فلسطين أون لاين

رصاصة في الأذن وعذاب لا ينتهي... "رحلة مأساويَّة" عاشها المحرِّر "موسى"

رصاصة في الأذن وعذاب لا ينتهي... "رحلة مأساويَّة" عاشها المحرِّر "موسى"
رصاصة في الأذن وعذاب لا ينتهي... "رحلة مأساويَّة" عاشها المحرِّر "موسى"

"أخرج جندي الاحتلال رصاصة من جيبه وأدخلها في أذني اليمنى بقوة، فأحدثت خرقًا في طبلة الأذن، وتدفق الدم منها بغزارة، تركني أنزف دون أن يلتفت إليّ أو يقدم لي أي تدخل طبي"، كانت تلك اللحظة الأولي لبداية رحلة عذاب طويل خاضها المحرر مؤمن موسى، الذي أفرج عنه الخميس الماضي.

ويعود المحرر موسى، بذاكرته إلى يوم اعتقاله قائلًا: "في الساعة العاشرة من صباح 15 نوفمبر 2023، كانت نقطة التفتيش فيما يسمى حاجز نيتساريم وهي بداية هذه الرحلة المأساوية، كنت قد توجهت إلى هذا الحاجز بعد دعوات جيش الاحتلال الإسرائيلي لأهالي شمالي القطاع للذهاب إلى المناطق "الآمنة" (حسب زعمه) حيث وعدونا بالأمن والراحة.. لكن هذه كانت أكاذيب، إذ ما إن وصلت إلى الحاجز حتى فوجئت بأنني وجدت نفسي في قبضة الجنود الإسرائيليين".

وأفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن موسى، ضمن الدفعة السابعة من المرحلة الأولى لاتفاق وقف العدوان على غزة وتبادل الأسرى الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون ثان.

حاجز الموت

ويضيف موسى لصحيفة "فلسطين": "ما أن وصلت إلى الحاجز، بدأت الجنود بالصراخ في وجهي وطلبوا مني التوجه إلى الشرق، رفعت يديّ إلى أعلى كما أمروني، ووجدت نفسي محاطًا بعدد من الجنود الذين كانوا يعتقلون آخرين من النساء والشباب وكبار السن،  طلب مني أحد الجنود خلع ملابسي، وعندما رفضت، أطلق أحدهم النار بجانبي وأصابني في قدمي إصابة طفيفة، مردفًا: "كنت مهددًا بالقتل إذا لم أمتثل لأوامرهم".

ويتابع: "بدأت مجبرا في خلع ملابسي، وكنت أتمنى أن أتمكن من الاحتفاظ بكرامتي، لكن الجنود لم يرحموني، فقد سرقوا مني 65 ألف شيقل كنت قد ادخرتها طوال سنوات عملي في أراضي الداخل المحتل، كما صادروا مني تصريح العمل، ولم يُرجعوا لي أي شيء".

"بعد ذلك، أمرني الجندي بالاقتراب، وقام بتقييد يديّ خلف ظهري، ثم وضع العصبة على عينيّ"، يواصل حديثه.

ويكمل موسى، بغضب: "وفي تلك اللحظات المظلمة، بدأ الجنود بضربي بشكل مبرح، محاولين انتزاع اعترافات مني حول المقاومة وأماكن تواجدها، أجبتهم بأني لا أملك أية معلومات، لكن ذلك لم يشفع لي".

طلقة بالأذن

ويمضى المحرر موسى، بغضب قائلًا، وهو يتحسس أذنه: "قام أحدهم بوضع طلقة في أذني اليمنى، فأحدث ذلك خرقًا في طبلة الأذن، مما جعلني أنزف بغزارة وأفقد السمع من تلك الأذن".

ويلفت إلى أنه بعد هذه المعاملة الوحشية، "تركني الجنود في العراء بالقرب من نيتساريم، لأيام طويلة دون طعام أو ماء، وسط برد قارس، حتى أنني طلبت بعض الملابس للتدفئة، لكن الجندي سحبني بقوة وأجلسني في حفرة مليئة بمياه الأمطار".

ويردف: مرت أيام من العذاب قبل أن يتم نقلي إلى غلاف غزة مع مجموعة من المعتقلين، وما إن وصلنا إلى هناك، بدأت المجندات بالصراخ علينا، وانهالوا علينا بالضرب باستخدام سلسلة طرفها كرة حديدية ضربونا على أرجلنا لمدة ساعات ونحن نصرخ من شدة الألم.

ويتابع: بعد ذلك، تم نقلنا إلى البركسات، حيث كنت لا أستطيع الوقوف على قدميّ من شدة الإصابات، وكان المعتقلون الآخرون يساعدونني في التنقل إلى الحمام.

عزل انفرادي

بعد هذه الرحلة القاسية، والقول لموسى، "تم نقلي إلى سجن النقب وكنت أعتقد أنني في طريق العودة إلى غزة، لكني فوجئت بنقلي إلى سجن الخيام في النقب، حيث مكثت هناك لمدة ستة أشهر، إلى أن تم نقلي إلى سجن "نفحة" حيث قضيت 145 يومًا في زنازين العزل الانفرادي".

ويردف أن "السجانين كان يضخون الغاز السام في الزنزانة بشكل يومي، ويضربونني بلا رحمة كلما طلبت تحسين الظروف".

خلال فترة اعتقاله، والقول لموسى، بدأ العديد من المعتقلين يصابون بمرض الجرب بسبب الإهمال الطبي المتعمد، وأصيب بالمرض أيضًا، لكن العلاج لم يكن متاحًا إلا بعد أن بدأ السجانون أنفسهم يصابون به، حتى العلاج الذي قدموه للمعتقلين كان غير كافٍ، وكان موسى يعيش في ظروف صحية قاسية.

خداع إسرائيلي

ويتوقف موسى، عن الكلام للحظات قبل أن يكمل حديثه: في 22 فبراير 2024، تم إبلاغنا بأنه سيتم الافراج عنا، لكننا صدمنا عندما أُرجعنا إلى السجن بعد ساعات من الانتظار في الحافلات، فبجرد أن أنزلونا منها تعرضنا للضرب من السجانين لتنصل الاحتلال من الاتفاق وأجبرنا على العودة إلى السجن مرة أخرى.

وفي مساء الـ26 فبراير 2024، بحسب المحرر موسى، "نقلنا عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووصلنا فجر يوم الخميس إلى مستشفى غزة الأوروبي في خانيونس جنوبي القطاع، عندما وصلنا إلى غزة، لم أتعرف على المدينة، فقد دمرتها الحرب".

ويقول بحزن: "في تلك اللحظة، تلقيت خبر استشهاد أخي موسى، الذي ارتقى في 28 فبراير 2024 خلال النزوح القسري إلى جنوب القطاع، فكان فقدان أخي طعنة جديدة في قلبي".

 

اخبار ذات صلة