وسط روائح كريهة ومياه آسنة، يقيم نازحون فلسطينيون في خيام متواضعة بجوار بركة الشيخ رضوان، التي تحولت إلى مكب للنفايات ومياه الصرف الصحي، بعد أن دمرت الحرب الإسرائيلية البنية التحتية في قطاع غزة.
ويقول ناهض أبو سل، الذي نصب خيمته بجوار البركة، إنهم يعيشون في ظروف صحية مأساوية، حيث تنتشر الأمراض والحشرات، وتملأ الروائح الكريهة المكان.
ويضيف أبو سل لصحيفة "فلسطين": "لا يوجد لدينا مكان آخر نذهب إليه، فقد دمرت الحرب منزلنا، ونحن مضطرون للعيش هنا رغم كل هذه المعاناة".
ورغم كل ما حدث، يبدي أبو سل إصرارًا غريبًا على البقاء في غزة، مدافعًا عن حقوقه قائلًا: "مكاننا هو غزة، وإذا كان علينا الرحيل من هنا، فسنعود إلى ديارنا التي هُجِّرنا منها عام 1948".
وتابع: "إن الحياة في هذه المنطقة باتت أصعب من أي وقت مضى، فالبركة التي كانت في السابق تجمع مياه الأمطار، تحولت الآن إلى مكرهة صحية نتيجة تدمير شبكات الصرف الصحي من قبل الاحتلال، وقد أصبحت المياه الراكدة في البركة تمثل تهديدًا مباشرًا على سكان المنطقة، فتصلها من كل مكان مياه الصرف الصحي التي تنذر بفيضان البركة وغرق خيام النازحين، مما يزيد من معاناتهم الصحية".
وأضاف: "إنه المكان الوحيد المتاح لنا للعيش فيه، لكننا مضطرون للتعامل مع هذه الظروف القاسية"، مشيرًا إلى أن الروائح الكريهة التي تنبعث من البركة، والتي تملأ الجو وتثير إزعاجهم طوال اليوم.
وليس هذا فقط، يقول أبو سل: "إن الوضع يتفاقم مع انتشار الكلاب الضالة في المنطقة، والتي تهاجم الخيام وتسبب لهم الكثير من القلق ليلًا".
ويشكو أبو سل من أن الكلاب تأتي في ساعات المساء، محاطة بالروائح الكريهة والأوساخ، وتحاول دخول خيمتهم، مردفًا: "نستمر طوال الليل في محاولة طردها، لا نستطيع النوم بهدوء".
ويشارك مهند أبو سل، نجل ناهض، والده المخاوف نفسها، فهو يخشى أن تمتلئ البركة بمياه الأمطار والصرف الصحي، مما قد يؤدي إلى تكرار كارثة غرق المنطقة كما حدث في عام 2014، عندما اجتاحت مياه البركة العديد من المنازل وأغرقتها بالكامل.
وقال مهند بحذر: "إذا امتلأت البركة مرة أخرى، سيتكرر سيناريو الغرق، وهذه المرة لن نتمكن من النجاة". وبينما يرفض أبو سل مغادرة القطاع أو الهجرة، يطالب العالم بالتحرك بشكل عاجل لتقديم المساعدة لأهل غزة، "نطالب العالم بالوقوف إلى جانبنا، ومساعدتنا في إعادة إعمار منازلنا المدمرة، وتوفير مكان آمن للعيش بعيدًا عن الأمراض والكوارث الصحية".
وفي الجانب الآخر من البركة، هناك عائلة علي الزبدة، التي تقيم أيضًا في خيام بجوار بركة الشيخ رضوان، بعد أن دمرت الحرب منزلهم بالكامل، لجأ الزبدة وعائلته إلى نصب خيمتين بالقرب من مكان سكنهم السابق.
ورغم أن الظروف لم تكن أفضل مما كانت عليه في مكان إقامتهم السابق، إلا أنهم كان لديهم خيار واحد فقط: البقاء في غزة، قائلًا لـ"فلسطين": "لقد عدنا إلى منزلنا بعد أن نزحنا إلى جنوبي القطاع، ظننا أنه سيكون آمنًا هناك، ولكن فوجئنا بأن منزلنا قد دمر، فقررنا أن نصب خيمة بالقرب من المكان، رغم كل الظروف القاسية".
ويصر أبو سل على البقاء في أرضه وعدم مغادرة القطاع، محملًا المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عما يحدث في قطاع غزة، قائلًا: "لولا الصمت الدولي والتواطؤ مع الاحتلال، لما تعرضت غزة لهذا الدمار"، مردفًا: "نحن بحاجة إلى من يقف بجانبنا ويدافع عن حقوقنا".
ويكمل: "لا نحتاج إلى شعارات أو وعود فارغة من المجتمع الدولي، بل نحن بحاجة إلى أفعال حقيقية لإعادة إعمار القطاع، وتوفير حياة كريمة لسكانه".