أكد المحلل السياسي اللبناني قاسم قصير أن قرار حركة المقاومة الإسلامية حماس تعليق الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين يمثل خطوة استراتيجية تهدف إلى إجبار (إسرائيل) على تنفيذ التزاماتها في اتفاق وقف حرب الإبادة، مشددًا على أن القرار ليس مؤشرًا على ضعف المقاومة، بل على إدارتها الذكية لمعركة التفاوض.
في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أوضح قصير أن الموقف الذي اتخذته حماس يأتي ردًا طبيعيًا على خرق الاحتلال للاتفاق، خصوصًا فيما يتعلق بإدخال المساعدات والكرفانات والخيام، إضافة إلى عودة النازحين إلى شمال القطاع، وقال: "حماس لم توقف عمليات الإفراج بدافع التعنت، بل لأنها تدرك أن الاحتلال يراوغ ويريد تحقيق مكاسب دون تقديم أي التزام حقيقي".
وأضاف: "عندما وقّعت حماس الاتفاق، كان ذلك على أساس التزام متبادل، لكن (إسرائيل) تحاول الالتفاف على البنود وإبقاء القطاع في حالة كارثية. قرار التأجيل يهدف إلى إعادة التوازن إلى المفاوضات".
موقع قوة
ورفض قصير الادعاءات التي تروّجها بعض الأوساط الإعلامية الإسرائيلية والغربية بأن تأجيل الإفراج مؤشر على ضعف حماس أو تراجع موقفها التفاوضي.
وقال: "حماس أثبتت أنها لاعب أساسي لا يمكن تجاوزه، وهي تفاوض من موقع قوة وليس العكس. لو كانت ضعيفة، لما كانت قادرة على فرض شروطها وإجبار الاحتلال على تقديم تنازلات".
وأكد أن التجربة أثبتت أن (إسرائيل) لا تلتزم بأي اتفاق ما لم تجد أمامها طرفًا يفرض عليها الالتزام بالقوة، مشيرًا إلى أن المقاومة نجحت في تغيير قواعد اللعبة، حيث أصبح الأسرى الإسرائيليون ورقة رابحة بيد حماس، ولن يتم الإفراج عنهم إلا وفقًا لما تم الاتفاق عليه.
السيناريوهات المحتملة
وحول السيناريوهات المتوقعة، يرى قصير أن (إسرائيل) ستواجه ضغوطًا متزايدة من عائلات الأسرى والمجتمع الإسرائيلي، مما سيدفعها إلى الالتزام بشروط الصفقة. "الاحتلال في موقف حرج، فهناك غضب مجتمعي داخل (إسرائيل) من استمرار احتجاز الأسرى، وفي الوقت نفسه، لا تستطيع الحكومة الاستمرار في خرق الاتفاق دون تداعيات"، يوضح قصير.
وأضاف أن حكومة بنيامين نتنياهو تحاول كسب الوقت وفرض شروط جديدة، لكن الضغوط الداخلية والخارجية ستجبرها في النهاية على الالتزام، قائلًا: "من مصلحة الاحتلال إنهاء الصفقة بسرعة، لأن استمرار المراوغة يعني مزيدًا من الأعباء السياسية والمجتمعية عليه".
وأشار قصير إلى أن هذا القرار يرسل أيضًا رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن (إسرائيل) ليست طرفًا يمكن الوثوق به في أي اتفاق، إذ إنها تخرق الاتفاقات حتى في القضايا الإنسانية. "حماس تقول للعالم: نحن التزمنا، لكن الاحتلال هو من يعرقل ويخدع"، يؤكد قصير.
واعتبر أن هذا قد يضعف موقف (إسرائيل) في المحافل الدولية ويعزز مطالبات بعض الدول بفرض ضغوط على الاحتلال لإجباره على احترام التزاماته.
وختم قصير حديثه بالتأكيد على أن قرار حماس يعكس تطورًا في أسلوب إدارتها للصراع، حيث أصبحت تدير المفاوضات بثقة وتحكم، وتفرض معادلات جديدة.
وقال: "الاحتلال كان يظن أنه يستطيع إخضاع حماس بسهولة. اليوم، نحن أمام مقاومة تدير المعركة بذكاء، وتفرض شروطها، وتجبر العدو على احترام الاتفاقات".
وأضاف المحلل السياسي أن الأيام المقبلة ستكشف أن (إسرائيل) لا تستطيع فرض إرادتها كما كانت تفعل سابقًا، لأن المقاومة الفلسطينية أصبحت رقمًا صعبًا في أي معادلة تفاوضية.
وأعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، الاثنين، أنه سيتم تأجيل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى الحركة إلى حين التزام الاحتلال ببنود الاتفاق وتعويض استحقاق الأسابيع الماضية وبأثر رجعي.

