عدَّ حقوقيون إصدار رئيس السلطة في رام الله، محمود عباس، مرسومًا يقضي بوقف مخصصات عائلات الشهداء والأسرى والجرحى "مجحفًا ويندرج في إطار الاستجابة للضغوط الإسرائيلية والأمريكية"، مطالبين بضرورة التراجع الفوري عنه.
وكان عباس قد أصدر مرسومًا رئاسيًا بوقف المخصصات، ما أثار رفضًا فصائليًا وشعبيًا واسعًا، خاصة أنه يأتي في وقت تمرّ فيه الأراضي الفلسطينية بمرحلة صعبة بسبب التصعيد الإسرائيلي والأمريكي ضدها.
رفض واسع للقرار
يؤكد الناطق باسم عائلات الشهداء والجرحى، علاء البراوي، رفضه للمرسوم الرئاسي، مشددًا على أنه "لا يجوز تقزيم قضية عوائل الشهداء والجرحى والأسرى على البُعد الوطني".
وقال البراوي لـ "فلسطين أون لاين": "يجب على السلطة إيجاد حلول مناسبة لقضية عائلات الشهداء والجرحى، ورفع المعاناة عنهم"، مؤكدًا ضرورة وجود مؤسسة خاصة ترعى هذه القضية بدلاً من تحويلها إلى مؤسسات ووزارات أخرى.
بدوره، اعتبر مدير البرامج في مؤسسة "الحق" لحقوق الإنسان، تحسين عليان، أن القرار الرئاسي في الوقت الراهن "يعكس خضوع السلطة للضغوط الإسرائيلية والأمريكية".
وقال عليان لـ"فلسطين أون لاين": "المرسوم يأتي في وقت تمرّ فيه القضية الفلسطينية بظروف صعبة وحرجة، تتطلب تضافر الجهود الفلسطينية لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "كان من المفترض أن تقاوم السلطة هذه الضغوط، لا أن تقبل بتعديل القانون الذي ينصّ على دفع مخصصات لعائلات الشهداء والأسرى، لما يمثله ذلك من انتقاص لحقوقهم وكرامتهم"، مشيرًا إلى أن هذا التعديل يحوّل عائلات الشهداء والأسرى إلى متسولين بدلًا من أصحاب حقوق.
وأكد أن هؤلاء هم جزء أصيل من الشعب الفلسطيني، ويجب النظر إليهم باحترام، متابعًا: "كان الأجدر بالسلطة وقف التنسيق الأمني بدلًا من الرضوخ للإملاءات الأمريكية والإسرائيلية بوقف المخصصات".
وبيّن عليان أن الاحتلال لا ينوي منح الشعب الفلسطيني أيًّا من حقوقه، لذا كان على السلطة أن توقف التنسيق الأمني وتسعى للوحدة الوطنية.
وطالب عليان رئيس السلطة محمود عباس بسحب المرسوم الرئاسي وإعادة حقوق الشهداء والجرحى.
انتهاك للحقوق
من جهتها، اعتبرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) أن المرسوم الرئاسي "مشين ومجحف بحق فئات قدّمت أعظم التضحيات من أجل حرية وكرامة شعبنا".
وقالت الهيئة في بيان صحفي إن "المرسوم يأتي استجابة للضغوط الإسرائيلية والأمريكية، وفي إطار الإفراج عن جزء من أموال المقاصة"، موضحةً أن "هذا الإجراء يأتي في ظل تصاعد جرائم الاحتلال والمخاطر الوطنية والإنسانية".
وبيّنت أن المرسوم "يعكس تنكرًا لنضالات الأسرى والجرحى وأسر الشهداء، ويحوّلهم إلى مجرد حالات اجتماعية، في مخالفة واضحة للقانون الأساسي الفلسطيني والقوانين الوطنية التي كرّست حقوقهم وصانت كرامتهم".
وأكدت الهيئة أن هذه الفئات "دفعت أثمانًا غالية من أجل القضية الفلسطينية، وكان الواجب على القيادة الفلسطينية حماية حقوقهم وتعزيز صمود عائلاتهم، لا التخلي عنهم في هذا الظرف المصيري الذي تمرّ به قضيتنا الوطنية".
ووفق الهيئة، فإن استمرار هذا القرار "سيؤدي إلى نقل مسؤولية الحكومة عنهم إلى جمعيات أهلية، تتعامل معهم وفقًا للاحتياج والتقييم، مما سيحرم جزءًا منهم من الحصول على مخصصاتهم بعد إلغاء القانون الحامي لحقوقهم، وهو ما يفاقم معاناتهم الإنسانية".
وطالبت قيادة السلطة بالتراجع الفوري عن القرار غير القانوني، والالتزام بمسؤولياتها الوطنية والقانونية تجاه عائلات الشهداء والأسرى والجرحى، بما ينسجم مع القوانين الفلسطينية ومبادئ العدالة والإنصاف.
كما دعت الهيئة القوى الوطنية والمجتمع المدني إلى الوقوف صفًا واحدًا لرفض أي انتهاك لحقوق هذه الفئات التي كانت ولا تزال في طليعة النضال الفلسطيني.

