كان الخروج من السجن "ميلادا جديدا" بالنسبة للأسير المحرر الصحفي حمزة رضوان، بعدما ذاق أقسى صنوف العذاب والقهر الذي تعرض له داخل أقبية وزنازين الظلم الإسرائيلية منذ ما يزيد عن عام، "الخروج من السجن لحظة تاريخية لا تضاهيها أي فرح"، وفق وصفه.
في السادس عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2023، اصطحب المحرر "رضوان" زوجته وطفله متوجهاً من حي الشيخ رضوان غربي مدينة غزة، إلى جنوب القطاع، ظناً منه انها "المنطقة الآمنة" وفق مزاعم جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي أوهم آلاف المواطنين بتلك المزاعم.
عندما وصل "رضوان" حاجز "نتساريم" الذي أقامه جيش الاحتلال وسط قطاع غزة، لم يدرِ بخلده أن هذا الحاجز سيكون "مصيدة" نصبها جيش الاحتلال لاعتقال مئات الشبان المتوجهين نحو وسط وجنوب القطاع، حسبما يقول لـ "فلسطين أون لاين".
عبر مكبرات الصوت نادى أحد ضباط جيش الاحتلال على "حمزة"، فظن الأخير أنه سيكون مجرد إجراء تفتيشي اعتيادي، لكن ذلك الضابط أمر زوجة حمزة باصطحاب طفلها الذي لم يتجاوز عمره العام والنصف، وإكمال طريقها نحو جنوب القطاع لأن "حمزة" أصبح معتقلاً الآن.
يروي حمزة الذي يعمل صحفيًا في وكالات محلية وعربية "تم اعتقالي من وسط عائلتي بطريقة غير شرعية، وأمرني بنزع ملابسي والبقاء في الملابس الداخلية، في ظل الأجواء الباردة في ذلك الوقت، ثم بعد ذلك أمر زوجتي باستكمال طريقها نحو الجنوب".
ويضيف حمزة "قضينا يوماً قاسياً وصعباً من شدة البرودة ونحن مُجردين من الملابس وجالسين مكبلي الأيدي على أرض مليئة بالحجارة، تعرضنا خلالها للضرب المبرح والمعاملة القاسية من جيش الاحتلال".
انتهى ذلك "اليوم الأسود" كما يصفه حمزة، قبل أن يقتادهم جيش الاحتلال إلى أحد التجمعات التابعة له في منطقة ما محاذية للقطاع، وزجه في "بركس" كان يضم أسرى آخرين أيضاً اعتقلهم الاحتلال، فيقول "تعرضنا للضرب المبرح من الجيش خلال نقلنا إلى منطقة بمحيط غزة".
يوضح أنه تعرض إلى تحقيقٍ قاسٍ تخلله الضرب أيضاً، حيث جرى عرضه على القاضي ثلاث مرات، إذ أبلغه القاضي الإسرائيلي في المرة الأولى أنه لا يوجد عليه أي تهم ولا حُكم، لكن سيتم تمديد اعتقاله حتى انتهاء الحرب، وكذلك كان الأمر في المرة الثانية.
ويُكمل "في المرة الأخيرة وجه قاضي الاحتلال تهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية، لأنه يعمل في مجال الإعلام، حيث يعتبر الاحتلال أي شخص يعمل في مجال الإعلام هو مُعاد لأنه يعمل من أجل ابراز قضيته الفلسطينية".
ويتابع رضوان "خلال الفترة الأخيرة من الاعتقال، بدأت تصل لنا بعض الأخبار عبر المحامين بأن هناك ضغوطاً دولية من وسطاء لإبرام صفقة تبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، وأن هناك اتفاقاً سيكون وشيكاً مع بداية العام".
ويحكي بصوت يمتزج بالقهر من قسوة السجون "كنا ننتظر على أحر من الجمر وكنا نعد وقت الافراج عنا بالدقائق، لأن كل يوم كان بالنسبة لنا مُعاناة أخرى، وذل وإهانة وتجويع ومرض"، مشيراً إلى أنه أُصيب بمرض جلدي خلال وجوده في السجن ولم يتم إعطاءه العلاج مما ضاعف حالته الصحية.
ويقول "بدأت نفسيتنا تتحسن بعض الشيء بعدما سمعنا عن خبر إبرام الاتفاق، ولحظتها تحملنا عذابات السجن في سبيل أن الإفراج عنا بات قريباً عبر صفقة ستبرمها المقاومة مع الاحتلال عبر وسطاء، وزاد الأمل عندنا بعدما بدأت دفعات من الأسرى تخرج".
ويحكي والفرح يقفز من قلبه "كانت لحظة مناداة اسمي ضمن الذين سيُفرج عنهم ضمن الدفعة السابعة تاريخية وتشكل ميلادا جديدا، وانتابني شعور فرحة لا توصف، لأنني سأخرج من مقبرة الاحتلال التي انقطعنا فيها عن كل الأحداث التي تدور في الخارج".
ويبعث برسالة مفادها أن هناك أسرى ما زالوا في سجون الاحتلال يعانون أقسى أنواع العذاب ويتعرضون للتجويع والضرب ويُصابون بأمراض دون أن يتلقوا العلاج، لذلك يجب أن تكون قضيتهم على رأس الأولويات، إلى أن يتم تبييض السجون".