رأى خبيران عسكريان أن المقاومة الفلسطينية استطاعت فرض إرادتها على الاحتلال الإسرائيلي في عملية تبادل الدفعة السادسة من صفقة تبادل الأسرى، في خطوة تعكس القوة السياسية والاستراتيجية للمقاومة.
وأوضح الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد لـ "فلسطين أون لاين" أن المعادلة في عملية تبادل الأسرى تمت وفق إرادة المقاومة، التي نجحت في تحديد شروط التسليم رغم تعنت الاحتلال. وكان الاحتلال يصر على الإفراج عن 9 أسرى، لكن المقاومة فرضت المعادلة بتسليم 3 أسرى فقط، وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع.
وأشار إلى أن الضغوط الأمريكية المطالبة بالإفراج عن كافة الأسرى الإسرائيليين لم تؤثر في موقف المقاومة، حيث رضخ الاحتلال لقرارها بالإفراج عن 3 أسرى فقط. وأكد أن هذه المعادلة تعكس قوة المناورة السياسية والعسكرية لدى المقاومة.
الأبعاد العسكرية والسياسية والإنسانية للعملية
وفي مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، أفرجت كتائب عز الدين القسام وسرايا القدس، أول من أمس، عن 3 أسرى إسرائيليين ضمن الدفعة السادسة من الصفقة.
وذكر الخبير العسكري أن عملية تسليم الأسرى حملت ثلاثة أبعاد رئيسة إذ ظهر المقاومون بكامل عتادهم العسكري، بعضهم يحمل بنادق تم اغتنامها من وحدات النخبة في جيش الاحتلال مثل "التافور" و"الكيرفون" و"العوزي"، مما يعكس قوة المقاومة.
وأوضح أنه في البعد الإنساني، بثت المقاومة مقاطع للأسرى الإسرائيليين وهم على شاطئ بحر غزة قبل تسليمهم، وأظهرت أحدهم وهو يتسلم هدية بمناسبة ولادة ابنته، مما ينفي دعاية الاحتلال حول سوء معاملة الأسرى.
وبخصوص البعد السياسي والإعلامي فقد سلمت المقاومة الأسرى باستخدام سيارات دفع رباعي تم اغتنامها في السابع من أكتوبر 2023، مما يحمل دلالات رمزية حول سيطرتها على زمام المبادرة.
تنسيق عالي بين الفصائل
وتحدث أبو زيد عن التنسيق العالي بين فصائل المقاومة، حيث لم يكن الأسرى المفرج عنهم في قبضة كتائب القسام فقط، وإنما كان أحدهم لدى سرايا القدس، مما يعكس قدرة القيادة والسيطرة لدى المقاومة.
لم تقتصر الرسائل على الشارع الإسرائيلي، بل امتدت إلى الشارع الغزي والعربي. فعندما أكدت المقاومة "لا للتهجير"، دعمت بذلك الرؤية الأردنية والمصرية الرافضة للمخططات الصهيوأمريكية لتهجير سكان غزة. كما سعت لتعزيز التفاف الحاضنة الشعبية حولها رغم محاولات الاحتلال لتأليبهم ضدها.
من جانبه، أكد الخبير العسكري والاستراتيجي أحمد عبد الرحمن أن المقاومة لا تزال قادرة على فرض معادلاتها السياسية والميدانية، مستندةً إلى ورقة الأسرى كأحد أهم عوامل الضغط.
وقال عبد الرحمن لـ"فلسطين أون لاين" إن تهديد المقاومة بتجميد الصفقة دفع الاحتلال إلى الرضوخ لمطالبها، خاصة بعد تدخل الوسطاء الذين حصلوا على تعهد إسرائيلي بالالتزام ببنود اتفاق وقف إطلاق النار.
وأضاف أن المقاومة فرضت شروطها مرة أخرى، مؤكداً أن هذا الإنجاز يثبت أن خيار المقاومة هو السبيل الوحيد لتحرير الأسرى الفلسطينيين وإجبار الاحتلال على الخضوع رغم قوته العسكرية والدعم الغربي.
وأوضح أن حكومة الاحتلال، بقيادة بنيامين نتنياهو، فشلت في تحقيق أهدافها، حيث سعت منذ بدء العدوان إلى استعادة الأسرى بالقوة، لكنها بعد أكثر من 15 شهرًا من العمليات العسكرية وجدت نفسها مضطرة للتفاوض وفق شروط المقاومة، مما يعكس تحولًا في ميزان القوى.
وأشار إلى أن تعليق حماس لتسليم الأسرى ثم استئناف الصفقة بعد تعهدات الوسطاء، يظهر مدى تحكم المقاومة في مسار الأحداث. أما تلويح حكومة الاحتلال بالتصعيد العسكري، فهو مجرد محاولة للتغطية على هذا الفشل.
وختم عبد الرحمن بأن صمود الشعب الفلسطيني رغم الحصار والدمار يعزز القناعة بأن الاحتلال عاجز عن فرض رؤيته السياسية، وأن ميزان القوى يتغير تدريجياً لصالح المقاومة، مما يجعل الاحتلال أمام تحديات متزايدة على المستويات العسكرية والسياسية والدبلوماسية.