انطلقت اليوم الثلاثاء، حملة دولية لإنقاذ القطاع الصحي في قطاع غزة، الذي دمره جيش الاحتلال الإسرائيلي، في إطار "حرب إبادة جماعية" المتواصلة للشهر الـ15 على التوالي.
وأوضح الخبير في القانون الجنائي الدولي والمناصرة عصام عابدين، لصحيفة "فلسطين"، أمس، أن الحملة تحمل عنوان "أطباء تحت النار"، ويأتي إطلاقها صرخة إنسانية، ودعوة عاجلة للتحرك الفلسطيني والعالمي لإنقاذ القطاع الصحي المدمر في غزة.
وبيّن أن حملة "أطباء تحت النار" تهدف إلى توثيق الجرائم الإسرائيلية الممنهجة التي تستهدف القطاع الصحي في غزة، وتسليط الضوء على تضحيات الطواقم الطبية التي تعمل في ظروف "تتجاوز حدود المستحيل".
وأكد أن الحملة الدولية ليست مجرد أداة لتوثيق الجرائم، بل صوت القطاع الطبي ونداء عالمي للأحرار والجهات الرسمية والإعلامية والمؤسسات الحقوقية، من أجل توحيد الجهود والعمل المشترك لإنقاذ مدير مستشفى كمال عدوان د. حسام أبو صفية، والمختفي قسراً.
وعدّ قضية "أبو صفية" ليست مجرّد مأساة فردية بل شهادة حيّة على "أسطورة الصمود" التي تكتبها الطواقم الطبية والصحية في غزة بدمائها، وتضحياتها للتاريخ والأجيال، في وجه "الإبادة الجماعية" والحصار والاستعمار الإسرائيلي.
وأكد أن مصير الطبيب وزملائه ليس قضية فلسطينية فقط، بل قضية إنسانية وعالمية بامتياز.
ولأجل ذلك، شدد على ضرورة حماية القطاع الصحي الفلسطيني الذي يُعاني وضعاً كارثياً تحت وطأة "الإبادة الجماعية" المستمرة في غزة.
وكان آخر الاعتداءات الإسرائيلية على المنظومة الصحية في غزة، اقتحام مستشفى كمال عدوان في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2024، وإضرام النار فيه وإخراجه عن الخدمة، واعتقال أكثر من 350 شخصا كانوا داخله بينهم الكادر الطبي وجرحى ومرضى، وأبو صفية.
"جريمة الاختفاء القسري"
وأثارت الصورة الأخيرة التي انتشرت للطبيب الفلسطيني، وظهر فيها وهو يسير وسط الركام والدمار متوجهًا لآلية عسكرية – تنفيذا لطلب جنود جيش الاحتلال - قبل اختفائه، غضبا فلسطينيا وعالميا.
ونوه الخبير القانوني إلى أن مصير "أبو صفية" وأعدادًا كبيرة من سكان غزة، لا يزال مجهولا في واحدة من أشرس صور الاختفاء القسري، كجريمة ضد الإنسانية موصوفة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وبيّن أن اعتقال الكوادر الطبية ليست جرائم عادية، بل تُعتبر وفقاً لأحكام نص (1/7/ط) وتعريفها الوارد في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية "جرائم ضد الإنسانية" ارتُكبت في إطار هجوم واسع ومنهجي استهدف مستشفى كمال عدوان والقطاع الصحي بأكمله في غزة.
ووصف جريمة الاختفاء القسري لمدير مستشفى كمال عدوان، جريمة دولية تأتي في سياق سلسلة جرائم "إبادة جماعية" وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب مستمرة منذ نحو أربعة عشر شهراً.
وذكر أن هذا الاستهداف المتعمد لا يُشكل فقط اعتداءً على الطواقم الطبية والصحية والمدنيين والأعيان المدنية في غزة، بل هو أيضا هجوم ممنهج على القيم الإنسانية والقانون الدولي.
وقال: إن هناك سياسة ممنهجة تستهدف محو الحياة ومقومات البقاء في القطاع، يُقابلها صمت دولي مُخز وعجز مريع عن التحرك السريع واتخاذ إجراءات فعّالة لإنقاذ ما تبقى من الشريط الساحلي من ويلات الإبادة الجماعية.
وأضاف أن مسؤولية حماية أبو صفية وزملائه وجميع المختفين قسراً في غزة، تقع على عاتق جميع الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف (المادة الأولى المشتركة تُلزم الدول بحماية المدنيين والأعيان المدنية، وعلى رأسها المستشفيات والقطاع الصحي، وضمان سُبل الانتصاف الفعّالة للضحايا).
واستدل أيضا بالفتوى التاريخية الصادرة عن محكمة العدل الدولية بتاريخ 19 تموز/ يوليو الماضي 2024، بشأن عدم شرعية الاحتلال للأرض الفلسطينية المحتلة والآثار المترتبة على ذلك.
كما استدل بالقرار التاريخي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 أيلول/ سبتمبر الماضي، بشأن فتوى محكمة العدل الدولية حول الآثار الناشئة عن سياسات (إسرائيل) وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة من حيث المضمون والآليات والأدوات.
ونوه إلى أن اللجنة المَعنية بحالات الاختفاء القسري (لجنة الاتفاقية) والفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري لدى الأمم المتحدة (الإجراءات الخاصة) يمتلكان ولاية واضحة لرصد ومتابعة جرائم الاختفاء القسري، وضمان حماية وإنصاف الضحايا، وتقديم الدعم اللازم لعائلاتهم.
ومع كل ذلك، والكلام للحقوقي "فإن غياب استجابة حقيقية من المجتمع الدولي يضع علامة استفهام كبرى على الآليات الدولية في مواجهة الجرائم الممنهجة في عالم الخذلان والتواطؤ".
وأكد الخبير في القانون الجنائي الدولي والمناصرة أن هناك تقصيرًا من السلطة ومؤسسات المجتمع المدني في مواجهة جرائم الاختفاء القسري وغيرها، التي تستهدف سكان غزة من مدنيين وأعيان مدنية محمية.
وتكرارا، وصفت منظمات أممية مستشفيات غزة خلال "حرب الإبادة" المستمرة بـ"مصيدة الموت"، وطالبت سلطات الاحتلال باحترامها والتوقف عن استهدافها.