تناول الإعلام العبري، مؤشرات اقتراب ساعة الحسم بالإعلان عن هذا اتفاق مع حركة حماس بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي يشهد إبادة إسرائيلية مستمرة منذ 466 يومًا، مسلطة الضوء على إخفاقات الجيش في تحقيق أهدافه المعلنة.
ويقول السياسي يوآف ليمور لصحيفة " يسرائيل هيوم": إنَّ التنازلات التي قدمتها (إسرائيل) بما في ذلك الانسحاب من محور نتساريم والانسحاب الجزئي من محور فيلادلفيا، والموافقة على عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، تشير إلى أن نتنياهو فهم حدود مرونته، والأسف الوحيد هنا أن هذه الصفقة كانت مطروحة منذ مايو من العام الماضي، وأن التأخير في تنفيذها كلّف حياة العديد من الأسرى.
فيما يقول المحلل يوسي يهوشع لصحيفة "يديعوت أحرنوت"، إنه لا حاجة لتجميل الواقع، الاتفاق الناشئ هو سيئ لإسرائيل، لكنها لا تملك خيارًا سوى قبوله.
وأضاف يهوشع، أن الدولة التي تورطت بعمق في حدث بالغ الخطورة والتعقيد في 7 أكتوبر، عليها التزام أخلاقي تجاه مواطنيها الذين أُسِروا، أو الجنود الذين تُركوا بلا حماية. ومع ذلك، هذا لا يعفينا من مواجهة المستقبل القاتم الذي ينتظرنا على الجانب الآخر، في ظل الثغرات الكثيرة في الاتفاق الجاري صياغته.
وأشار إلى، أنه وبعد 15 شهرًا من بدء الحرب، لم يتمكن الجيش فعليًا من تفكيك الذراع العسكري لحماس، كما لم تبذل القيادة السياسية جهدًا لإيجاد بديل حكومي في غزة. ونتيجة لذلك، يتم التوصل إلى اتفاق ندفع فيه ثمنًا باهظًا، كان من المفترض دفعه مقابل صفقة شاملة، وليس صفقة جزئية ستفقد بعدها أدوات الضغط التي تهدف إلى ضمان المراحل القادمة.
ومن جهته، علق مهندس "خطة الجنرالات" ورئيس مجلس الأمن القومي السابق، اللواء احتياط غيورا آيلاند، بالقول: "أجد صعوبة في تصور عدم إتمام الصفقة، لقد كانت مطروحة على الطاولة منذ يوليو على الأقل، فكروا في عدد الجنود الذين كان يمكن منع مقتلهم من أجل نفس هذه الصفقة تمامًا، من الواضح أن الحرب قد انتهت، فقط هم لا يُطلقون عليها هذا الوصف".
فيما نشرت إذاعة 103fm العبرية، مقالًا قالت فيه إن" هناك شعور مختلط مثلما هو الحال في هذه الحرب بأكملها، وخاصة إحساس بالإحراج الكبير في اليمين الإسرائيلي وفي معسكر مؤيدي رئيس الوزراء، أفهم معارضي الصفقة الذين يرون في الثمن الباهظ - إطلاق سراح من تلطخت أيديهم بالدماء أمراً غير مقبول".
"إسرائيل تواجه وضعا صعبا للغاية"
وأضافت الإذاعة العبرية، "أفهم أيضاً أولئك الذين يشعرون بخيبة أمل عميقة لأن حماس لم تستسلم ولم ترفع الراية البيضاء ولم تطلق سراح الأسرى من تلقاء نفسها. لكن ما لا أفهمه هو كل أولئك الذين صدقوا الأوهام التي قادتهم إلى هذه الخيبة، وإلى العبارات المتعجرفة والخطابات الفارغة والشعارات الجوفاء، التي جعلتهم يعتقدون أنه يمكن تجاوز الواقع الصعب دون مواجهة أي ألغام أو دفع ثمن باهظ لإصلاح أكبر إخفاق شهدته الدولة منذ تأسيسها".
ومن جهته، قال الجنرال المتقاعد إسحاق بريك -الذي يلقب بـ"نبي الغضب الإسرائيلي" بسبب توقعه بهجوم يشنه آلاف المسلحين الفلسطينيين على مستوطنات غلاف قطاع غزة كما حصل في عملية "طوفان الأقصى"- إن إسرائيل تواجه وضعا صعبا للغاية.
وأضاف القائد السابق للفيلق الجنوبي والكليات العسكرية خلال مقابلة مع قناة كان 11: "لم نحقق أي هدف.. لم نقضِ على حماس أو حزب الله، ولم نستعد الأسرى، ولم نُعِد المهجرين. بل، على العكس، نفقد القدرة على الحسم، والاقتصاد ينهار، والأسعار ترتفع بشكل يهدد صمود الجمهور".
وأشار بريك إلى الانقسام الداخلي المتزايد في إسرائيل، قائلا: "نشهد تطرفا رهيبا بين اليمين واليسار، وبين المتدينين والعلمانيين، مما قد يؤدي إلى حرب أهلية.. الجيش منهك، ولا يخبرون الجمهور بحقيقة الوضع، إذ أصبح الجيش يعمل بآخر طاقته".
تخوفات مستقبلية
أما المحلل السياسي أمنون أبراموفيتش، من القناة الـ12 الإسرائيلية، فقد أبدى مخاوفه من التدهور الذي يهدد الجيش الإسرائيلي بسبب سياسات القيادة السياسية.
وقال: "هناك محاولات لتدمير الجيش، كما حدث مع الشرطة. الآن يُقال إن استمرار الضغط العسكري سيجعل حماس أكثر ليونة ويقرب قضية الأسرى، لكن القرارات تُتخذ بناء على اعتبارات سياسية وحزبية".
وحذر أبراموفيتش من تداعيات الانقسام بين القيادة العسكرية والسياسية، مشبّها العلاقة بين وزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس الأركان هرتسي هاليفي بـ"خيمة الحبال"، موضحا ذلك بقوله: "إذا شددت الحبال، تبقى الخيمة مستقرة، لكن يبدو أن وزير الدفاع جاء ليقطع هذه الحبال".
وكانت مصادر متعددة أكدت تحقيق تقدم كبير في المفاوضات التي تستضيفها الدوحة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، مما عزز فرص الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين خلال الساعات المقبلة.
وفي وقت سابق، قالت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) -اليوم الثلاثاء- إن محادثات وقف إطلاق النار في قطاع غزة وصلت إلى مراحلها النهائية، وأعربت عن أملها في أن تنتهي هذه الجولة من المفاوضات باتفاق واضح وشامل.
وأكدت الحركة أنها أجرت سلسلة مشاورات واتصالات مع قادة الفصائل الفلسطينية لوضعهم في صورة التقدم بمفاوضات الدوحة.
وقالت حماس، في بيان أصدرته اليوم الثلاثاء، إن قادة القوى والفصائل أكدوا في الاتصالات ارتياحهم لمجريات المفاوضات وأكدوا ضرورة الاستعداد للمرحلة المقبلة.
وأوضح بيان الحركة أن "قيادة الحركة والقوى المختلفة أكدوا استمرار التواصل والتشاور حتى إتمام الاتفاق الذي وصل لمراحله النهائية".
ويأتي البيان بعد تصريحات عديدة تؤكد قرب التوصل لاتفاق ينهي الحرب في غزة، فقد قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن المحادثات الجارية في الدوحة بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة مثمرة وإيجابية ووصلت مراحلها النهائية.
وقال الأنصاري خلال مؤتمر صحفي في الدوحة: "نحن متفائلون لأن القضايا العالقة الرئيسية، التي كانت تعوق الاتفاق في السابق، تمت إزالتها".
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية أن مسودات اتفاق وقف إطلاق النار قد سلمت لحركة حماس وإسرائيل، كما أكد أن المحادثات لا تزال متواصلة بشأن التفاصيل النهائية للاتفاق.