فلسطين أون لاين

بالصور الحكيم جبر .. بـ"الأناشيد" و"الألعاب" يطبّب جراح أطفال غزة

...
دير البلح - محمد عمر

يتنقل الحكيم عمرو جبر بين أسرّة قسم الاستقبال والطوارئ في مستشفى العودة الميداني، منهمكًا بعمله الطبي في إسعاف جرحى من الرجال والأطفال إثر غارة إسرائيلية جوية على مخيم النصيرات.

تبدو ملامح الإرهاق واضحة على "عمرو"، الذي لم ينقطع عن عمله الطبي يومًا منذ بداية "حرب الإبادة الإسرائيلية" على قطاع غزة، حتى أن "الشيب" غزا رأسه رغم صغر سنه.

https://felesteen.news//thumb/300x300/uploads/videos/2025/01/qkSws.mp4

يسيطر التوتر على الحكيم الذي يضجر من أصوات سيارات الإسعاف التي لا تتوقف عن نقل الشهداء والجرحى إثر الغارة الإسرائيلية على المخيم الواقع وسط قطاع غزة.

يتناقض "الشيب الأبيض" في رأس "عمرو" مع عمره الصغير (26 عامًا)، ويعلق على ذلك ضاحكًا: "كبرنا كثيرًا قبل أواننا!" نتيجة "حرب الإبادة الجماعية". يقول لصحيفة "فلسطين": "لم يسلم أحد في غزة من هول جحيم الإبادة التي دمّرت الحجر والبشر والشجر".

يتطابق حديثه مع مشاهداته أثناء عمله في مستشفى العودة – النصيرات، حيث يعايش يوميًا "عبئًا كبيرًا وقصصًا إنسانية مؤلمة وموجعة"، على حد تعبيره. ويعتز "عمرو" بعمله الطبي التطوعي الذي يجعله متلاحمًا مع أبناء شعبه في الميدان، مسخّرًا وقته وجهده لتضميد جراح الكبار والأطفال، خاصة أن حبه للأطفال ينبع من قلبه ومشاعره تجاههم.

لم يكن حبه للأطفال ناتجًا عن "الشفقة" إزاء مشاهدهم المؤلمة تحت القصف الإسرائيلي "الهمجي"، بل هو حب ممتد منذ سنوات طويلة، حيث كان يداعبهم وينشد لهم بصوته الجميل.

يمتلك "عمرو" روحًا مرحة وصوتًا عذبًا، وهو ما دفعه للتطوع منذ سنوات في "فرق الأنشطة وجلسات التفريغ النفسي" التي تستهدف الأطفال خلال الحرب المستمرة منذ 456 يومًا.

وأمام المشاهد المؤلمة للأطفال الجرحى في غزة، سخّر "الأناشيد" و"الألعاب" لتضميد جراح هذه الفئة التي قتلت إسرائيل أكثر من 17 ألفًا منهم منذ بدء حرب الإبادة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. حتى أن 238 طفلًا رضيعًا وُلِدوا واستشهدوا خلال هذه الحرب، و853 طفلًا استشهدوا وعمرهم أقل من عام، و44 آخرين فقدوا حياتهم نتيجة سوء التغذية ونقص الغذاء.

ويبدو أن المهمة سهلة ظاهريًا لمنشد أو ناشط مثل "عمرو"، لكنها تخفي حجمًا كبيرًا من "الوجع والألم" الذي تحمله ذاكرته من مشاهد عناق الأمهات لأطفالهن على أسرة المستشفى. ومن المشاهد التي لا ينساها، تعامله مع طفلة ناجية من قصف إسرائيلي، بلغَت درجة حروقها الثالثة، ورغم ذلك، "صرخت بأعلى صوتها عند سماعها صوت أمها!".

"ذاك الصوت الذي لا يُنسى دفعنا أنا وزميلي للبكاء من الألم والحزن على حال الطفلة"، يقول عمرو. ومن بين المواقف المؤلمة أيضًا، لحظة قصف طيران الاحتلال سيارة صحافة أمام مستشفى العودة، كان بداخلها خمسة صحفيين استشهدوا جميعًا. شارك "عمرو" مع زملائه في إخراج جثامينهم المتفحمة من السيارة.

"هؤلاء الشهداء ومن خلفهم أطفالهم واجبنا أن نساندهم، نضمد جراحهم، ونرسم البسمة على وجوههم"، يضيف عمرو، معتبرًا ذلك واجبًا وطنيًا تجاه نحو 35,060 طفلًا يعيشون بدون والديهم أو أحدهما. وتنتشر بين خيام النازحين ملصقات وصور لأطفال فُقدوا خلال حرب الإبادة أو أثناء رحلة النزوح، وفق تقارير الأمم المتحدة.

ورغم كل الآلام، يختم الحكيم "عمرو" حديثه بعبارات تحمل الثقة والاعتزاز بمهنته الإنسانية وخدمته في "ميدان" من ميادين الوطن، مؤكدًا أن "صوت النشيد الوطني سيعلو يومًا محررًا من الاحتلال وجرائمه".
 

المصدر / فلسطين أون لاين