غزة/ يحيى اليعقوبي:
في وقت يشتبك مقاومون فلسطينيون بالضفة الغربية مع جيش الاحتلال في عدد من المواقع بعد تنفيذ جيش الاحتلال اقتحامات واسعة في مدن الضفة، أسفرت عن استشهاد 6 فلسطينيين، لا زالت أجهزة أمن السلطة تحاصر مخيم جنين لليوم الـ17 على التوالي وسط اشتباكات مع المقاومين الرافضين لنزع سلاح المقاومة.
وحظيت العملية التي تجاوزت فيها السلطة كافة الخطوط الحمراء كما يرى مراقبون، إشادة من جيش الاحتلال، وهذا ما نقلته صحيفة هآرتس الإسرائيلية التي قالت في وقت سابق إن جيش الاحتلال يدرس تزويد أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بمعدات عسكرية دفاعية لمساعدتها ضد التنظيمات المسلحة وتعزيز التعاون الاستخباراتي.
وأضافت الصحيفة أن موقف الجيش هو أنه يجب تعزيز أجهزة السلطة الفلسطينية ما دام ذلك لا يشكل تهديدا على جنود الجيش أو على المستوطنين.
وكانت الأيام الماضية شهدت اشتباكات متكررة بين مقاومين والأجهزة الأمنية في المخيم، أدت لاستشهاد 3 فلسطينيين بينهم القائد الميداني في "كتيبة جنين" يزيد جعايصة، وأصيب آخرون بينهم عناصر من الأجهزة الأمنية.
وشجع هذا الدور الذي تخلله سفك دماء على أياد فلسطينية الاحتلال لمطالبة السلطة بالمزيد، وهذا ما أكدته "هآرتس" بأن قادة الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام)الشاباك(يرون أن السلطة تعاملت بحزم مع التنظيمات لكنهم يطمحون إلى زيادة فعاليتها.
وتجري هذه الأحداث "المؤسفة" وسط تنديد محلي من كافة الفصائل والأطر الشعبية، مطالبين السلطة بالكف عن ملاحقة المقاومين والوقوف بجانب الاحتلال في محاربتهم.
ورغم ذريعة السلطة بأن هدف العملية عدم تكرار سيناريو غزة في جنين، يعتقد محللون سياسيون لـ "فلسطين أون لاين" أن السلطة تسعى لاجتثاث المقاومة بجنين كأوراق اعتماد لدى الاحتلال وأمريكا لتحظى بدور ما بغزة، وأنها قادرة على فرض النظام.
أحداث مقلقة
ووصف نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني النائب د. حسن خريشة، ما يجري بجنين بأنها "أحداث مقلقة" تؤثر على النسيج المجتمعي، وتهدف لاجتثاث المقاومة، وأن ما عجز عن تحقيقه الاحتلال يراد فعله بأياد فلسطينية.
ودان خريشة في حديثه لـ "فلسطين أون لاين" قيام أمن السلطة بفض مسيرة تضامنية داعية للوحدة شارك فيها نواب ونخب سياسية أمس في جنين، مؤكدا، أن التجمع والتظاهر حق مكفول في القانون، وأن التجمع كان هدفه حقن الدم والعودة للعقل والحوار، لكن اللغة السائدة الآن بالضفة هي منع أي حديث على ما يجري بالمخيم.
وعن ملاحقة السلطة للمقاومة، قال خريشة إن "السلطة أخذت موقفا بأنها ليست شريكا بالحرب، بحجة توقيعها على اتفاقيات مع الاحتلال قام نفسه باختراقها وإلغائها منذ سنوات بسبب ممارساته وجرائمه"، محذرا من خطورة ما يجري وتأثيره على شق الصف الوطني.
ورأى خريشة أن السلطة عزلت نفسها بنفسها، وهي تعتقد أنه تستطيع تحقيق وعود واهية بملاحقة المقاومة، وتعول على قدوم الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، رغم مساعي الاحتلال بالسيطرة الكاملة على الضفة الغربية، معتبرا ثناء الاحتلال على دور السلطة وحملتها الأمنية في جنين تأكيدا للقاصي والداني أن الاحتلال المستفيد الوحيد مما يجري.
أوراق اعتماد
بدوره، يحذر الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف من خطورة اقتحام السلطة لمخيم جنين، مؤكدًا، أن أي اقتتال فلسطيني داخل وحرف للبوصلة يحمل خطرا على الحالة الفلسطينية خاصة في هذا الوقت، في ظل توسع الاستيطان وتهويد المقدسات والمجازر التي تجري في غزة، ويتم تطبيق قانون اليومية مما يشير إلى أن الاحتلال ماض لتحقيق ما يصفه بحسم الصراع.
وشدد عساف لـ "موقع فلسطين أون لاين" بأن ذلك يتطلب وحدة فلسطينية وعدم حرف البوصلة وأن توجه الجهود والقوة ضد الاحتلال، وليس على أساس التنسيق الأمني.
وقال: "نحن بحاجة لوحدة وطنية قائمة على فرز من هو مع الشعب ومقاومته ومن هو مع الاحتلال، وما يحدث في جنين يشغلنا بالآخر ويزيد من حالة الاحتقان ويضرب النسيج المجتمعي".
وعن هدف اقتحام السلطة لجنين وتنفيذ عملية أمنية، يعتقد أنها تحاول تقديم أوراق اعتماد للاحتلال وأمريكا كي تحصل على دور ما بغزة، بأنها قادرة على حفظ النظام وقمع المقاومة وهذا عمليا هدف السلطة من العملية بجنين.
بالتالي هذا يفرض على الجميع، كما يشدد عساف، بالتصدي لهذا التوجه ورفع الصوت عاليا والعمل على لجم السلطة.
وبشأن ثناء الاحتلال على أداء السلطة، يعتقد عساف أن ذلك بمثابة شتيمة، لأن ما ينبغي أن تسعى إليه السلطة هو رضا الشعب والمقاومة وليس إرضاء الاحتلال، وأن على السلطة أن تعد للألف قبل الاستمرار في حملتها الأمنية.
ويقود ما يجري بالضفة لسيناريوهات يراها عساف بأنها صعبة، تعبث فيها السلطة بحياة الشعب الفلسطيني، وستؤدي لمزيد من الخلخة في الوحدة الوطنية وتسهيل ما يقوم به الاحتلال من جرائم.