قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف بشكل مننهج الطواقم الطبية شمال قطاع غزة، في مسعى لتدمير النظام الصحي كليًّا وفرض ظروف معيشية مميتة تؤدي إلى هلاك الفلسطينيين وحرمانهم من الرعاية الطبية المنقذة للحياة.
وأفاد المرصد الأورومتوسطي، في تقرير له اليوم الخميس، أن فريقه وثق استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي الطبيب "سعيد جودة"، ظهر اليوم الخميس 12 ديسمبر/كانون أول، أثناء توجهه من مستشفى كمال عدوان إلى مستشفى العودة لمعالجة بعض الحالات، ما أدى إلى مقتله بعد أن أطلقت طائرة كواد كاتبر النار تجاهه وأصابته في رأسه، ما يدلل أن قتله كان مقصودًا ومتعمدًا، علمًا أنه طبيب العظام الوحيد الموجود شمال القطاع.
كما أشار إلى، أن طائرة إسرائيلية مسيرة استهدفت مساء الأحد الماضي، 8 ديسمبر/كانون أول، المسعف في الخدمات الطبية "علي القرعة"، محيط مستشفى كمال عدوان في مشروع بيت لاهيا. وأكد أن الجيش الإسرائيلي استهدف مستشفى كمال عدوان أكثر من 20 مرة في غضون الأيام العشر الماضية، وأصاب عددًا من أفراد الطواقم الطبية فيها إلى جانب المرضى ومرافقيهم.
وحذر المرصد الحقوقي، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعمل بشكل منهجي وبنمط واضح ومتكرر على استهداف الطواقم الطبية القليلة التي بقيت في شمال غزة، مما يفاقم صعوبة تقديم الخدمات الصحية لعشرات آلاف السكان المحاصرين منذ 69 يومًا، بينما يستمر أيضا بمنع الدفاع المدني وطواقم الإسعاف من العمل منذ 51 يومًا.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن تدقيقه في سجلات وقوائم ضحايا الاستهداف الإسرائيلي تدلل على وجود سياسة منهجية وواسعة النطاق بقتل واغتيال الكفاءات الفلسطينية والنخب في القطاعات المختلفة، إلى جانب دائرة القتل التي طالت عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين.
وذكر الأورومتوسطي أن قائمة القتل طالت من الطواقم الطبية 1057 فلسطينيًا منذ 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، كما شملت العلماء والأكاديميين، حيث قُتل أكثر من 135 منهم، كان آخرهم البروفيسور "عبد السلام أبو زايدة"، الذي قُتل مع 6 فلسطينيين آخرين في غارة إسرائيلية استهدفت عمارة الملش في مدينة غزة مساء أمس الأربعاء، 11 ديسمبر/كانون أول .
وشدد المرصد الأورومتوسطي، على أن الجرائم التي تنتهجها إسرائيل من استهداف وقتل الكفاءات والنخب الفلسطينية وتدمير واسع النطاق والمتعمد ضد الشركات والبنية التحتية من شأنها عرقلة تطور المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة بشكل عام، وتقويض منظومته العلمية والتعليمية والاقتصادية، وحرمان قطاعاته الحيوية من الكوادر المتخصصة والمميزة التي يصعب تعويضها على المدى القريب، إلى جانب خلق حالة من الذعر لدى باقي الكفاءات.
وصباح اليوم، أعلن مستشفى العودة في جباليا ارتقاء الدكتور سعيد جودة، عقب استهدافه بغارةٍ "إسرائيلية" أثناء توجهه لعمله في المستشفى، ظهر اليوم الخميس.
وقالت مصادر طبية، إن غارةً صهيونية استهدفت الطبيب جودة، مشيرةً إلى أنه طبيب العظام الوحيد في شمال قطاع غزة المحاصر منذ 70 يومًا.
ووفقًا لآخر إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي، فقد أعدم الاحتلال أكثر من 1000 طبيب وممرض في جميع أنحاء قطاع غزة.
وأمس الأربعاء، كشف المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، الطبيب منير البرش، أن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص على سيارات إسعاف التي حاولت إنقاذ الجرحى وانتشال الشهداء من مناطق الاستهداف، مؤكداً أن الاحتلال يرفض إدخال الدواء والمستلزمات الطبية.
وقال البرش، في تصريحات متلفزة، "إن جثامين الشهداء خصوصاً في مناطق شمال القطاع ملقاة في الشوارع وتنهشها الكلاب، والطواقم الطبية والدفاع المدني عاجز عن الوصول لهم وانتشالهم بسبب تهديد الاحتلال بالقتل لمن يصل لهم.
ومن جهته، أوضح مدير مستشفى كمال عدوان الطبيب حسام أبو صفية أن المنظومة الصحية ما زالت تعاني بسبب قلة الإمكانات المتوفرة، لافتا إلى مواصلة تقديمها الخدمة بالحد الأدنى.
ويواصل الاحتلال "الإسرائيلي" عدوانه الوحشي وحرب الإبادة على محافظة شمال قطاع غزة، وسط قصف وإعدام ميداني، ونسف للمنازل وتدمير للخدمات الأساسية، ومنع دخول الغذاء والماء والدواء.
ويعدم الاحتلال في بلدة جباليا ومخيمها وبيت لاهيا، أي مظاهر للحياة في المنطقة، إذ دمر أحياء سكنية كاملة، تحت قصف دموي مكثف وحصار مطبق يمنع دخول الغذاء والماء والأدوية.
كما جرى إخراج المنظومتين الصحية والإغاثية عن الخدمة تماما، وتعطيل آبار المياه والمرافق الحياتية كاملة، ضمن سلسلة جرائم متواصلة.
وبعد اجتياحين في ديسمبر/ كانون الأول 2023 ومايو/ أيار 2024، فإن هذه هي المرة الثالثة التي يجتاح فيها جيش الاحتلال جباليا منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة قبل أكثر من عام.
ويأتي ذلك ضمن مواصلة إسرائيل حربها المدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مخلفة نحو 151 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة متفاقمة.