدعي تحركًا عاجلًا لإدخال السيولة النقدية، وتنظيم السوق لمنع استغلال المواطنين، وتعزيز استخدام البدائل الرقمية لتخفيف الضغط على النقد الورقي.

المصدر / فلسطين أون لاين