مع اشتداد المعارك بين كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وجيش الاحتلال "الإسرائيلي" في جباليا شمال قطاع غزة، اتجهت الكتائب إلى استخدام العمليات الاستشهادية واستخدام الأحزمة الناسفة لإيقاع أكبر عدد من الخسائر البشرية بين صفوف الضباط والجنود.
ونفذت القسام العملية الاستشهادية في قلب المعركة المستمرة في جباليا، وسط إخفاق من قبل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" واستخباراته وطائراته المسيرة التي لا تترك الأجواء في تعقب الاستشهادي أو توفير الحماية لجنوده وضباطه بالأماكن التي يتواجد فيها.
تعكس العملية الاستشهادية الأولى التي يقوم استشهادي بتفجير نفسه بالجنود والضباط، القوة العسكرية والاستخباراتية التي تمتلكها القسام في جباليا، إضافة إلى أنها تحمل رسائل لقادة حكومة الاحتلال أن بقاء جيشهم في قطاع غزة لن يكون نزهة.
وكشفت القسام، أمس الجمعة، عن تفاصيل عملية وصفتها بالأمنية المعقدة نفذها أحد مقاتليها في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، وأوقعت أفراد قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح.
وقالت القسام إن "مجاهدا قساميا تمكن من الإجهاز على قناص صهيوني ومساعده بعد ظهر اليوم من مسافة صفر في مخيم جباليا".
وأشارت إلى أنه بعد ساعة من ذلك "تنكّر المجاهد نفسه بلباس جنود الاحتلال، واستطاع الوصول إلى قوة صهيونية مكونة من 6 جنود وتفجير نفسه بواسطة حزام ناسف في القوة وإيقاعها بين قتيل وجريح".
أقوى العمليات
يرى الخبير العسكري واصف عريقات، أن العملية الاستشهادية في جباليا، تعد أقوى العمليات من قبل المقاتل الفلسطيني، وتعكس شجاعة وإقدام ومهارات قتالية، وامتلاك مهارات المباغتة والمفاجأة ضد جنود جيش الاحتلال.
ويؤكد عريقات في حديثه لـ"فلسطين أون لاين" أن العمليات الاستشهادية تعد من أكثر العمليات تأثيرًا على نفسية ضباط وجيش الاحتلال، ويجعلهم يعيشون بحالة من القلق والرعب ويشعرون أنهم مهددين بشكل مستمر، ولا يوجد أي أمن أو أمان لهم داخل قطاع غزة.
يقول عريقات: "جيش الاحتلال كان يعتقد بعد مرور الوقت الطويل للقتال، أن المقاومة ستتراجع إمكانياتها وقدراتها القتالية مع هذه المدة الزمنية، ولكن كانت المفاجأة بهذا النوع من العمليات البطولية، وهذا مراكمة لكسر صورة وهيبة جيش الاحتلال أمام العالم وإظهار أنه جيش إمكانيات وليس جيش قتال،".
ويوضح أن المقاومة أوصلت عدة رسائل من خلال هذه العمليات، أبرزها أنها تستطيع ملاحقة ضباط وجنود جيش الاحتلال أنهم دائمًا معرضين للخطر والدفاع عن النفس، خاصة أن المقاتل الفلسطيني يتحكم بجغرافيا قطاع غزة المعقدة والصعبة جدًا رغم ظروفه القاسية.
ويشير إلى أن العملية الأخيرة في جباليا أثبتت أن المقاومة موجودة وقوية وقادرة، وترد على تصريحات قادة جيش الاحتلال بأنهم قضوا على قدرات المقاومة الفلسطينية، خاصة ما صرح به وزير الحرب السابق والحالي.
ويلفت إلى أن المقاتل الفلسطيني يدير معركة عقول وأدمغة وحرب نفسية في مواجهة جيش الاحتلال، إلى جانب معركته القتالية.
احتفاء شعبي
بعد تنفيذ العملية، احتفى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بشجاعة مقاتلي كتائب القسام في مواجهة جيش الاحتلال، وثباتهم بعد أكثر من 442 يومًا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وأوضح المحلل السياسي، سعيد زياد، أن عملية جباليا الاستشهادية تعد الأولى في قطاع غزة بحزام ناسف منذ بداية الحرب، بل منذ عشرين عاماً.
وقال زياد في تغريدة عبر حسابه في موقع "إكس": "هذه العملية لها دلالات عظيمة، أولها حالة الاستبسال منقطعة النظير، والالتحام غير المسبوق بين العدو والمقاتلين".
وكتب صاحب حساب المقدسي في موقع "إكس": "العمليات الاستشهادية ليست يأس بل بطولة، وتنفيذها ليس فقدان للأمل بل إقبال وإثخان في الاحتلال منذ بداية العدوان، وهذا لا يتعارض مع خذلان العالم فالمقاومة استغنت عن العالم منذ زمن".
وقال الناشط محمد أبو عقيل في منشور عبر حسابه في موقع "فيسبوك": "من بيان المقاومة حول عملية جباليا الاستشهادية، أعتقد أنها محض تخطيط جماعي بل غالبًا هي عملية فردية تكشف عن رجال من نوع خاص، يحمل الفرد منهم قلبًا لا تعدله قلوب أفراد الجيوش المدربة ولو اجتمعت".
وقال أبو عقيل: "رجل واحد يُجهز على قناص ومساعده ثم يتنكر في زي أحدهم ويتقدّم به نحو قوة من ستة أفراد وينهي عليهم، وهذا والله شيء لم أعرفه في حياتنا تلك إلا في لعبة اسمها كوماندوز ولم أسمع به حقيقةً إلا في معارك الصحابة الأولين".