فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

لماذا يُماطل نتنياهو في الذًَهاب إلى المرحلة الثَّانية من وقف إطلاق النَّار؟

...
لماذا يُماطل نتنياهو في الذًَهاب إلى المرحلة الثَّانية من وقف إطلاق النَّار؟
غزة/ محمد الأيوبي

يواصل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المماطلة في الذهاب إلى مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق إطلاق النار في قطاع غزة، والتي كان من المفترض أن تنطلق في الثالث من فبراير/ شباط الجاري، في حين أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس مرارًا جاهزيتها للذهاب إلى المرحلة الثانية من الاتفاق. 

ويشترط نتنياهو لبدء مفاوضات المرحلة الثانية نزع سلاح فصائل المقاومة في قطاع غزة، وإبعاد قادتها إلى خارج القطاع. من جانبها، تطالب حماس بوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب كامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة.  

مرحلة ثقيلة 

يرى المختص في الشأن الإسرائيلي، د. محمد هلسة، أن نتنياهو لا يريد الذهاب إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما يُمثل قناعة جزء كبير من الشارع الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن الإشارات التي تدل على هذا الموقف بدأت تظهر منذ اليوم الأول لاتفاق وقف إطلاق النار. 

وأوضح هلسة لـ "فلسطين أون لاين"، أن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار ثقيلة على نتنياهو من حيث استحقاقاتها، لذلك سعى منذ البداية إلى افتعال الكثير من المشاكل في محاولة لتفجير الصفقة. 

وأضاف: "نتنياهو ذهب إلى هذا الاتفاق مكرهًا، وهو استراتيجيًا يريد استمرار الحرب، وما يسميه "الحرب المفتوحة" لتحقيق ما يطلق عليه "النصر المطلق". ويربط هلسة هذا التوجه بإعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن خطته لتهجير الفلسطينيين في قطاع غزة، ما يرفع سقف الحكومة الإسرائيلية ويفتح شهية نتنياهو إلى تعزيز رغبة اليمين الحاكم في العودة للقتال في غزة.  

أهداف إسرائيلية 

ويتابع أن نتنياهو وحكومته كانا يبرران الحرب سابقًا بأنها تهدف إلى إنهاء حكم حماس في غزة، وإنهاء سيطرتها السياسية والعسكرية، لكنه اليوم يسعى للعودة للقتال لتحقيق هدف أكبر لطالما راود قادة الحركة الصهيونية وقادة (إسرائيل)، وهو تهجير سكان غزة، مشيرًا إلى أن هذا الهدف قد يمتد مستقبلاً إلى تهجير سكان الضفة الغربية ومدينة القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. 

كما يؤكد المختص في الشأن الإسرائيلي أن تعطيل نتنياهو الإفراج عن الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين مطلع الأسبوع الجاري ليس مجرد خطوة استعراضية منه أو محاولة لإظهار نفسه قادرًا على ضبط الإيقاع والتحكم في المشهد أمام مشاهد الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين التي تأتي من غزة، والتي يزعم نتنياهو أنها "مذلة" لـ(إسرائيل)، وإنما هي جزء من محاولة فرض شروطه على حماس وتحقيق مكاسب سياسية داخلية. 

ويضيف أن نتنياهو يحاول أن يحصر اتفاق وقف إطلاق النار بتبادل الأسرى فقط، دون أن يرتب على (إسرائيل) أي استحقاقات أخرى تتعلق بنهاية الحرب أو إعادة إعمار غزة أو بمستقبل حكم القطاع، لافتًا إلى أن هذه "خطوط حمراء" بالنسبة لنتنياهو لا يريد الخوض فيها بأي شكل من الأشكال. 

ووفق هلسة، فإن نتنياهو، عبر الضغط الذي يمارسه بالامتناع عن الإفراج عن الأسرى، بالإضافة إلى الضغوطات على الوسطاء عبر الحديث عن التهجير في محاولة لدفعهم للضغط على حماس لإجبارها على القبول بشروطه، يريد تمديد المرحلة الأولى للإفراج عن أكبر قدر ممكن من الأسرى الإسرائيليين للتخلص من الضغوطات الداخلية والحصول على صورة "البطل" الذي أفرج عن الأسرى، وبعدها سيقول المجتمع الإسرائيلي له: "اذهب واسحق عظام الغزيين". 

ويبين أن تصريحات نائب رئيس "الكنيست" الإسرائيلي، نسيم فاتوري، التي دعا فيها إلى قتل جميع الرجال في غزة، تعكس الموقف اليميني الفاشي للمجتمع الإسرائيلي الذي لا يمانع في سحق غزة وطحن عظام سكانها، بشرط إعادة الأسرى الإسرائيليين الذين تضرروا من الحرب. وبمجرد إعادتهم، لا مشكلة لديه في استمرار الحرب.  

الموقف الأمريكي 

وعن الموقف الأمريكي من مفاوضات المرحلة الثانية، يوضح هلسة أن نتنياهو يصر على أن مفاوضاته لا تتم مع الوسطاء بل مع الحليف الأمريكي، وأن معضلته تكمن في الحصول على ضوء أخضر من الرئيس الأمريكي، متسائلًا عما إذا كانت الإدارة الأمريكية ستمنحه هذا الضوء لاستمرار الحرب. 

ويضيف أن ترامب قال إنه يترك هذا الأمر لنتنياهو ليقرر فيه، ما يعني عمليًا أن أمريكا ليس لديها مشكلة إذا قرر نتنياهو العودة إلى القتال، وستوفر الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي لـ(إسرائيل). 

لكن هذا يتعارض مع ما يجري على لسان بعض المسؤولين الأمريكيين بأن ترامب لا يريد حربًا في الشرق الأوسط ويريد إنهاءها، لكنه يتسلح بالشروط الإسرائيلية بشأن نزع سلاح حماس وإبعاد قيادة الحركة إلى الخارج، وهذه شروط تعجيزية يعلم نتنياهو أن حماس لن تقبلها، وهو بالتالي يمهد لاستمرار الحرب، وفق ما يقول هلسة.

ورأى هلسة أن أمريكا إذا منحت الضوء الأخضر لـ(إسرائيل)، وشعرت الأخيرة أنه لا مشكلة أمريكية في العودة للحرب، فإن نتنياهو سيبقى متوجسًا من حقيقة الموقف الأمريكي تجاه الحرب في غزة، في ظل رئيس أمريكي متقلب، حيث يخشى نتنياهو أن يعود للحرب ثم يصطدم بموقف أمريكي مغاير، لأنه رئيس يبرم صفقات، والمسألة بالنسبة له "ربح وخسارة".  

الورقة الفلسطينية 

في الجهة الفلسطينية، فإن ورقة الأسرى الإسرائيليين تُعد ورقة ضغط مهمة، ويحاول نتنياهو أن يحصل عليها دون الدخول في مسارات يترتب عليها استحقاقات، لكن هلسة يرى أن حماس لن تمنحه هذه الورقة، لأنها تعرف أنها ورقة ضغط قوية في يدها. 

ومع ذلك، يرى أن ورقة الأسرى ليست عاملًا حاسمًا في المشهد، كما أن سلاح المقاومة بعد التدمير الكبير والحصار الذي تعرض له قطاع غزة، ليس ورقة حاسمة لمنع (إسرائيل) من العودة إلى الحرب، لافتًا إلى أن (إسرائيل) بإمكانها تحمل بعض الأثمان المتعلقة بخسائرها المادية والبشرية في مقابل تحقيق هدف أكبر يتعلق بالتهجير وإنهاء حكم حماس، لأن فشل نتنياهو في تحقيق هذا الهدف مرتبط بنهاية حياته السياسية وائتلافه الحكومي، الذي سينهار تلقائيًا، لأنه لطالما وعد الجمهور الإسرائيلي بأنه سيحقق هذا الهدف، وفق تقديره. 

ويشدد على أن حركة حماس يجب أن تكون قادرة على خلق عمق عربي وإسلامي يتجاوب معها في مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، حتى تتمكن من سحب ورقة التهديد بالعودة للحرب من يد نتنياهو.

المصدر / فلسطين اون لاين