فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

تقرير المحرِّر مساعيد... أنار ظلمة سجنه بنور العلم

...
المحرِّر مساعيد... أنار ظلمة سجنه بنور العلم
القاهرة- غزة/ فاطمة حمدان:

لم يكن من السهل على فتى في مقتبل عمره لم يتجاوز 27 عامًا أن يتكيف مع حكم بالاعتقال لمؤبدين و50 عامًا، ما يعني أنه سيقضي زهرة شبابه بين قضبان السجون، فكانت هنا نقطة التحول في حياته حيث أقبل على التعلم لينتفع من كل دقيقة تمر عليه في "مقبرة الأحياء".

فخلال 21 عامًا قضاها يونس مساعيد في السجن كانت هناك محطات كثيرة منها ما هو صعب وآخر ساعده في تطوير ذاته.

عن ذلك يقول المحرر مساعيد: "السجن سلاح ذو حدين، وأصعب ما فيه الفراغ، الذي اجتهدت منذ بداية الأسر لملئه فأقبلت على حفظ القرآن وتعلم التجويد وفقه السنه والعقيدة والعلوم الأخرى مثل تعلم بعض اللغات".

ووضع "مساعيد" أمام نفسه تحديا يتمثل في الحصول على شهادة الثانوية العامة وحاول مرارا الى أن استطاع اجتياز تلك العقبة في عام ٢٠١١ وحصل على الشهادة المرجوة من غزة ما استهلك منه الكثير من الوقت.

ورغم الصعوبات التي كابدها "مساعيد" في الوصول لشهادته الأولى كونه لم يكن شغوفا بالتعليم قبل الاعتقال،  لكنها كانت بداية لحصوله على شهادة ثانوية عامة أخرى من الضفة عام ٢٠١٥ بمعدل ٦٥٪.

ويضيف لصحيفة "فلسطين": "كذلك حصلت على شهادة بكالوريوس في التاريخ من جامعة الأقصى بغزة و ماجستير في التربية من الكلية الدعوية للدراسات الإسلامية في بيروت وآخر في العلاقات الدولية من جامعة "جيرنا" بقبرص".

ولم يكن يقضي وقته في التعلم فقط بل يمارس الرياضة أيضا، بجانب حلقات النقاش والمسامرة بينه وبين زملائه الأسرى خاصة في "وقت الفورة" وكان سيد النقاشات في تلك الأحاديث الأمل بالحرية ذات يوم.

وإلى جانب ذلك كان يمارس العمل في بعض "مرافق السجن لخدمة الأسرى كـ"المردوان" و" الكنتينا" وكذلك خدمة الأسرى بمتابعة عمل المطبخ.

ومحاولات الأسرى للتاقلم مع حياة الاعتقال لا تنفي صعوبتها، يقول مساعيد: "ففي عام 2016 تعرضت لموقف صعب عندما ذهبت الى العيادة وأبلغني الطبيب باني ميت ونقلوني فورا بالاسعاف للمشفى ليخبرني الأطباء باني مصاب بجلطه وعدم انتظام في دقات القلب ، لاظل عاما كاملا في المشفى اصارع المرض ممنوع من الزيارات لا اعلم شيئا عن اهلي".

ومن المواقف الصعبة أيضا عدم موافقة ( إسرائيل) على الإفراج عنه في صفقة "وفاء الاحرار" حيث تم الإفراج عن ١١ معتقلا من مجموعته وبقيي في المعتقل.

ومن أصعبها كذلك ما تعرض له الأسرى بعد السابع من اكتوبر عام ٢٠٢٣ "من اعتداءات وتجويع وانتهاك لحقوقنا الإنسانية وكان أصعب شيء على نفسي وفاة والدتي أثناء الحرب بعد انقطاع الزيارات عنا".

فرح وخوف

ورغم قتامة الأوضاع إلا أن " مساعيد" لم يفقد الأمل يوما بالحرية، "كنت دايما متفائل واقول الي عند ربنا قريب"، مشيرا إلى أنه برغم المخاوف مما يحدث في السجون ووجود حكومة يمنية متطرفة تحكم دولة الاحتلال والخشية من قيامهم بإبادة غزة لكن الشعور بقرب الالتقاء بالاهل والفرح الممزوج بالخوف لم يفارقه طوال الحرب على غزة.

الى أن حانت "ساعة الفرج" فتم إبلاغه بنقله من السجن. يقول: "الاعتداء الوحشي الذي تعرضنا له خلال النقل كان بالنسبة لي إشارة بأنه سيفرج عنا، إلى أن تم لقاء لي مع ضابط الشاباك أخبرني فيه أنني سيفرج عني ضمن الدفعة الرابعة من صفقة طوفان الأحرار لكن مبعدا إلى مصر".

وفي مصر تنسم "مساعيد" هواء الحرية والتقى بعدد من اشقائه الذين كانوا في الخارج لحظة الإفراج عنه ، لكنه ما زال يحدوه الامل للقاء بقية اشقائه وشقيقاته الذين لم يتمكنوا من السفر إليه من الضفة الغربية بعد.

ويبدي مساعيد امتنانه لكل من ساهم في الافراج عنه وعن زملائه الأسرى وخاصة "كتائب القسام" وعلى رأسهم القائد العام الشهيد محمد الضيف والشهيد يحيى السنوار، مضيفا: "نشكر اهل غزة على صمودهم وثباتهم  ونترحم على الشهداء ونتمنى للاسرى الفرج والشفاء للجرحى والشكر للمفاوضين الذين بذلوا جهدا كبيرا يضاف إلى جهود المقاومة".

ويتابع: "نحن ابناء الشعب الفلسطيني يجب علينا ان نكون صفا واحدا في تحقيق النصر والتحرير والوقوف جانب اهل غره في التخفيف عنهم ورفع الكرب عنهم".

يشار إلى أن الاحتلال اعتقل  "مساعيد" وهو من مدينة طوباس منذ 22 من ديسمبر عام 2003، بتهمة مقاومة الاحتلال وتنفيذ اقتحام لحواجز إسرائيلية في  رام الله أسفر عن مقتل اسرائيليين اثنين علاوةً على انتمائه إلى حركة حماس.