بضربات المقاومة النوعيَّة، فقد لواء النخبة "ناحال" طاقمًا كاملًا قُتلوا في بيت حانون شمال قطاع غزة، وهو ما يرفع حصيلة القتلى الإسرائيليين إلى 840 ضابطا وجنديا منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
أقرّ جيش الاحتلال الإسرائيلي، الإثنين، بارتفاع عدد الجنود الإسرائيليين القتلى جراء انهيار المبنى بعد استهدافه بصاروخ موجَّه في بيت حانون شمال قطاع غزة إلى 5.
وبحسب إذاعة جيش الاحتلال فإن القتلى ينتمون إلى لواء "ناحال" الذي تلقى ضربات قاسية في الأيام الماضية في شمال القطاع. وأوضحت منصات غير رسمية إسرائيلية، أن مقاومين أطلقوا صاروخًا مضادًا للدروع على مبنى يتواجد به جنود الاحتلال في بيت حانون، ما أدى لانهيار المبنى على الجنود، فعلقت جثث الجنود القتلى تحت الأنقاض، واضطر الجيش للاستعانة بفريق إنقاذ مدني لانتشال الجثث.
في السياق ذاته، قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي إن الخسائر التي تكبدها لواء ناحال الإسرائيلي في بيت حانون شمال قطاع غزة تكشف عن تطور نوعي في أساليب المقاومة الفلسطينية.
وأوضح الفلاحي -في تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة- أن العمليات الأخيرة تظهر قدرة المقاومة على التكيف مع ظروف الحرب رغم مرور أكثر من 100 يوم على المعركة.
وأضاف أن العملية التي أسفرت عن مقتل 4 جنود من لواء ناحال وإصابة آخرين تمت بإعداد محكم، حيث استُخدم نفق لم يكتشفه الجيش الإسرائيلي، مما مكن المقاومة من تنفيذ تسلل دقيق استهدف قوة إسرائيلية في منطقة خاضعة لما وصفها بـ"السيطرة العملياتية الكاملة".
ولواء ناحال فرقة عسكرية إسرائيلية أصبحت مشاهدة جنودها القتلى معتادة خلال الحرب على غزة وتعد "رأس الحربة" في الاجتياحات البرية بالقطاع، يعتبر لواء "ناحال" أحد ألوية النخبة في الجيش الإسرائيلي، العديد من جنوده من بينهم أبرز قادة هذه الألوية؛ إذ أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتل قائد لواء "ناحال" يوناتان شتاينبرغ خلال اشتباكات مع المقاومة الفلسطينية على حدود القطاع.
ويعمل اللواء بشكل دوري على حدود المناطق المحتلة من قبل إسرائيل مثل (لبنان، سوريا وغزة)، فضلاً عن المناطق في الضفة الغربية. تتمثل مهامها في الدوريات العادية وعمليات المراقبة، بالإضافة إلى الدعم التكتيكي لعمليات التوغل الإسرائيلي في تلك المناطق.
شاركت الكتيبة في العديد من الحروب والعمليات العسكرية منذ تأسيسها، من بينها كل من حرب لبنان والانتفاضتين الأولى والثانية والحرب الأخيرة بعد طوفان الأقصى.
وعن أبرز خسائره، في 10 يونيو/حزيران 1982، قصفت القوات الجوية الإسرائيلية عربة لواء ناحال بالخطأ ظناً منها أنها وحدة سورية؛ إذ هاجمت طائرة الفانتوم F-4 التابعة للاحتلال الإسرائيلي الكتيبة رقم 931، التي كانت تتقدم في مركبات مفتوحة في جنوب شرق لبنان.
تعرضت الوحدة لمقتل 24 جندياً وجرح 108 آخرين، بالإضافة إلى 30 جندياً آخرين فاصلين. كانت هذه الحادثة الأسوأ في تاريخ جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفي 4 سبتمبر/أيلول سنة 1982، هاجمت فرقة فلسطينية مكونة من أربعة أفراد منصباً للمراقبة كان يديره ثمانية جنود من كتيبة ناحال. سلم جميع جنود الاحتلال الإسرائيلي أنفسهم دون إطلاق رصاصة واحدة.
اضطر على إثرها الاحتلال الإسرائيلي للجوء إلى صفقتي تبادل منفصلتين من أجل الإفراج عما يقرب من 6 آلاف أسير فلسطيني مقابل الجنود المحتجزين من كتيبة ناحال.
اعتبر العديد من الإسرائيليين هذه الصفقات بأنها مبالغ فيها للغاية بسبب العدد الكبير الذي تم الإفراج عنه، فيما اعتبروا سلوك الكتيبة قليلة البطولة وأطلقوا عليه خلالها وحدة "ثمانية جبناء".
الانتفاضتان الأولى والثانية وخسارات اللواء
في نوفمبر/تشرين الثاني 1987، تمكّن اثنان من مقاتلي جبهة التحرير الشعبية الفلسطينية من الوصول إلى الحدود اللبنانية والأراضي المحتلة. تم القبض على أحدهما واستُشهد على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
فيما نجح الثاني الذي يدعى ميلود نجاح، من أصل تونسي، في تفادي القبض وهاجم قاعدة لجيش الاحتلال الإسرائيلي خارج كريات شمونة في شمال الأراضي المحتلة التي كان يتمركز فيها جنود لواء ناحال.
خلال تبادل لإطلاق النار استمر قرابة دقيقتين، نجح "ميلود نجاح" في قتل ستة جنود من كتيبة ناحال وجرح 10 آخرين، تم الاحتفال على نطاق واسع بالنصر الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة وساهم ذلك في اندلاع الانتفاضة الأولى.
عرفت هذه الانتفاضة أيضاً باسم انتفاضة الحجارة؛ إذ جُلب هذا اللقب من استخدام الحجارة كأداة هجوم ودفاع من قِبَل المقاومين ضد الاحتلال الإسرائيلي. وكان الأطفال المشاركون في رمي الحجارة يُعرفون باسم "أطفال الحجارة".
قادت القيادة الوطنية الموحدة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية هذه الانتفاضة التي بدأت في 8 ديسمبر/كانون الأول سنة 1987 في جباليا بقطاع غزة وامتدت إلى جميع أنحاء فلسطين.
تشير التقديرات إلى أن لواء ناحال خسر قرابة 100 جندي خلال الانتفاضة بالإضافة إلى مئات الجرحى، كما يعتبر هذا اللواء من بين أكثر الألوية خسارة خلال الحروب.
خلال الانتفاضة الثانية، شارك اللواء في التوغلات العسكرية للاحتلال الإسرائيلي قتل خلالها عشرات الجنود وأسر آخرون.
خلال القرن 21 و"طوفان الأقصى"
شارك لواء ناحال في كل من حرب نوفمبر/تشرين الثاني 2012 بالإضافة إلى الحرب الأخيرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
سنة 2012، قُتل ثلاثة جنود من لواء ناحال في كمين في مدينة الخليل الفلسطينية. وقُتل في الحادث 9 جنود إسرائيليين آخرين من اللواء بالإضافة إلى جنود آخرين، بمن في ذلك العميد وينبرغ، قائد كتيبة الخليل.
اعتبرت المعركة فوزاً للجهاد الإسلامي الفلسطيني، والتي استُشهد فيها ثلاثة مقاتلين فقط خلال هذه الاشتباكات.
خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة شارك لواء ناحال في التوغلات العسكرية للاحتلال الإسرائيلي في القطاع، هذا التوغل أدى إلى مقتل العشرات من الجنود في اللواء من قبل المقاومة الفلسطينية من بينهم قائد اللواء"يوناتان شتاينبرغ".
بالإضافة إلى كل من الرائد إيدو يسرائيل شاني نائب قائد بوحدة الاستطلاع في لواء ناحال والمقدم يوناتان بنيامين تسور قائد كتيبة الاستطلاع في لواء ناحال.
وفي وقتٍ سابق اليوم، أكد الناطق العسكري باسم كتائب القسام؛ الجناح العسكري لحركة "حماس"، أبو عبيدة، أنّه وبعد أكثر من 100 يوم على عملية التدمير الشامل والإبادة الجماعية شمال قطاع غزة، ما يزال جيش الاحتلال يتكبّد خسائر فادحة، موضحًا أن الساعات الـ 72 الأخيرة خلّفت أكثر من 10 قتلى وعشرات الإصابات.
كما أكد أبو عبيدة، أن "الخسائر في صفوف جيش الاحتلال الخائب هي أكثر بكثير مما يعلنه، وسيندحر العدو عن شمال القطاع خائباً يجر أذيال الخزي دون أن يتمكن من كسر شوكة المقاومة".
وإجمالا، بلغ عدد الجنود الإسرائيليين القتلى المعلن منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر وحتى اليوم 840 قتيلًا، إضافة إلى آلاف الجرحى والمعاقين جسديا ونفسيا جراء الحرب، وفق بيانات رسمية نشرها جيش الاحتلال، الذي يواجه اتهامات محلية بإخفاء حصيلة أكبر لقتلاه ومصابيه.