فلسطين أون لاين

مجزرةُ أطفال الشَّاطئ.. حدثٌ أليم لا يُمحى من شريط ذكريات الشَّاب "الحلبي"

...
مجزرةُ أطفال الشَّاطئ.. حدثٌ أليم لا يُمحى من شريط ذكريات الشَّاب "الحلبي"
غزة/ جمال محمد

يرفض شريط ذكريات العشريني عبد الحافظ الحلبي، أن يتجاوز المجزرة المروعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال "الإسرائيلي" بحق أطفال كانوا يلعبون بالكرات الزجاجية، بالقرب من قهوة غبن في معسكر الشاطئ، غربي مدينة غزة.

ففي الـ13 من أكتوبر الماضي، أطلقت طائرة إسرائيلية من نوع "زنانة" صاروخًا باتجاه عدد من الأطفال، كانوا يلعبون بالقرب من قهوة غبن بمعسكر الشاطئ، ما أدى إلى استشهاد تسعة أفراد، منهم ستة أطفال وسيدتان.

ويجلس الحلبي، أمام قبر ابن عمه "رائد" الذي لم يتجاوز التاسعة من عمره، ويتحدث معه وكأنه يستمع إليه، يخبره عن عائلته، واشتياقهم له، وفي كل مرة يضع يده على قلبه، شعورًا بالألم الشديد الذي يجعله يدمع على فراق ابن عمه، وعلى الألم الذي يعانيه نتيجة إصابته في القصف الذي استهدف الأطفال.

أصيب "عبد الحافظ" بشظايا، إحداها استقرت في قلبه، بينما استقرت الأخرى في كليته اليسرى، وأحدثت أضرارًا داخلية في جسده.

شلال دماء

أوضح الحلبي لصحيفة "فلسطين" أن الشظايا تؤلمه بشدة، خاصةً عندما يتحرك أو يسعل، فيحاول الغض على ألامه وتحملها بصبر، ويتناول عددًا من الأدوية المسكنة التي حصل عليها بصعوبة، نظرًا لعدم توفرها بالقطاع، وعدم سماح قوات الاحتلال بإدخالها إلى شمالي القطاع.

يستذكر الحلبي، يوم المجزرة قائلًا: "في تمام الساعة 4:22 دقيقة، من يوم الأحد الموافق 12 من أكتوبر الماضي، سقط صاروخ من مسيّرة إسرائيلية بالقرب من مجموعة من الأطفال الذين كانوا يلعبون، ما أدى إلى ارتقاء ستة أطفال وسيدتين، وإصابة عشرة آخرين بجروح ما بين متوسطة وخطيرة، وكنت واحدًا من الجرحى".

ويسترجع الحلبي شريط الذكريات قائلًا: "سقط الصاروخ على بعد خمسين سنتيمترًا من مكان وقوفي، ورغم شدة الانفجار، وإصابتي، إلا أنني لم أشعر بها في البداية، وبقيت واقفًا أتفقد من حولي، لأجد الأطفال جميعهم ممددين على الأرض، والدم كشلال ينساب من أجسادهم، لأجد ابن عمي "رائد" البالغ من العمر عشرة أعوام، ملطخًا بالدماء، مشيت نحو ابن شقيقتي "عبد الفتاح" لكني فقدت الوعي بعد ذلك.

غرفة العناية

استفاق الحلبي، وفق قوله، بعد يوم كامل من غيابه عن الوعي، ليجد نفسه موصولًا بالأجهزة في غرفة العناية المركزة بمستشفى المعمداني، أخبره والده وأقاربه بما حدث، فقد توقف قلبه أكثر من مرة، ووُضع على أجهزة الإنعاش ليستعيد أنفاسه.

ويتابع: "تكررت تلك الأحداث نحو خمس مرات، وكان والدي يدعو في كل مرة أن أعود إلى الحياة". 

ويردف: "بعد عدة عمليات جراحية، استعدت جزءًا من حياتي، لكنني أعاني صعوبة في الحركة بيدي اليسرى، وحروقًا في يدي اليمنى بسبب القصف"، مشيرًا إلى أنه بدأ يستعيد جزءًا من حركة يده اليسرى، لكنه بحاجة إلى إجراء عدد من العمليات لانتزاع الشظايا من جسدي، وهو ما أصبح صعبًا بسبب نقص الإمكانيات في القطاع.

ويتحدث الحلبي، عن حال ابن شقيقته "عبد الفتاح" 11 عامًا الذي فقد عينه اليسرى، ويعاني حروقًا في رجليه، ما اضطر الأطباء لإنشاء فتحة جانبية بجسده لتصريف الفضلات.

يتوقف الحلبي للحظة، ثم يكمل بحزن: فقد "عبد الفتاح" والده قبل نزوحهم من مخيم جباليا، أصيب والده بطلق متفجر في رجله اليسرى، مكث يومًا في العناية المركزة قبل أن يقرر الأطباء بتر ساقه بسبب الإصابة.

مواد سامة

وما هي إلا ساعات حتى تحسنت حالة الوالد بعد بتر ساقه -والقول للحلبي- ليتحدث مع الجميع، لكن بعد ساعات قليلة أعلن استشهاده، وأشار الأطباء إلى أن استشهاده جاء بسبب انتشار مواد سامة في جسده بسبب الإصابة.

وتظل تلك الذكريات تلاحق الحلبي، كظل يذكره بالألم الذي لا ينتهي، متسائلًا: متى سيتوقف هذا النزيف؟، ومتى ستتوقف المجازر التي تضرب الأطفال الأبرياء؟

ولا يزال العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة، الذي انطلقت شرارته في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023م، مستمراً حتى الآن، حيث خلّف ما يزيد على 45 ألف شهيداً وأكثر من 108 آلاف جريح، عدا عن الدمار الهائل في المباني والبنية التحتية.

المصدر / فلسطين أون لاين