اختلط شعور التوتر والفرح لدى الأسيرة المحررة جنين عمرو عند اللحظات الأولى التي أخبرتها فيها سلطات الاحتلال بأنها ستُفرج عنها ضمن صفقة التبادل التي أُجريت بين كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ودولة الاحتلال.
تعرضت جنين (23 عامًا) للتنكيل من قبل مجندات جيش الاحتلال، حيث تم الإمساك بشعرها وشدها إلى جانب الأسيرات خلال نقلها من سجن الدامون إلى سجن "عوفر"، تمهيدًا لتجهيزها للإفراج عنها ضمن صفقة التبادل.
تقول جنين لصحيفة "فلسطين": "كنا في سجن الدامون والأخبار مقطوعة عنا. وفي الأيام الأخيرة التي سبقت نقلنا إلى سجن عوفر، تغيرت معاملة السجانين وأصبحت أكثر قسوة".
وتضيف جنين، التي قضت سنة وشهرين في سجون الاحتلال: "قبل الإفراج عنا ونقلنا إلى سجن عوفر، خضعت لتحقيق من قبل مخابرات دولة الاحتلال، وكانت لغتهم همجية. وطالبونا بعدم إظهار أي مظاهر للفرحة بعد الإفراج عنا".
عند لحظة الإفراج، تصفها جنين بأنها كانت تنتظرها منذ اعتقالها، واحتضانها لوالدها وأهلها. وأظهرت فرحها رغم تهديدات ضباط مخابرات الاحتلال لها خلال وجودها في سجن الدامون.
تقول جنين: "عند الخروج ورؤيتي لوالدي، نزلت من الحافلة مسرعة نحوه، ورفعت العلم الفلسطيني معه. وهتفنا مع جميع الناس الموجودين، والتقطنا الصور. ولن أجعل أحدًا يقف أمام فرحتي بالتحرير".
عادت الأسيرة المحررة جنين إلى مسقط رأسها في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، بموكب من السيارات التي تزينت بالأعلام الفلسطينية، وسط هتاف عائلتها لقائد كتائب الشهيد عز الدين القسام، محمد ضيف، وقطاع غزة.
ارتدت جنين عند وصولها إلى الخليل إكليلًا من الورد، ووضعه والدها على رأسها، وحملها أشقاؤها على أكتافهم.
عن غزة، تقول الأسيرة المحررة جنين: "ما في أي كلمات شكر أو تعبير يعبر عن كل الامتنان لأهل غزة الصابرين الذين قدموا آلاف الشهداء، وهُدمت منازلهم، من أجل تحرير الأسرى وتحقيق هذا الانتصار".
وتردف بالقول: "غزة أعطتنا القوة، وهي صاحبة الفضل بتحريرنا. ولولا تضحيات أهالي قطاع غزة، لم يتحرر الأسرى من سجون الاحتلال. وبهذه الطريقة فقط يمكن أن يخرج الأسرى من السجون ويخضع الاحتلال لهم".
من جانبه، أكد محمد عمرو، والد الأسيرة جنين، أن هناك فرقًا كبيرًا بين من يذهب للمفاوضات وهو يصر على مقعد المهزوم، وبين من يصر على الجلوس على كرسي التفاوض وهو منتصر.
وقال عمرو لـ"فلسطين": "هناك فرق بين من يصر على الجلوس على كرسي التفاوض وهو منتصر، رغم أنه كان مدمرًا واستُخدمت ضده كل الأسلحة الفتاكة في العالم. يذهب بصفة الإنسان المنتصر، ويحقق أهدافه في الميدان على طاولة المفاوضات".
ووجه والد الأسيرة جنين رسالة إلى قطاع غزة وأهاليها، قائلًا: "لقد اصطفاكم الله تعالى ليمنحكم وسام الشرف، لتكونوا في طليعة معركة تحرير فلسطين. وهذا وسام عظيم، ورحم الله شهداءكم وصبركم الله".
وكان جيش الاحتلال قد اعتقل جنين وهي طالبة في جامعة الخليل، وحُولت للاعتقال الإداري، وتم تمديده عدة مرات حتى أمضت 14 شهرًا في السجن.
وأفرج الاحتلال الإسرائيلي عن الدفعة الأولى من الأسرى، التي تضم 90 أسيرًا، منهم 69 امرأة و21 فتى وطفلًا، بعد تأخير لأكثر من 8 ساعات. وذلك بعد أن أفرجت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة عن 3 أسيرات إسرائيليات مساء أول من أمس.
وحولت قوات الاحتلال المنطقة القريبة من سجن عوفر في الضفة الغربية إلى منطقة عسكرية مغلقة، ومنعت تجمع أهالي الأسرى، وأطلقت باتجاههم الأعيرة النارية وقنابل الغاز، مما أدى إلى وقوع بعض الإصابات في صفوف الفلسطينيين.
لكن مئات الفلسطينيين من مدن عدة احتشدوا في بلدة بيتونيا غربي مدينة رام الله، وأقاموا استقبالًا حافلًا للأسرى المحررين، رفعوا خلاله الرايات الفلسطينية ورددوا هتافات تؤيد المقاومة.