فلسطين أون لاين

لدينا 4 أولويَّات نواجه تحدِّيات في إنجازها...

حوار رئيس بلديَّة غزَّة لـ "فلسطين": الوضع كارثيّ ونطالب بوقف شامل وكامل للعدوان

...
رئيس بلديَّة غزَّة لـ "فلسطين": الوضع كارثيّ ونطالب بوقف شامل وكامل للعدوان
غزة/ حاوره نبيل سنونو:

يجب فتح المعابر دون قيود وإدخال جميع المواد المطلوبة لعملنا

لدينا 4 أولويات لخدمة المواطنين نواجه تحديات في إنجازها

الاحتلال دمر 80% من آلياتنا وقتل 50 من موظفينا

غزة قابلة للحياة بسواعد أهلها.. هناك آلام لكن فيها آمال كثيرة

مناطق كثيرة لا تصلها المياه الآن وخدماتنا في الصرف الصحي محدودة

هناك خطر فيضان وإغراق العديد من الشوارع خاصة في حي الزيتون

خدماتنا في مجال النظافة تقل عن 40% من المطلوب

فتح الشوارع مازال متواضعا ولا يزيد عن 10-15%

صمتت أصوات المدافع والغارات الحربية في غزة، لكن حرب الإبادة الجماعية متعددة الأوجه لا تزال تفتك بالمقومات الأسياسية لعيش المواطنين، وخلفت وضعا يصفه رئيس بلدية غزة د.يحيى السراج بأنه "كارثي".

حاورت صحيفة "فلسطين"، السراج الذي طالب بوقف شامل وكامل للعدوان، وفتح المعابر وإدخال المواد اللازمة لعمل البلدية دون قيود.

وقال: إن أربع أولويات حددتها البلدية لخدمة المواطنين تواجه تحديات في إنجازها، مع تدمير الاحتلال 80% من آلياتها وقتل 50 من موظفيها.

وفي حين عبر عن فخره بأنه وطواقم البلدية لا يزالون على رأس عملهم، اعتذر السراج للمواطنين في مدينة غزة "لأننا لا نستطيع تلبية كل حاجاتهم".

وبشأن مدى تعاون المؤسسات الدولية مع البلدية، أوضح أن هناك دعما وتعاونا لكنه ليس بحجم الكارثة والمطلوب والسرعة الكافية.

وردا على سؤال بشأن الوضع في غزة، أجاب: "إنه كارثي بكل معنى الكلمة وسيبقى لفترة"، لكنه رفض تقارير أممية تفيد بأن قطاع غزة غير صالح للعيش، مشددا على أن غزة ستبقى صالحة للحياة بسواعد أهلها، الذين اعتادوا على العدوان ومواجهته بقوة وعنفوان.

وأضاف: تلاحظ المواطنين حاليا يرممون بيوتهم ولو بقيت فيه غرفة واحدة ليسكنوا فيها ومن عنده محل تجاري بدأ بترميمه وعرض بضائعه للمواطنين مرة أخرى.. الحياة بدأت تدب في شوارع المدينة ولم ينتظر المواطن أحدا.

وشدد على أن "غزة قابلة للحياة وستبقى، نعم فيها صعوبات وتحديات وآلام ولكن فيها آمال كثيرة ونحن شعب كالعنقاء نخرج من الرماد أقوى وأجمل وأعز".

*الأولويات والتحديات*

وربط السراج بين أولويات عمل البلدية التي حددها المجلس البلدي في بداية حرب الإبادة الجماعية قبل 16 شهرا وبين التحديات الماثلة أمامها.

وأوضح أن هذه الأولويات هي: توفير المياه، وخدمات الصرف الصحي، وجمع النفايات وترحيلها لأماكن بعيدة عن السكان،  وفتح الطرق وتمهيدها وتسهيل الحركة.

وقال: كل واحدة من هذه الأولويات تواجه تحديات عديدة، مضيفا أن التحديات كانت في عدم توفر الوقود الذي مثل أمرا صعبا في أثناء العدوان، وقد بدأ ذلك يقل تدريجيا.

وفسر بأن العديد من المؤسسات زودت البلدية بالوقود، وهو لم يكن بكميات كافية ولكن مع الزمن واستمرار وقف العدوان بدأت الكميات تزيد تدريجيا وتجاوزت البلدية هذه المشكلة حاليا وتطمح بالمزيد.

لكنه أردف: الوقود بدون معدات ومولدات وشاحنات لا يفيد، وقضية التقطير وإدخال المواد ومنع أخرى هذا أمر مفهوم ومعروف من قبل الاحتلال، ونحن نرفع صوتنا دائما أننا نريد فتح جميع الحدود والمعابر والسماح بالتنقل الحر في الاتجاهين والسماح بنقل البضائع دون قيود.

وحدد التحدي الأكبر أمام البلدية في كل الأولويات والمشاريع والأعمال بأنه عدم توفر الآليات اللازمة بأنواعها سواء الثقيلة أو المتوسطة أو آليات الحركة: الشاحنات والجرافات وناقلات النفايات وأجهزة الحفر لصيانة الشبكات والتي دمرها الاحتلال.

ووفق السراج، فإن الاحتلال دمر ما يزيد عن ٨٠% من الآليات في البلدية بعدد يصل إلى ١٣٣ مركبة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة وهذا يصعب العمل ولا تستطيع البلدية توفير هذه الآليات.

وأفاد بأن من التحديات عدم توفر المواد اللازمة، وحتى فترة قريبة لم يكن تتوفر لدى البلدية مواسير لصيانة شبكات المياه بالعدد والأقطار الكافية والمتنوعة وكذلك بالنسبة للصرف الصحي.

وتابع: بدأت تدخل هذه المواد تدريجيا ولكنها غير شاملة لكل الأنواع والأقطار والكميات.

أما التحدي المهم جدا كما يصفه رئيس البلدية فهو عدم توفر الكهرباء المقطوعة منذ بداية العدوان في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتستعيض عنها البلدية بالطاقة الشمسية أو المولدات حاليا رغم أنها غير متوفرة بالعدد والحجم الكافيين وأسعارها باهظة.

وطالب السراج بإدخال المزيد من المولدات بأنواعها وأحجامها "لنسهل حياة السكان".

وأشار إلى عدم توفر مواد البناء أيضا وغيرها مما يلزم في كثير من المشاريع.

ومثل على ذلك بالإسمنت اللازم لإنشاء وتوفير مناهل الصرف الصحي وخطوط المياه.

وقال السراج: لا نستطيع في كثير من الأحيان عمل صيانة جيدة ومناسبة لخطوط الصرف الصحي وتبقى المياه تنساب في الشوارع لأنه لا تتوفر لدينا المناهل اللازمة ولا أغطيتها التي دمرت.

وأضاف أن مصارف المطر كذلك تحد كبير فعدد منها دمره الاحتلال وأحيانا سرق وهذا يشكل خطرا على المارة والسيارات وحاولت البلدية إيجاد حلول بديلة مبتكرة ولكن الإمكانات غير متاحة.

ومن التحديات عدم قدرة البلدية على ترحيل النفايات التي تجمعها البلدية حاليا في أماكن مؤقتة غير مناسبة وتقع في المناطق المكتظة من السكان وقريبة من الأسواق والمستشفيات أحيانا ما يشكل تهديدا صحيا وبيئيا "نحن نعرفه ونلاحظه لكن غير قادرين على تسهيل حياة السكان بهذا الموضوع"، والحديث للسراج.

وبين أن مسألة فتح الشوارع ضاغطة جدا على البلدية لكن  الجرافات المتوفرة محدودة العدد والإمكانات والشاحنات اللازمة أيضا قليلة العدد والإمكانات ولا تتوفر لدى البلدية الآليات الثقيلة القادرة على إزالة الأنقاض الضخمة المتمثلة بالمباني العالية وأسقفها المتراكمة والموجودة في الشوارع، ما يشكل معضلة كبيرة.

ومن التحديات عدم قدرة البلدية على دفع رواتب العاملين، إذ أوضح أنه منذ بداية العدوان لا يحصل العاملون على رواتب مناسبة وكل ما يمكن الحصول عليه مساعدات مادية وعينية ودفعات نقدية قليلة لا تفي بالغرض في ظل الغلاء الفاحش في القطاع حاليا.

ونبه السراج إلى أن العديد من العاملين فقدوا بيوتهم وأحبائهم واستشهد ٥٠  موظفا في البلدية.

وأشار إلى أن عدم استقرار الموظف وعدم شعوره بالأمان ووجود بيت يؤوي أهله وأولاده لا يعطيه الدافع الكبير في العمل بأريحية والنشاط المعتاد.

*تدمير مباني أثرية*

وعلى صعيد مباني البلدية، فقد شكل قصفها تحديا أساسيا -, والحديث لا يزال للسراج - إذ إن المبنى الرئيس لرئاسة البلدية والمجلس البلدي قصفه الاحتلال بقذائف متعددة أخرجته من الخدمة وهو مبنى تاريخي وأثري ومجاور له مبنى الأرشيف المركزي الذي قصف الاحتلال أجزاء كبيرة منه وحرق الوثائق التاريخية التي تعكس تاريخ المدينة ولها قيمة بالغة الأهمية دون رحمة.

وطال القصف أيضا مباني رئيسىة منها مركز خدمات الجمهور وباقي الدوائر والتخطيط والتنظيم والمشتريات وغيرها دمرها الاحتلال وهي غير صالحة للاستخدام حاليا، وفق السراج.

وتابع: المكتبة المركزية دمرها الاحتلال بشكل شبه كامل ومركز إسعاد الطفولة بات غير صالح للاستخدام ومركز هولست الثقافي استهدف ويحتاج لصيانة كبيرة ومركز رشاد الشوا الثقافي المعلم الأساسي بمدينة غزة لا ندري ما الذنب الذي ارتكبه هذا المبنى ليدمر دون رحمة.

وأشار رئيس البلدية إلى تدمير  محطات الصرف الصحي التي تكلف الملايين وأجزاء كبيرة وواسعة من بركة الشيخ رضوان حيث تتجمع مياه الأمطار وأيضا إتلاف العديد من المرافق في محطة الشيخ عجلين الخاصة بمعالجة المياه العادمة، كما دمر الاحتلال الأسواق كلها تقريبا في منطقة الشعبية وسوق الشيخ رضوان والشجاعية وسوق معسكر الشاطئ وتحتاج إعادة بناء من جديد.

*خدمات غير كافية*

وعن سؤال: في ظل هذه التحديات، ما الخدمات التي تستطيع بلدية غزة تقديمها للجمهور حاليا؟ أجاب: نركز على الأولويات الأربعة ولكن الخدمات غير كافية لا بالكم ولا النوع ونؤكد حاجتنا الدائمة لتطوير هذه الخدمات وتمكيننا من توفيرها بالشكل اللائق والمناسب.

وبمقارنة نسبة تقديم تلك الخدمات للجمهور حاليا مقابل فترات ما قبل حرب الإبادة الجماعية، بين السراج أن النسبة حاليا متفاوتة.

وشرح ذلك قائلا: بالنسبة للمياه خدماتنا تصل حوالي ٤٠% من المناطق بشكل مناسب وباقي المناطق لا تصل إليها بكميات كافية ومناطق كثيرة لا تصلها المياه أصلا حتى الآن، أما الصرف الصحي خدمتنا فيه محدودة جدا لأن محطاته في أغلبها معطلة وهناك خطر فيضان وإغراق العديد من الشوارع خاصة في حي الزيتون بمحيط محطة الصرف الصحي الرئيسة هناك وهي الأضخم في قطاع غزة وربما في فلسطين.

وأضاف أن هذه المحطة مازالت تعاني بشكل كبير وتحتاج لصيانة كبيرة وتوفير مولدات ومبان والعديد من الأشياء.

وفي مجال النظافة، حدد نسبة الخدمة المقدمة "بأنها تقل عن ٤٠% من إمكاناتنا ومن المطلوب".

وبخصوص فتح الشوارع، أكد أنه "مازال متواضعا لا يزيد عن ١٠ـ١٥% من المطلوب عمله والعمل يسير ببطء أقل من الذي توقعناه وطلبناه بسبب عدم توفر الآليات ولا سرعة التمويل اللازم لفتح الطرق بشكل أوسع".

*إنهاء العدوان*

وطالب رئيس بلدية غزة بإنهاء العدوان بشكل كامل وشامل وفتح المعابر والحدود دون قيود، والسماح بإدخال جميع المواد المطلوبة واللازمة دون قيود وشروط أيضا، والسماح بحرية الحركة في كل الاتجاهات والمجالات وعدم تقييدها، وتلبية احتياجات البلدية المعلنة وحسب الأولويات التي طلبتها وبالسرعة اللازمة لتسهيل حياة الناس.

وقال السراج: يكفي حصارا، لقد استمر نحو ١٨ سنة وكان موجودا قبل ذلك بطريقة أو بأخرى، مضيفا أن أهل غزة يستحقون الحياة الكريمة والحرية وأن يعيشوا مثل الآخرين في العالم.

وأشار إلى أن أهل غزة متعلمون وواعون لديهم الكفاءات والخبرات والعديد من الشباب والشابات منهم يعملون في دول أخرى حتى أثناء العدوان عن طريق الإنترنت "نحن نفتخر بهم".

وشدد على وجوب النظر لهذا الشعب على أنه ذخر للعالم وأنه قادر على تقديم الأشياء المهمة التي تساهم في تطوير حياته وحياة الناس في الدول الأخرى.

*عمل مستمر*

وتطرق السراج إلى عمل البلدية خلال الحرب، قائلا: "إنها استمرت في عملها منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 وأعلنت تشكيل لجنة طوارئ وهي تستمر أيضا بعد هذا العدوان وهمها الأساس توفير ما يمكن من خدمات للمواطنين رغم صعوبة الأمر وعدم توفر الإمكانات المادية أو الآليات والمواد اللازمة لتقديم الخدمة والضغط الكبير والهائل والحاجة الماسة للسكان في كل المجالات".

وأضاف: رغم ذلك نظمت البلدية عملها واستدعت موظفيها وحددت الثامن من فبراير/ شباط بدء عودة الجميع للعمل والتشمير عن سواعد الجد لاستئناف نشاط وهمة جديدين في تقديم الخدمات بكل أنواعها لكن التحديات كبيرة وهي ملاحظة في الطرقات والمباني والردم وجمع النفايات وكل مرافق الحياة.

وعبر عن فخره "بأننا مازلنا على رأس العمل نكافح وندافع ونحرص على خدمة المواطنين بكل ما أوتينا من قوة ونعتذر للمواطن في مدينة غزة لأننا لا نستطيع تلبية كل حاجاته وهو يستحق منا كل خدمة وهو الذي عانى وصمد خلال ١٦ شهرا مضت".

*المؤسسات الدولية*

وعن مدى تعاون المؤسسات الدولية ذات العلاقة مع البلدية، قال: "هناك دعم وتعاون لكنه ليس بحجم الكارثة والمطلوب والسرعة الكافية".

وأضاف: العديد من المؤسسات الدولية والعربية والمحلية تتواصل معنا ونلتقي بها باستمرار وتقدم ما يمكن من الدعم وما يتوفر لديها، مردفا: هناك قيود أحيانا مفروضة على هذه المؤسسات في إدخال المواد التي نطالب بها، وبعض المؤسسات لا تسعفها البيروقراطية الموجودة لديها في سرعة التجاوب.

وتابع: بعض المؤسسات الدولية نحن نتفاوض معهم منذ أكثر من ٤-٦ شهور وحتى الآن لم ينفذ عدد من المشاريع الحيوية والأساسية ومن أهمها ما يخص النفايات وفتح الشوارع فمازالت هناك البيروقراطية السلبية التي تحاول تجاوزها ولم تستطع بعد.

وأكد أن الاحتلال عنصر أساسي أيضا في تعطيل الاستجابة السريعة من هذه المؤسسات.

وبين رئيس بلدية غزة أن هناك مؤسسات صغيرة ومبادرين شباب يدعمون البلدية ولجان الأحياء تتعاون معها أيضا وتساعدها في تحديد المطلوب والأولويات اللازمة للمواطنين.

وأسفرت حرب الإبادة الجماعية على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٣، عن استشهاد وإصابة أكثر من ١٥٠ ألف غزي ودمار واسع طال البنى التحتية ومعظم المباني في القطاع.

المصدر / فلسطين أون لاين