أثارت خريطة مزعومة لـ"إسرائيل التاريخية"، تشمل أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة بالإضافة إلى أراضٍ من لبنان وسوريا والأردن، مخاوف من مخططات صهيونية توراتية تهدف إلى السيطرة على مزيد من الأراضي العربية بدعم غربي، في محاولة لتحقيق الحلم الصهيوني القديم بإنشاء "دولة من النهر إلى البحر".
ونشرت صفحة "إسرائيل بالعربية" التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية الخريطة المزعومة مؤخرًا، مصحوبة بنص بعنوان "هل تعلم أن مملكة إسرائيل كانت قائمة منذ 3000 سنة؟".
تزوير التاريخ لأغراض توسعية
خبير الخرائط في جمعية الدراسات العربية بالقدس، خليل تفكجي، أكد أن الخريطة الإسرائيلية تمثل "محاولة لتزوير التاريخ لصالح الإسرائيليين" وتحقيق أطماعهم التوسعية في المنطقة العربية. وأوضح تفكجي لـ "فلسطين أون لاين" أن إسرائيل تعمل على تطبيق جزء من هذه الخريطة عبر سيطرتها على قمم جبل الشيخ والتوغل في محافظة القنيطرة السورية، بالإضافة إلى توسعها في مناطق مثل يهودا وبئر السبع وصولًا إلى جبال جلعاد.
وأشار تفكجي إلى أن (إسرائيل) طبقت بالفعل أجزاء من هذه الخريطة على أرض الواقع، كما حدث في اتفاقية وادي عربة مع الأردن، والتي تضمنت قيودًا على الطيران الأردني في منطقة الأغوار.
تغيير جغرافي مدعوم دوليًا
وأضاف تفكجي أن (إسرائيل) استغلت الظروف الدولية والدعم الأوروبي والأمريكي، خاصة مع وصول إدارة أمريكية مؤيدة لها، لتحقيق أطماعها التوسعية باستخدام الأساطير الدينية.
وأكد أن (إسرائيل) جادة في تغيير جغرافيا المنطقة، مستشهدًا بفرضها السيادة على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وما حدث مؤخرًا في جنوب لبنان حيث قُتل باحث توراتي كان يبحث عن آثار يهودية.
وتوقع تفكجي أن تشهد المنطقة خريطة جديدة "لا نعرف ماهيتها، لكن المعالم تشير إلى أن إسرائيل ستكون القوة المهيمنة المدعومة أمريكيًا".
اتجاهات استعمارية متطرفة
من جانبه، رأى الخبير في الشؤون السياسية الدكتور أحمد عوض أن الخريطة التوراتية تعكس الاتجاهات الاستعمارية الجديدة لـ(إسرائيل)، التي لم تحدد حدودها بشكل واضح من قبل.
وأضاف عوض لـ"فلسطين أون لاين" أن النخبة السياسية الحالية في (إسرائيل)، خاصة في الحكومة اليمينية، تسيطر عليها الاتجاهات الدينية المتطرفة التي تؤمن بفكرة "(إسرائيل) الكبرى من الفرات إلى النيل".
وأشار عوض إلى أن التغييرات التي طرأت على الموقف الإسرائيلي تعكس سيطرة التفكير المتطرف، الذي يفتقر إلى الكوابح ويميل إلى العدوان والعنف.
وأضاف: "(إسرائيل) تعمل على إعادة تشكيل الشرق الأوسط، معتقدة أن اللحظة التاريخية مناسبة لتحقيق ذلك".
حدود التوسع الإسرائيلي
ورغم التصريحات المتطرفة لبعض المسؤولين الإسرائيليين، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي تعهد بضم الضفة الغربية بحلول عام 2025، يرى عوض أن (إسرائيل) لن تتمكن من تغيير الحدود بشكل جذري دون خوض حروب جديدة.
وأوضح أن (إسرائيل) قد تكتفي بضم أجزاء من الضفة الغربية وإضعاف السلطة الفلسطينية، دون إسقاطها تمامًا، لأنها تبقى خيارًا مفضلًا للأطراف الأمريكية والأوروبية والعربية.
وأكد عوض أن (إسرائيل) لا تستطيع بمفردها إسقاط حل الدولتين أو إنهاء السلطة الفلسطينية دون دعم دولي.
وفي سياق متصل، كشفت هيئة البث العبرية الرسمية عن اعتزام رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إدراج قضية ضم الضفة الغربية ضمن جدول أعمال حكومته، خاصة بعد تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن مهامه.
يأتي ذلك في وقت تدعو فيه جماعات يمينية متطرفة إلى إقامة "إسرائيل الكبرى" بين النيل والفرات، وفق مزاعم توراتية، مما يزيد من مخاوف الفلسطينيين والعرب من مخططات توسعية جديدة قد تعيد تشكيل خريطة المنطقة.