فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

"البروتوكول الإنساني" في غزَّة.. لماذا يُماطل الاحتلال في تنفيذ التزاماته؟

...
"البروتوكول الإنساني" في غزَّة.. لماذا يُماطل الاحتلال في تنفيذ التزاماته؟
غزة/ محمد الأيوبي

رغم مرور 23 يومًا على إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، يواصل الاحتلال الإسرائيلي المماطلة في تنفيذ التزاماته التي تضمنها "البروتوكول الإنساني" للاتفاق، مما يهدد بتفاقم الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع، وسط تساؤلات عن الأسباب الحقيقية وراء هذا التعطيل، وما إذا كان محاولة لفرض واقع جديد على سكان القطاع.

وأمس، أعلن الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أبو عبيدة، أن قيادة المقاومة قررت تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين الذين كان من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت القادم، 15 فبراير/شباط، حتى إشعار آخر.

كما اتهمت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" (إسرائيل) بمواصلة تعطيل تنفيذ "البروتوكول الإنساني" من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي.

والجمعة الماضية، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن حجم المساعدات التي دخلت القطاع، منذ 19 يناير، لم يتجاوز 8,500 شاحنة من أصل 12,000 شاحنة كان يُفترض دخولها.

محاولة يائسة

مدير مركز وطن للأبحاث، معمر عرابي، رأى أن المماطلة في تنفيذ بنود "البروتوكول الإنساني" لاتفاق وقف إطلاق النار تعكس محاولة بائسة من حكومة الاحتلال بعد الانتصار الذي حققته المقاومة الفلسطينية في غزة.

وقال عرابي لـ "فلسطين أون لاين" إن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وحكومته الفاشية يحاولون وضع الكثير من العراقيل أمام تنفيذ بنود وقف إطلاق النار، لأنهم لم يستوعبوا هذا الانتصار الذي سطرته المقاومة الفلسطينية.

وأوضح أن (إسرائيل) كانت تتحدث عن "اليوم التالي" للحرب، وهذه جزء من إرهاصات اليوم التالي، وهو الأكثر صعوبة على الكيان الإسرائيلي من الناحية الاستراتيجية. وأضاف: "حذرنا منذ البداية من المماطلات والألاعيب الإسرائيلية التي ستحاول إفشال أي شيء حتى تُقوض الانتصار العظيم للشعب الفلسطيني".

وتوقع عرابي أن تلجأ (إسرائيل) إلى مزيد من المماطلة في الإفراج عن الأسرى وتنفيذ "البروتوكول الإنساني" والمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، لكنه أكد أن اتفاق وقف إطلاق النار لن يُنفذ إلا بشروط المقاومة وإيقاعها.

وأشار إلى أن (إسرائيل) ليس لديها خيار إلا المضي قدمًا في تنفيذ وقف إطلاق النار، لأنها تدرك أن إرادة الشعوب هي حتمية تاريخية، معتبرًا أن هذه المماطلة جزء من السلوك الإسرائيلي المعتاد، كما حصل في تأخير الإفراج عن الأسرى، والتلاعب بتوقيت دخول اتفاق وقف إطلاق النار.

وفيما يتعلق بمخططات الاحتلال، أوضح عرابي أن (إسرائيل) تحاول خلق ظروف غير طبيعية لتهجير سكان قطاع غزة والضفة الغربية، وأن هذا هو السلاح الذي تستخدمه للضغط على السكان المدنيين، لكنه شدد على أن حاضنة المقاومة هي الرد الطبيعي على الإجراءات الاحتلالية رغم قسوة الظروف المعيشية للشعب الفلسطيني.

وأضاف: "الشعب الفلسطيني الأكثر وعيًا في تشبثه بأرضه، ومحاولات إعادة إنتاج نكبة 1948 ونكسة 1967 لن تتكرر، رغم التحديات التي يفرضها الاحتلال".

أداة ضغط

الخبير في الشأن الإسرائيلي، د. نزار نزال، رأى أن (إسرائيل) تسعى إلى تنغيص حياة الفلسطينيين في غزة عبر المماطلة في تنفيذ "البروتوكول الإنساني"، وذلك بعد تدميرها البنية التحتية في القطاع، بما في ذلك النظامان التعليمي والصحي، وجميع مقومات الحياة الإنسانية.

وأوضح نزال لـ"فلسطين أون لاين" أن الاحتلال يستخدم القضايا الإنسانية كأداة ضغط على حركة "حماس"، مشيرًا إلى أن اجتماع "الكابينت" الإسرائيلي المقرر غدًا الثلاثاء سيناقش وضع شروط تعجيزية على طاولة الحوار في الدوحة، مثل إبعاد قيادات "حماس" إلى خارج القطاع، وهي شروط لا يمكن أن تقبلها الحركة.

وأكد أن التلكؤ الإسرائيلي في تنفيذ الاتفاقات مقصود، وهو يهدف إلى تعميق معاناة الناس وخلق بيئة طاردة للحياة داخل غزة، كجزء من مخطط أوسع لدفع السكان إلى الهجرة طوعًا، وهو ما سبق أن أشار إليه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ووزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس.

وأضاف أن (إسرائيل) تريد فتح المعابر بشكل انتقائي، ليس لإدخال المساعدات، بل لتشجيع الفلسطينيين على مغادرة القطاع، في إطار خطة تهجير مدروسة.

وفيما يتعلق بمدى جدية (إسرائيل) في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، أكد نزال أن الاحتلال غير جاد في وقف إطلاق النار، ويعتزم استئناف القتال في مارس/آذار المقبل، مشيرًا إلى أن حكومة الاحتلال تسعى إلى تمديد الفترة الزمنية الأولى من وقف إطلاق النار، وسط حديث عن قضايا إنسانية وليست سياسية، من أجل إطلاق سراح أكبر عدد من الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة قبل استئناف العمليات العسكرية بتكتيكات جديدة، تختلف عمّا كانت عليه خلال الـ15 شهرًا الماضية.

وأشار إلى أن نتنياهو تعهد لشريكه في الائتلاف اليميني، بتسلئيل سموتريتش، باستئناف القتال للحفاظ على تماسك حكومته ومنع انهيارها.

وأضاف أن (إسرائيل) ستعود إلى الحرب باستخدام أدوات وأساليب مختلفة، حتى تعطي إشارة للائتلاف الحكومي بأنها عادت للقتال في غزة ولا داعي للانسحاب منه.

وأوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي أن الاحتلال يتعمد عرقلة وصول المساعدات الإنسانية كجزء من استراتيجيته لخنق غزة وجعل الحياة فيها غير ممكنة، وخلق بيئة طاردة، بهدف دفع السكان إلى الهجرة طوعًا.

وأشار إلى أن ما يدخل من مساعدات هو مجرد رسالة للمجتمع الدولي بأن (إسرائيل) تلتزم باتفاق الدوحة، في حين أنها في الواقع تعمل على إفشاله من خلال إجراءات ميدانية تعكس نيتها المبيتة للقضاء على الحياة في غزة.

وفيما يتعلق بدور الوسطاء، شدد نزال على أن الوسطاء كانوا قد حصلوا على ضمانات بتنفيذ الاتفاق، لكن (إسرائيل) اعتادت تاريخيًا على نقض العهود، مستشهدًا بالخروقات الإسرائيلية المتكررة لاتفاقات وقف إطلاق النار في لبنان، حيث تم تسجيل أكثر من ألف انتهاك إسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار هناك.

وشدد على أن ما قد يجبر (إسرائيل) على الالتزام باتفاق الدوحة ليس لغة العواطف أو المشاعر، بل لغة المصالح، داعيًا إلى موقف عربي أكثر صرامة يمارس ضغوطًا فعلية على الولايات المتحدة لإلزام (إسرائيل) بتنفيذ الاتفاق.

وحذر من أن غياب أي رادع حقيقي، خاصة في ظل الهجوم الأمريكي على المؤسسات الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، سيجعل (إسرائيل) ماضية في تنصلها دون تردد.

المصدر / فلسطين أون لاين