لم يتجاوز فصل الشتاء يومه العاشر حتى كشَّر أنيابه في أول منخفض وكشف ما حاولت خيم أهالي قطاع غزة ستره في أماكن نزوحهم.
أيام "الأربعينية" المعروفة بكثرة المنخفضات وطقسها البارد لم ترحم النازحين في خيمهم المهترئة وأوضاعهم المعيشية الصعبة في ظل الجوع وحرب الإبادة التي تجاوز عمرها أكثر من ٤٥٠ يوما وما زالت تكتب فصولًا جديدة من المعاناة.
وتحوّلت جامعة الأقصى الواقعة في مواصي خان يونس وهي واحدة من أعرق ثلاث جامعات في غزة، إلى مركز إيواء ضخم يضم عشرات الآلاف داخل قاعته وممراته وفي خيام تملأ ساحاته.
نائل علي، أحد النازحين في الجامعة، يصف معاناته قائلاً: "خيمتي غرقت بالكامل، واضطررت للوقوف مع عائلتي طوال الليل. لم أتوقع أن يصل بنا الحال إلى هذا الحد".
ويوضح لصحيفة "فلسطين" أن المطر الشديد كان في النهار وليس في الليل وإلا كان كارثة ستحدث هنا.
وواجه نضال عبيد، وهو نازح آخر، مشكلة مشابهة. فقد دمرت خيمته بسبب الأمطار، مما أجبره على نقل عائلته إلى خيمة جيرانه. يقول لـ"فلسطين": "كل ما نسمع صوت المطر، نخاف على أطفالنا وكبار السن".
وخارج أسوار الجامعة، واجه نازحون يعيشون في مخيمات مشيدة من الخيام ظروفًا معيشية مروعة بمنطقة المواصي الممتدة من وسط القطاع وحتى رفح.
وتعرض أبو حسام الزعانين، الذي يحاول توفير قوت يومه من خلال خبز دقيق القمح على فرن، بضاعته للتلف بسبب تسرب المياه إلى الخيمة التي نصبت فوق الفرن.
يقول الزعانين الذي يعيل ستة من الأبناء والبنات: "حاولت مداراة فروش عجين الناس هنا وهنا ولكن لا فائدة، المكان ضيق والمطر شديد، فلم يتحمل الشادر المنصوب فوق الفرن كثرة المطر فنزل على عجين والخبز ولوثه وضج المكان بالمشاكل مع الناس".
ويشير الدفاع المدني إلى أن طواقمه تلقَّت الكثير من اتصالات الاستغاثة من النازحين الذين غمرت مياه الأمطار خيامهم وأماكن إيوائهم، لافتًا إلى أن 1542 خيمة تؤوي نازحين في مخيمات النزوح ومراكز الإيواء بمناطق قطاع غزة، تعرضت إلى الغمر بمياه الأمطار التي هطلت بكثافة خلال اليومين الماضيين.
وأوضح الدفاع المدني في بيان، أن فرق الإنقاذ رصدت مئات الخيام التي غمرتها مياه الأمطار بمستوى منسوب يزيد عن 30 سم، ما أدى إلى إصابة كثير من النازحين بحالات ارتعاش بسبب البرد وتلف أمتعتهم وأفرشتهم.
وأشار إلى أنه تعامل في محافظة غزة مع 242 خيمة غمرتها مياه الأمطار في كل من المخيمات المقامة على أرض ملعب اليرموك ومتنزه بلدية غزة، و185 خيمة مقامة على أرض مجمع السرايا، و70 خيمة مقامة على أرض موقف الشجاعية.
ونبه إلى أنه رصد في محافظة رفح 170 خيمة غمرت بالمياه مقامة على شارع البحر، أما في مدينة خانيونس، فقد غمرت مياه الأمطار في منطقة جامعة الأقصى ومحيط أصداء وبركة حي الأمل أكثر من 665 خيمة.
وبين أنه في محافظة الوسطى، تركزت الخيام التي غمرتها المياه في منطقة غرب دير البلح، بمناطق البصة ومحيط البركة ومنطقة وادي السلقا، حيث بلغ عددها 210 خيمة.
وذكر أن هذه الخيام تعرضت لتسرب مياه الأمطار بمنسوب يزيد عن 30 سم، في حين أن مئات الخيام الأخرى تسربت إليها مياه الأمطار دون هذا المنسوب، لافتا إلى أن النازحين فيها لن يتمكنوا من استخدامها حتى ينتهي المنخفض الجوي.
ورغم انحسار الأمطار، إلا أن أزمة نازحي القطاع، بسبب المنخفض الجوي العميق الذي وصل المنطقة منذ بداية الأسبوع، لا تزال قائمة، بسبب غرق الكثير من الخيام وتلف وتطاير الكثير منها بسبب شدة الرياح.
ويعاني النازحون الذين غمرت المياه خيامهم من تلف الأغطية ومراتب النوم، والكثير من المواد التموينية التي كانت موجودة في خيامهم.
كما لا تزال شوارع قطاع غزة مليئة ببرك مياه الأمطار، التي تعيق حركة المواطنين، وتتسرب إلى المنازل ومناطق النزوح، بسبب تضرر شبكات الصرف الصحي جراء الغارات والتوغلات البرية.