أكَّد الخبير العسكريُّ والاستراتيجيُّ، اللِّواء المتقاعد واصف عريقات، أنَّ مقتل ثلاثة جنود إسرائيليِّين في كمين نفَّذته المقاومة الفلسطينيَّة شماليَّ قطاع غزَّة يعكس قدرة المقاومة على مواصلة تنفيذ العمليَّات النَّوعيَّة رغم تواضع الإمكانيَّات والظُّروف الصَّعبة.
وأوضح عريقات لـ "فلسطين أون لاين"، أنَّ هذه العمليَّة تظهر خطأ رهانات جيش الاحتلال الَّتي بنيت على نفاد معدَّات المقاومة وتراجع معنويَّات مقاتليها، مشيرًا إلى أنَّ المقاومة الفلسطينيَّة أثبتت مرارًا قدرتها على الصُّمود والابتكار الميدانيِّ.
وقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وأصيب 18 آخرين بجراح متفاوتة، اليوم الإثنين، في استهداف المقاومة الفلسطينية شاحنة عسكرية محملة بالمتفجرات في منطقة جباليا شمالي قطاع غزة، وفق ما ذكر موقع "لبنون شيتح إيش" العبري.
ورأى عريقات أن مرور 430 يومًا على صمود المقاومة في مواجهة جيش الاحتلال، الذي يُعد من أقوى جيوش المنطقة، هو دليل على قوة الإرادة والقدرة على التكيف مع الظروف الميدانية الغاية في الصعوبة والتعقيد، إذا اعتمدت على نفسها طيلة هذه الحرب وعلى امكانياتها التي لم تنفد.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال استخدم أكثر من 10 فرق عسكرية في حربه على القطاع، وعمل على تبديلها أكثر من مرة، لكنها عانت من نقص في الذخائر والأعداد البشرية، فضلًا عن تراجع الكفاءة القتالية وهبوط الروح المعنوية لدى الجنود.
وأضاف أن المقاومة الفلسطينية، رغم إمكانياتها المحدودة، استطاعت التفوق ميدانيًا على الجندي الإسرائيلي، سواء على صعيد التكيف مع الواقع الميداني والقتالي وتحمل الظروف القاسية، أو على صعيد استخدام الأسلحة المتاحة بكفاءة ومهارة ميدانية عالية، ما يجعلها قادرة على الصمود وتنفيذ عمليات نوعية.
وحول التكتيكات التي استخدمتها المقاومة الفلسطينية، أوضح الخبير العسكري أن المقاومة تعتمد على تكتيكات حروب الفدائيين والعصابات والنفس الطويل منذ يوم اليوم الأول للحرب الإسرائيلية على غزة، مما يجعلها قادرة على إدارة معارك طويلة الأمد، مشيرًا إلى أن هذه التكتيكات تتطلب ترشيد استخدام الأسلحة إلا عند الضرورة، والتكيف مع الواقع الميداني والقتالي المستجد.
وأشار إلى أن المقاومة تمكنت من تحويل دمار البنية التحتية، الذي طال 80% من قطاع غزة، إلى نقطة قوة، والتي أراد الجندي الإسرائيلي من خلال تدميرها أن تكون في صالحه، حيث استغلت التضاريس المدمرة للتخفي وتنفيذ عمليات الرصد والقنص والاستهداف للجنود الإسرائيليين.
ووفقًا لما ذكره عريقات، فإن اعتماد المقاومة الفلسطينية على إمكانياتها الذاتية وسلاحها المتواضع يُعد عاملًا رئيسيًا في قدرتها على الصمود، إذ إن "المقاوم الفلسطيني لا يمتلك دبابات ولا طائرات ولا مدفعية كجيش الاحتلال، ولذلك اضطر إلى التركيز على الحفاظ على إمكانياته القتالية المحدودة، مع ضمان استمرار قدرته على الاشتباك وإدامة المعركة".
وحول تأثير استمرار عمليات المقاومة على الحالة النفسية لجنود الاحتلال، شدد عريقات على أن المقاومة الفلسطينية نجحت في استغلال نقاط ضعف جيش الاحتلال من خلال العمل بشكل غير مرئي، مما أحدث تأثيرًا نفسيًا عميقًا على الجنود.
وقال: "الجندي الإسرائيلي، بعد مرور هذا الوقت الطويل ومع خبرته العملية على أرض المعركة، يدرك أن المقاومة الفلسطينية لا تألو جهدًا في المراقبة، ونصب الكمائن، والاشتباك القريب، حيث أعلن الجنود الإسرائيليون أكثر من مرة أنهم يقاتلون أشباح".
وأضاف أن من أهم نقاط قوة المقاومة هي قدرتها على الاختفاء عن أنظار جيش الاحتلال، حيث أن المقاوم الفلسطيني يختفي عن الرؤية، مما يجعل جنود الاحتلال يبحثون عنه دون جدوى، يصبح مرئيًا فقط أثناء الاشتباك، حيث يوقع القتلى أو الجرحى في صفوفهم، لافتًا إلى أن هذا الأمر شكل عقدة حقيقية للجنود، الذين يعيشون في حالة من التوتر بسبب المواجهة مع مقاومين لا يظهرون إلا عندما يهاجمون.
وأشار إلى أن هذا الضغط النفسي ينعكس على معنويات جنود الاحتلال، قائلاً: "هذه التكتيكات تؤثر بشكل مباشر على الروح المعنوية للجنود الإسرائيليين، وتجبر الكثير منهم على طلب الدعم النفسي، كما اعترف جيش الاحتلال مؤخرًا".