فلسطين أون لاين

وسط تداعيات حرب الإبادة الجماعية

تقرير النقاط التعليمية في غزة.. إقبال متزايد وتحديات لا متناهية

...
غزة/ نبيل سنونو:

من العدم، خرجت نقاط تعليمية في غزة إلى النور لسد فجوة علمية خلفتها حرب الإبادة الجماعية، لكنها تجابه تحديات جسيمة تكاد تجعل استمرارها مستحيلا.

وفي منطقة شرق مدينة غزة وحدها يبلغ عدد النقاط التعليمية 45 نقطة، يقوم معظمها على أسس تطوعية، وهي عبارة عن خيام ميدانية، تفتقر إلى الاحتياجات اللازمة لتدريس الطلبة، وفق مسؤولة إحدى النقاط.

وتزايد الضغط على تلك النقاط مع عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله بموجب اتفاق وقف حرب الإبادة الجماعية في أواخر يناير/كانون الثاني، وإقبال الطلبة على الدراسة فيها مع التدمير الواسع في المدارس وخروجها من الخدمة.

ووجد عشرات الآلاف من الطلبة في قطاع غزة أنفسهم منقطعين قسرا عن الدراسة لنحو 16 شهرا بسبب حرب الإبادة الجماعية، التي أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 150 ألف مواطن، منهم طلبة ومعلمون.

وفي شرق غزة، انتظم عشرات الطلبة بغرف صفية في نقطة "الأجيال الفلسطينية" وسط انهمار مياه الأمطار على الخيام.

المعلمة في وزارة التربية والتعليم ومديرة النقطة التعليمية د.نور الهدى النبيه، تقول: إن هذه النقطة أنشئت رغم الظروف الصعبة والخطر والدمار في أكتوبر/تشرين الأول 2024، في ظل إقبال كبير من الأهالي والطلاب، مع تخوفهم من فقد المعلومات التي درسوها سابقا بعد عام ويزيد من الحرب.

وتوضح النبيه لصحيفة "فلسطين" أن كادر المعلمات المتطوعات أصر رغم كل المخاطر والقصف في المدارس ومراكز الإيواء حول النقطة، على الحضور والمتابعة وتقديم ما يستطيع حتى في ظل عدم وجود مكافآت لهن.

وتفيد بأن النقطة التي تعمل بمتابعة من وزارة التربية والتعليم لا تتلقى دعما حاليا سوى من إحدى المؤسسات المعنية التي كفلت معلمات وطلبة من الصف الرابع حتى السادس، وفاعلي خير يقدمون بعض القرطاسية والإفطار للطلبة.

وتدرس هذه النقطة التعليمية الطلبة من الصف الأول حتى السادس الابتدائي، وتسعى إلى تقديم خدمات نفسية وتوعية جنبا إلى جنب التعليم.

وتفيد النبيه بأن نحو خمس نقاط تعليمية فقط في شرق غزة تدعمها مؤسسات معنية، بينما تقوم البقية على التطوع.

وتبين النبيه أنها الوحيدة في نقطة "الأجيال الفلسطينية" التعليمية المثبتة على كادر الموظفين في وزارة التربية والتعليم.

وعن تزايد عدد الطلبة المقبلين على النقطة التعليمية ومتابعة أولياء الأمور، توضح أن النقطة تفتقر للسعة الاستيعابية، إذ إن كل غرفة صفية يدرس فيها 40 طالبا وطالبة في مساحة لا تتعدى 2.5x2.5 متر مربع.

ومن التحديات أيضا -وفق مديرة النقطة- الفاقد التعليمي مع الحاجة إلى خطة يمكن اتباعها لتعويضه، وحاجة المعلمات المتطوعات إلى دورات ذات علاقة.

وتشير إلى منسقين من وزارة التربية والتعليم كانوا يحاولون قدر المستطاع تزويد النقطة بالخطط التعليمية.

وخلال حرب الإبادة الجماعية عمد الاحتلال إلى تدمير البنية التحية والمرافق التعليمية في قطاع غزة واستهداف المسؤولين الحكوميين والموظفين الذين يؤدون أعمالهم.

وتمتد الاحتياجات إلى الأموال التشغيلية اللازمة، وفق مديرة النقطة، بما يشمل 1000 شيقل لطباعة أوراق، وماكنة طباعة تكلفتها حاليا 2500 شيقل، وأوراق عمل للطلبة وقرطاسية لا يستطيع أولياء الأمور توفيرها.

كما أن النقطة التعليمية بحاجة إلى المياه سواء للغسل أو الشرب، إذ توضح النبيه أن شح المياه في جملة المعوقات تقلل من الأداء المطلوب.

وتشير إلى أن من التحديات كذلك تسرب مياه الأمطار إلى الغرف الصفية.

قدرات الطلبة

ومع التداعيات الجسيمة التي خلفتها حرب الإبادة الجماعية على الطلبة فإن قدرة الكثير منهم على الاستيعاب أو التركيز تأثرت، والكلام هنا للمعلمة المتطوعة إيناس البدري.

تقول البدري لصحيفة "فلسطين": استيعاب الطلبة صعب نوعا ما، لأنهم فقدوا فترة تعليمية خلال الحرب، فمثلا طلبة الصف الثاني لم يلتحقوا بالصف الأول.

ويعاني هؤلاء الطلبة من مشكلات في تعلم القراءة واستيعاب الرياضيات وبطء الكتابة، بحسب تقييم البدري.

وللتغلب على ذلك، تحاول المعلمة استدراك الأساسيات التعليمية التي فقدها الطلبة لمساعدتهم في مواكبة المرحلة الدراسية الحالية.

وأمام المشكلات النفسية التي تعيق تركيز الطلبة، توضح أن المعلمات يحاولن مساعدة الطلبة في التفريغ عن أنفسهم عبر الحديث أو الرسوم.

وعن تطوعها في النقطة التعليمية، تقول: إنها تؤدي هذه الرسالة في سبيل الله ثم الوطن، ولاكتساب خبرة تساعدها في مستقبلها المهني.

ويكابد معظم الطلبة آلام فقد أقارب لهم ومنازل كانت تؤويهم  قبل حرب الإبادة، وبعضهم يعاني من إصابته خلالها.

لميس أبو الكاس (ستة أعوام) فقدت والدها الذي استشهد من جراء الحرب، هي إحدى طالبات الصف الثاني في الغرفة الصفية.

تقول لصحيفة "فلسطين": إنها تفتقد والدها، وتفتقر إلى مقومات مدرستها التي كانت ملتحقة بها قبل الحرب ومنها "كانتين المدرسة" والألعاب كالأرجوحة وغيرها.

وتلتزم لميس مقعد الدراسة مثقلة بهموم وأوجاع تفوق قدرتها على التحمل.

ورغم هذه التحديات فإن القائمين على النقطة والطلبة مصرون على الاستمرار في العملية التعليمية، مع آمالهم بتلقي الدعم المناسب، الذي يعينهم على رسم مستقبل يلبي طموحاتهم ويخفف معاناتهم.

المصدر / فلسطين أون لاين