فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

تحليل "إيجابية حماس وضعته في مأزق".. خيارات صعبة أمام نتنياهو إسرائيلًّيا وأمريكيًّا

...
رام الله- غزة/ محمد عيد:

يدفع رد حركة حماس الإيجابي بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، برئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لخيارات صعبة و"ضيقة" إسرائيليًا وأمريكيًا، بحسب وسائل إعلامية عبرية.

في المقابل، تسعى حماس من وراء "المرونة المشروطة" التي يبديها وفدها المفاوض بين القاهرة والدوحة بحضور مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إلى ربط الاتفاق بمراحله الثلاث واستحقاقاته الأساسية: الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، وإعادة الإعمار وكسر الحصار، وتبادل الأسرى.

وأعلنت حماس أول من أمس موافقتها على إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر الذي يحمل الجنسية الأميركية، إضافة إلى جثامين 4 آخرين من مزدوجي الجنسية، لكن "ويتكوف" يسعى إلى المزيد مقابل تمديد وقف إطلاق النار 50 يوما، في الوقت الذي جددت فيه حماس جاهزيتها التامة لبدء المفاوضات والوصول إلى اتفاق شامل حول قضايا المرحلة الثانية، داعية إلى إلزام الاحتلال بتنفيذ التزاماته كاملة.

وتعليقا على ذلك، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن موافقة حماس وضعت نتنياهو "في مأزق"، وعللت ذلك لأن معارضته لإطلاق سراح أسرى أمريكيين قد تؤدي لحدوث أزمة أمام الولايات المتحدة.

وذكرت "هآرتس" أنه – في حال موافقة نتنياهو على المقترح - سيكون بمثابة اعتراف بالتمييز بين الأسرى الذين يحملون الجنسية الأمريكية ونظرائهم الإسرائيليين القابعين في الأسر داخل غزة.

وتأكيدا لذلك، علقت القناة 12العبرية بالقول: "نتنياهو في مأزق الآن .. إذا وافق على هذه الصفقة التي بلورتها إدارة ترامب فهذا يعني أن (إسرائيل) فقدت السيطرة على مجريات الأمور .. وإذا رفض سينتفض عليه الشارع الإسرائيلي الذي يريد إطلاق سراح كل مختطف ولو بصفقة جزئية، وهذا سيغضب أيضًا ترامب ومبعوثيه".

وإزاء التطورات الحاصلة، سارعت عائلات الأسرى الإسرائيليين بإرسال رسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يناشدونه بإطلاق سراح جميع الأسرى بعدما تخلت حكومة نتنياهو عنهم.

"مرونة مشروطة"

ووصف الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة، موافقة حماس على مقترح الوسطاء الجديد الذي جاء بعد انتهاء المدة الزمنية للمرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 2 مارس/ آذار الجاري، بمثابة "مرونة مشروطة" للدفع بالمفاوضات واستكمال مراحل الاتفاق.

ونبه عفيفة في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أن حماس تشترط اكتمال الاتفاق بمراحله، بمعنى أن "المقترح الجديد من (ويتكوف) يكون متصلا بالمرحلة الأولى والثانية" وذلك في رسالة واضحة أنه "لا تنازلات مجانية.. ولا خطوات بلا ضمانات".

وتطرق هنا إلى تعاطي حماس بـ"إيجابية" مع مقترح الوسطاء أو "مقترح ويتكوف" ومحاولة البناء عليه وتحديدا ربطه بالإطار العام للاتفاق الذي بدأ سريان مرحلته الأولى في 19 يناير/ كانون ثاني الماضي.

وقال عفيفة: هذه النوايا الإيجابية، بحاجة لاستكمال التفاصيل وتحديدا: استحقاقات المرحلة الأولى التي تنصل الاحتلال من بنودها، أبرزها: الانسحاب الإسرائيلي من محور صلاح الدين والالتزام بـ"البروتوكول الإنساني" للاتفاق. 

وفي الموعد المحدد للاتفاق باليوم الـ 50 للاتفاق، دعت حماس الوسطاء إلى الضغط على الاحتلال للوفاء بتعهداته بما فيها الانسحاب من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) واستئناف مفاوضات المرحلة الثانية، مؤكدة أن هذا الخرق يمثل محاولة مكشوفة لإفشال الاتفاق وإفراغه من محتواه.

وتكرارا، اتهمت حماس، (إسرائيل) خلال المرحلة الأولى (42 يوما) بعدم الالتزام بالبروتوكول الإنساني للاتفاق، وعدم إدخال المساعدات الإنسانية ومستلزمات الإيواء الكافية التي تتناسب مع حجم "الإبادة الجماعية" التي تعرض لها 2.4 مليون إنسان.

"ممارسة الضغط"

وتعليقا على قبول حماس، إطلاق سراح الجندي أليكسندر مع 4 جثث (إسرائيليون من حملة الجنسية الأمريكية) ذكر المحلل السياسي أحمد الحيلة أن هذا القبول مرتبط بـشرطين.

وأوضح في مداخلة عبر صفحته بموقع "فيسبوك" أمرين مرتبطين بذلك أولهما: التفاوض على آليات تنفيذ المرحلة الثانية التي تعني وقف الحرب والانسحاب التام من غزة، وثانيهما: إلزام الاحتلال باستحقاقات الاتفاق لا سيّما الإغاثة والإيواء.

ولماذا الأسرى ذووا الجنسية المزدوجة دون الإسرائيلية المنفردة؟ عن ذلك، أكد أن تركيز حماس على هؤلاء يهدف إلى دفع الإدارة الأمريكية لممارسة الضغط على نتنياهو لإلزامه بالاتفاق، "وإلا فإنها (واشنطن) ستفقد فرصة لطالما سعى الرئيس ترامب إليها" وفق الحيلة.

ووفقا للمتحدث باسم حماس حازم قاسم فإن حركته قدمت بادرة إيجابية بالإعلان عن نية المقاومة الإفراج عن الجندي ألكسندر، وتتطلع إلى إطلاق سراح جميع الأسرى والتوصل لوقف إطلاق نار دائم في غزة.

وأكدت حماس أنها لا تريد اتفاقات جديدة أو جانبية بل المضي قدما في تنفيذ مراحل الاتفاق، وأشارت في الوقت ذاته إلى أن التهديدات ومحاولات الضغط على المفاوض الفلسطيني "لن تثمر عن نتائج إيجابية".

"دور الوسطاء"

ومن وجهة نظر، المحلل في الشؤون الإسرائيلية فتحي بوزية فإن "مقترح ويتكوف" هو "مقترح نتنياهو" الذي يحاول عدم الاصطدام مع الرئيس ترامب مع الحفاظ على خيار العودة للحرب.

ونبه بوزية في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أن هناك ضغوط أمريكية على نتنياهو من أجل إنهاء الحرب على غزة، ولذلك يراوغ بالمفاوضات دون مواجهة مصير الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي تعرض لإهانة كلامية في البيت الأبيض.

وتوقع أن يذهب نتنياهو لمفاوضات المرحلة الثانية من أجل الحفاظ على الحكومة ومحاولة إزالة إخفاق السابع من أكتوبر عن شخصيته - لكن دون تنفيذ استحقاقاتها - عازيا ذلك إلى خشيته من "ضياع" مستقبله السياسي.

وهنا، يبرز دور الوسطاء في إعلان موقف نتنياهو المعطل لوقف الحرب على غزة، منبها إلى أن أهالي الأسرى الإسرائيليين والنخب السياسية في (إسرائيل) تتهم علنا نتنياهو بتعطيل الاتفاق وعدم سعيه للإفراج عن الأسرى.

وأكد بوزية أن الإدارة الأمريكية و"موقف الوسطاء" سيؤثران كثيرا على نتنياهو الذي يحاول المراوغة أكثر وأكثر في سبيل تمكين ذاته سياسيا وتحقيق أهداف عدائية أخرى ضد شعبنا وحقوقه الوطنية.

المصدر / فلسطين أون لاين