فلسطين أون لاين

لماذا تقتل (إسرائيل) الصحفيين؟

...
لماذا تقتل (إسرائيل) الصحفيين؟
نبيل سنونو

في عصر الثورة التكنولوجية والتغني العالمي بالحريات الإعلامية وحقوق الإنسان، تقتل (إسرائيل) الصحفيين بلا هوادة في قطاع غزة وتستهدف شبكات الاتصالات والإنترنت وحتى الطاقة الشمسية، وتمنع إدخال الهواتف النقالة ومعدات الاتصال الأخرى.

يحدث ذلك في ذروة الاعتداء على الغزيين وأراضيهم ومقدراتهم، وسلب حياتهم، ونفيهم على "الطريقة الصهيونية" المتبعة منذ عقود.

ونتيجة لهذا النهج فإن 197 صحفيا استشهدوا و396 آخرون أصيبوا -وفق إحصاءات أولية- على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول 2023 عندما بدأت (إسرائيل) حرب إبادة جماعية على قطاع غزة قتلت وأصابت أكثر من 150 ألف غزي، معظمهم أطفال ونساء، بحسب معطيات وزارة الصحة.

ويأتي ذلك مع تعاون أمريكي وتواطؤ غربي وعجز عالمي عن إحداث تغيير فعلي ينقذ الضحايا الفلسطينيين من جلادهم الإسرائيلي.

وعلى نحو خاص في شمال قطاع غزة، حيث تمارس (إسرائيل) التطهير العرقي في وضح النهار وتشرد عشرات الآلاف من الغزيين وتنسف منازلهم وتترك جثامين شهدائهم فريسة للكلاب الضالة، تطارد الصحفيين بحملة إرهاب منظمة.

تشمل تلك الحملة قتل الصحفيين عمدا كما حدث مع الصحفي إسماعيل الغول في مدينة غزة أوائل أغسطس/آب، أو قصف المنازل على رؤوسهم كما في حالة الصحفية إيمان الشنطي أخيرا، أو إصابتهم في ميدان العمل على غرار ما تعرض له الصحفي فادي الوحيدي منذ أشهر.

وفي جنوب القطاع أيضا، حيث تزعم (إسرائيل) أنه "منطقة آمنة" لا يجد الصحفيون مأمنا لهم من القصف والقتل والإصابة.

ولإتمام الجريمة، تمنع (إسرائيل) إنقاذ حياة الصحفيين المصابين، وتتركهم في مواجهة الموت المحقق، على أسرة ما تبقى من المستشفيات التي استهدفتها طوال الحرب المستمرة بالقصف والاقتحام والهدم ومنع إمدادات المستلزمات الطبية والأدوية.

ثم يأتي دور البيت الأبيض ليداري سوأة (إسرائيل) ببيانات لا يحملها فيها مسؤولية جرائم قتل وإصابة الصحفيين مكتملة الأركان، وإنما يوهم العالم بأنه ينتظر أجوبة منها عما حدث!

لتكمل (إسرائيل) التي تضعها الولايات المتحدة فوق القانون الدولي، جرائمها ضد الصحفيين والشعب الفلسطيني بلا رادع، كما هو الحال في مسرحية هزلية تريد فيها نسف مبادئ عمل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.

 ما الذي تقوله قوانين دولية عن عمل الصحفيين وحرية الرأي والوصول للمعلومات؟

العهد الأممي للحقوق المدنية والسياسية، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966:

- المادة (19) نصت على أن لكل إنسان الحق في اعتناق ما يشاء دون مضايقة، ولكل إنسان الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار، وتلقيها ونقلها إلى الآخرين في أي قالب وبأي وسيلة يختارها، ودون اعتبار للحدود.

- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:

المادة 19 نصت على أن "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار، وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت، دون تقيد بالحدود والجغرافية".

- إعلان جوهانسبرغ 2002 للأمن القومي وحرية الوصول للمعلومات:

أيد الحق في الوصول للمعلومات، باعتباره من الحقوق الضرورية لضمان التمتع بالحق في حرية الرأي والتعبير.

- المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان 2010:

يلزم لحرية الصحافة حماية خاصة كي تتمكن من لعب دورها الحيوي المنوط بها، وتقديم المعلومات والأفكار التي تهم الرأي العام.

لكن هذه القوانين لا تجد سبيلا للتطبيق على (إسرائيل).

وبإيجاز، فإن مرد قتل (إسرائيل) للصحفيين هو تناقض عملهم الهادف لكشف الحقائق، مع نهجها القديم الجديد القائم على وجود عالم أصم وأعمى لا يسمع ولا يرى من جرائمها شيئا.

وعلى هذا النحو، تكمم أفواه من بقي من ضحاياها على قيد الحياة لتمنع صرخاتهم وأوجاعهم من الوصول لأحد.