تتواصل حملة جيش الاحتلال على مخيم جنين مخلفة ثلاثة عشر شهيدا وعشرات الجرحى مع استهداف للبنى التحتية والمباني وسط مخاوف من تنفيذ سيناريو حرب الإبادة في قطاع غزة في المخيم.
ومع إعلان جيش الاحتلال الثلاثاء الماضي، بدء عملية عسكرية واسعة في مخيم جنين، دفع بآلياته المصفحة إلى المخيم بغطاء جوي من طائرات الاحتلال.
وفور توغل جيش الاحتلال فرض حصارا على المخيم من كل الاتجاهات، طالبا من الأهالي مغادرته حتى السادسة من مساء اليوم الخميس إلى قرية برقين عبر دوار العودة شمال غربي المخيم.
ووفق الناشط السياسي جمال الزبيدي، يمر النازحون عبر حاجز للاحتلال ويخضعون للتفتيش الالكتروني قبل السماح لهم بالوصول إلى برقين.
نزوح جماعي
وأشار إلى أن غالية سكان المخيم المقدر تعدادهم من 10-11ألف نسمة غادروا المخيم، مشيرا إلى تمسك بعض السكان بالبقاء في المخيم رافضين مغادرته استجابة لتهديدات الاحتلال.
وقال الزبيدي لـ "فلسطين أون لاين"، جيش الاحتلال دمر الشوارع والبنى التحتية والخدمات الحيوية في المخيم، وامتد التدمير للشوارع التي تصل المخيم بالمدينة.
وتابع القول، لم يعد أي من أشكال الحياة في المخيم، فلا أحد يدخل إليه، ولا تصله الاحتياجات الضرورية للبقاء.
وحتى اليوم بلغت اجتياحات المخيم إلى (40) اجتياحا منذ السابع من أكتوبر 2023، استشهد خلالها قرابة 120مواطنا، بحسب الزبيدي.
كل تلك الاجتياحات وما قبلها منذ العام 2000 مرورا بعملية السور الواقي في نيسان أبريل 2002 لم تفلح في كسر جذوة المقاومة المتجذرة في المخيم جيلا بعد جيل.
لكن الاجتياح الأخير يختلف عن مئات الاجتياحات السابقة لمخيم جنين، في الحالة الفلسطينية المنقسمة حول المقاومة في المخيم. يقول الزبيدي، ويضيف في هذه المرة جرى اجتياح المخيم من جيش الاحتلال بالتزامن مع استهدافه من الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
تبادل الأدوار
أجهزة السلطة التي انسحبت من محيط المخيم ومداخله بالتزامن مع اقتحامه من قوات الاحتلال، تمركزت في أماكن أخرى كخط ثاني خلف الاحتلال تعتقل من يتمكن من مغادرة المخيم من المقاومين، ومناصريهم، فضلا عن تعقبها للمقاومين في القرى المجاورة وفي مستشفيات جنين، وقد اعتقلت العديد منهم حتى الآن.
ولم تكتف أجهزة السلطة بجريمة الاعتقال بالتزامن مع عملية الاحتلال بل نشرت للمعتقلين صورًا في أوضاع مهينة في محاكاة لما يفعله الاحتلال الإسرائيلي.
ويصف الناشط السياسي ما يحدث، بأنه عملية تبادل أدوار، فجيش الاحتلال يعيث فسادا في المخيم، وترك لأجهزة السلطة الفلسطينية حرية العمل بحثا عن المقاومين في المستشفيات والقرى المحيطة بالمخيم، "مؤسف جدا ما يحدث حاليا" يقول الزبيدي.
المخيم موحد ويلتف حول المقاومين، لكن الزبيدي يأسف لحملة انتقادات علنية لأول مرة تطال المقاومة في المخيم، مقابل تيار يدعمها، وثالث يلتزم الصمت خوفا على مصالحه وامتيازاته.
ويعزو مواصلة الأجهزة حملتها ضد مقاومي المخيم إلى محاولة المتنفذين في السلطة للحفاظ على مصالحهم، ومخاوفهم من تجاوزهم أميركيا وإسرائيليا، لذلك يواصلون التنسيق الكامل على الأرض بين أجهزة السلطة وجيش الاحتلال.
صمود المقاومة
رغم قتامة الموقف ميدانيا إلا أن الزبيدي يؤكد أن للمقاومين خبرة في مقارعة الاحتلال والتصدي لعدوانه بما توفر لهم من سلاح، معززين بإيمان راسخ بعدالة قضية الشعب الفلسطيني، وبحقهم في الدفاع عن أرضهم وشعبهم ومقدساتهم.
ولجمال الزبيدي 68 عاما، الذي قارع الاحتلال في مطلع شبابه وقضى سنوات بسجون الاحتلال، أربعة أبناء بين شهيد وجريح وأسير. فاستشهد نعيم في ديسمبر 2012، ومحمد في نوفمبر 2023، وأصيب مظفر برصاص لا يزال يعاني من أثاره إلى اليوم، فيما اعتقل الاحتلال ابنه الرابع يوسف منذ 14شهرا.
وابن شقيقه عضو المجلس الثوري لحركة فتح زكريا الزبيدي المعتقل منذ 2019، وقد استشهد شقيقه داوود في مايو 2022، واستشهد شقيقهما الثالث طه في معركة نيسان 2002.
يتمسك جمال الزبيدي بحق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال الجاثم على ارضهم وخصوصا في الضفة الغربية التي يتوعد قادة الاحتلال بتغيير واقعها ووقائعها في قادم الأيام.
ولا يستبعد الزبيدي أن تشتد الحملة من السلطة على المقاومة في مخيم جنين وغيره من مناطق الضفة في مغازلة واضحة للاحتلال والأمريكان في محاولة لإيجاد موطن قدم لهم في المرحلة القادمة.
ويؤكد الناشط السياسي، أن انحراف البوصلة الوطنية لدى البعض لا علاقة له بتاريخ فتح وارثها النضالي، داعيا المخلصين من أبنائها إلى تحرك جاد يعيد الحركة إلى دورها الحقيقي.

