في ظل استمرار أزمة الكهرباء الخانقة في قطاع غزة التي تفاقمت منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر 2023، تتصاعد المطالب الشعبية بإعادة تشغيل محطة توليد الكهرباء، حتى لو بأدنى طاقتها، لتخفيف المعاناة اليومية التي يعيشها الأهالي، خاصة مع الحاجة الملحّة للإنارة وشحن الأجهزة الإلكترونية، لا سيما خلال شهر رمضان.
وتسببت غارات الاحتلال في تدمير واسع للبنية التحتية الكهربائية، بما في ذلك خطوط التوزيع، والأسلاك، وأعمدة الإنارة، مما ترك أهالي القطاع في ظلام شبه كامل.
المواطن سمير أبو جريّ يعبر عن حجم المعاناة اليومية، مشيرًا إلى أن انقطاع الكهرباء يضيف أعباء مالية إضافية على الأسر التي تضطر إلى اللجوء لمحطات الشحن مدفوعة الأجر.
ويقول لصحيفة "فلسطين": "نحتاج إلى بضع ساعات من الكهرباء يوميًا لشحن البطاريات وأجهزة الاتصالات، خاصة أن لدي أبناء في الثانوية العامة والجامعة، وهم بحاجة للكهرباء لمتابعة دراستهم".
ويضيف أن تكلفة شحن الهاتف المحمول تصل إلى شيقلين، بينما تتراوح تكلفة شحن الحاسوب المحمول والبطاريات بين 2 ـ 5 شواقل، مما يشكل عبئًا ماليًا كبيرًا، في حين أن سعر الكيلوواط الواحد قبل حرب الإبادة لم يكن يتجاوز نصف شيقل.
في ظل هذه الظروف، يطالب المواطن سالم مرار المؤسسات التي تمتلك أنظمة طاقة شمسية بتوفير نقاط شحن مجانية للمواطنين وفق توزيع جغرافي عادل، معتبرًا أن هذه الخطوة يمكن أن تخفف جزءًا من الأزمة. كما دعا في حديثه مع صحيفة "فلسطين" إلى إنشاء شبكات إنارة تعمل بتقنية "الليدات" في الطرقات الفرعية، لضمان تنقل أكثر أمانًا للمواطنين ليلاً.
السيدة أم حازم الحتو بدورها ناشدت المؤسسات الدولية والجهات المانحة بالإسراع في توفير بطاريات وألواح طاقة شمسية كجزء من المساعدات المقدمة للأسر المتضررة.
وتوضح أنه "إذا حصلت الأسرة على نظام طاقة شمسية، حتى لو كان مشتركًا مع أفراد العائلة، فإن الفائدة ستعم الجميع، خاصة في ظل احتياجنا الشديد للإنارة وشحن الأجهزة، بينما يمكننا الاستغناء مؤقتًا عن تشغيل الثلاجات والغسالات وأجهزة التبريد".
ومع السماح بإدخال كميات محدودة من الوقود إلى القطاع، استأنف بعض أصحاب المولدات الكهربائية عملهم جزئيًا، إلا أن الخدمة بقيت مقتصرة على الفئات المقتدرة. وارتفع سعر الكيلوواط الواحد إلى 30 شيقلًا حاليًا، مما يجعلها خدمة متاحة فقط للتجار وأصحاب الأعمال والأسر ذات الدخل الجيد.
وسبق أن صرحت شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة أن خسائرها الأولية جراء حرب الإبادة بلغت نحو 450 مليون دولار أمريكي.
وأكدت الشركة أن قدرتها على إعادة تشغيل الكهرباء تعتمد بشكل أساسي على السماح بإدخال مواد الصيانة اللازمة، مثل الكوابل والأعمدة والمعدات، بالإضافة إلى الوقود الضروري لتشغيل محطة التوليد الوحيدة في القطاع، وإعادة تشغيل الخطوط المغذية القادمة من الداخل المحتل.
وشددت الشركة على أن أولوياتها تتمثل في إعادة تغذية المرافق الحيوية فور توفر الإمكانيات، مثل المستشفيات، ومحطات تحلية المياه، وتشغيل الآبار، ومحطات معالجة وضخ المياه العادمة، والمخابز، والمطاحن، وقطاع الاتصالات، إلى جانب الخدمات البلدية الأساسية.
وتُعاني غزة من أزمة كهرباء مستمرة منذ عام 2006، حيث أدى قصف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع إلى تدهور الوضع بشكل كبير.
يُذكر أن احتياج قطاع غزة للكهرباء يبلغ حوالي 400 إلى 500 ميغاواط، ويصل إلى 600 ميغاواط في ذروة الاستخدام خلال فصلي الشتاء والصيف، بينما ما كان يتوفر للمحطة من مختلف المصادر مع إنتاج محطة الكهرباء لا يتجاوز 250 ميغاواط، مما يعني عجزًا يتراوح بين 50 و70% قبل الحرب.