بينما تواجه المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة حربًا إسرائيلية دموية منذ أكثر من 13 شهرًا، تنشغل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بملاحقة المقاومين الذين يحاولون المشاركة في نصرة غزة، الأمر الذي خلق حالة من الغضب الشعبي المتزايد تجاه ممارسات أجهزة أمن السلطة.
وأدانت حركة حماس، استمرار ملاحقة أجهزة السلطة الأمنية للمقاومين والمطلوبين من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وخصّت بالذكر الأحداث الأخيرة في مخيم جنين.
وفي بيان صدر عن الحركة، نعت الشاب ربحي الشلبي، الذي ارتقى برصاص أجهزة السلطة اليوم، داخل المخيم خلال ملاحقتها لمجموعة مقاومين، معبّرة عن استنكارها لهذه الحادثة التي وصفتها بـ"الخطيرة".
ودعت حماس كافة الفصائل والقوى الوطنية إلى اتخاذ موقف حاسم تجاه ما أسمته بـ"تجاوزات أجهزة السلطة"، والعمل الجاد من أجل وضع حد لهذه الممارسات.
كما طالبت قيادة السلطة بالوقف الفوري لهذه الملاحقات، محاسبة المسؤولين عنها، وضبط سلوك الأجهزة الأمنية. وأكدت الحركة على ضرورة إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفيات سياسية أو مقاومة الاحتلال.
وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد التوترات في الضفة الغربية، حيث ينتقد الفلسطينيون استمرار السلطة بالتنسيق الأمني مع الاحتلال رغم جرائمه الفظيعة في غزة.
في جنين، حيث وقعت حادثة قتل السلطة للمواطن ربحي الشلبي، بدت ملامح الغضب واضحة على سكان المخيم. أبو محمد مرتضى، أحد سكان المخيم، قال لـ"فلسطين أون لاين": "شعبنا يتعرض لحرب إبادة في غزة، والمقاومة هي سلاحنا الوحيد للدفاع عن أنفسنا. كيف يمكن أن نواجه الاحتلال وهناك من يطارد المقاومين بيننا؟".
وأكد مرتضى أن "ما يحدث يزيد من الانقسام الفلسطيني في وقت نحن بأمسّ الحاجة فيه للوحدة الوطنية لمواجهة العدوان الإسرائيلي".
وكتب خميس السعدي من جنين في منشور له عبر فيسبوك: "في الوقت الذي تدمر فيه (إسرائيل) كل شيء في غزة، نجد أجهزة السلطة منشغلة بملاحقة من يحمون شرفنا وصمودنا".
أما ليلى عابد، وهي أم لثلاثة أطفال من نابلس، فتحدثت بغضب قائلة لـ"فلسطين أون لاين": "أبناؤنا في غزة يقتلون يوميًا، وفي الضفة يطارد المقاومون بدلًا من حمايتهم. هذه الممارسات تدمر الأمل في المقاومة، وتجعلنا نشعر بأن السلطة تعمل ضد الشعب وليس معه".
وأضافت: "بينما نتحدث عن ضرورة توحيد الكلمة الفلسطينية في مواجهة حرب الإبادة في غزة، تأتي مثل هذه الأخبار لتعيدنا إلى الوراء. كيف يمكن للشعب أن يثق بقيادة تلاحق من يحميه؟"
النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة، قال لـ"فلسطين أون لاين": "في وقت تتزايد فيه وتيرة العدوان على غزة والضفة، يفترض أن تكون السلطة في صف واحد مع الشعب، لكن ما يحدث يُفقدها ثقة الشارع، ويدفع بمزيد من الاحتقان".
وأكد أن ما جرى في جنين من حصار للمخيم واشتباكات مستمرة مع المقاومين "يشكل طعنة في ظهر المقاومة التي تواجه أعتى وأقوى جيش في المنطقة في قطاع غزة".
وتابع خريشة: "متى ستفهم السلطة أن ملاحقة المقاومين خيانة لدماء الشهداء؟ المقاومة هي كرامتنا، ومَن يطارد المقاومين يطارد كرامتنا".
وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، أن الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية، تسعى لتعميم "نموذج نابلس" لمناطق أخرى في الضفة الغربية، عبر منح السلطة الفلسطينية امتيازات للقضاء على المقاومة.
وقال رئيس الإدارة -في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرنوت - إن إدارته تتعاون مع جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية وشخصيات عامة واقتصادية في المدينة لخلق واقع أمني جديد بعد "عرين الأسود"، في إشارة إلى تنظيم بارز في المقاومة الفلسطينية بنابلس.
وأوضح أن إدارته، عملت على تعزيز سلطة محافظ نابلس ورؤساء مجالس القرى وغيره من المسؤولين عبر منحهم صلاحيات أكثر، مثل التصاريح والطلبات الخاصة وبطاقات "في آي بي"، إلى جانب منح صلاحيات تمكّن مسؤولين فلسطينيين من "فرض الأمن من دون المس بحرية عمل جيشنا" في نابلس ومخيم بلاطة.
وأكدت الإدارة "ألإسرائيلية"، أن أجهزة أمن السلطة تسهم في "تحسين الأمن بالضفة، وعندما نواجه أحداثا كبيرة كحملة اعتقالات أو دخول المستوطنين لمناطق "أ" أتوجه للأجهزة الأمنية لتأمين دوائر حماية، ونراهم في الميدان".
وسبق أن ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن هناك اتفاقا بين السلطة الفلسطينية والاحتلال على نشر 500 عنصر أمن تابع للسلطة في شمال الضفة الغربية، لتفكيك العبوات التي يعدها المقاومون لاستهداف الاحتلال خلال الاقتحامات.
وتعتقل أجهزة السلطة في الضفة المحتلة -وفق بيانات حقوقية- أكثر من 150 مواطنا فلسطينيا، بينهم مقاومون ومطاردون من قبل الاحتلال وطلبة جامعات وأسرى محررون ودعاة وكتاب وصحفيون، وترفض الأجهزة الإفراج عنهم، رغم صدور قرارات قضائية بالإفراج عنهم أكثر من مرة.