قائمة الموقع

من بيت لاهيا.. نازحون يروون تفاصيل رحلة "معاناة النُّزوح" لغرب غزَّة

2024-12-08T19:00:00+02:00
من بيت لاهيا.. نازحون يروون تفاصيل رحلة "معاناة النُّزوح" لغرب غزَّة

كانت عقارب الساعة تقترب من التاسعة صباح يوم الخميس الماضي، حينما همّ المواطن شادي مصطفى بالنزوح مُجدداً من المنزل المُقيم فيه بمحيط مدرسة أبو تمام في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، بعد ليلة دامية وقاسية مرّت على عائلته وكل النازحين المتواجدين في المدرسة.

ليلة صعبة وقاسية سبقت يوم النزوح فقد انهالت قذائف دبابات الاحتلال الإسرائيلي "بلا رحمة" على تلك المنطقة في حين سقطت واحدة من تلك القذائف في ساحة المدرسة، ما أدى الى إصابة العشرات من بينهم نساء وأطفال.

وتزامن ذلك مع تحليق مكثف لطائرات مُسيرة من نوع "كواد كابتر" منها من كانت تُلقي مناشير وتنادي بمكبرات الصوت وتطالب النازحين في المدرسة بالخروج والتوجه إلى مناطق جنوب وغرب مدينة غزة، وأخرى كانت تُطلق النار صوبهم، وفق ما يروي "مصطفى".

يقول مصطفى لمراسل "فلسطين أون لاين": "منذ بداية العسكرية شمالي قطاع غزة كانت الأوضاع صعبة إلى أن وصل الخامس من ديسمبر، الذي كان ذروة الحصار والقصف الإسرائيلي وإطلاق القذائف".

لم يبقَ أمام "مصطفى" أي خيارات سوى النزوح "مُرغما" للمرة الثانية عشرة برفقة عشرات العائلات النازحة داخل المدرسة، فحزم أمتعته وبدأ "رحلة العذاب" برفقة عائلته المكونة من 9 أفراد، وتوجه إلى الحاجز العسكري الذي نصبه جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب مقر الإدارة المدنية شرق مخيم جباليا شمالي القطاع.

يروي مصطفى "بدأنا في رحلة المعاناة الشديدة حينما وصلنا إلى حاجز الاحتلال قرب الإدارة المدنية عند الساعة العاشرة صباحاً من ذات اليوم، وكان هناك مئات المواطنين من مختلف الفئات يصطفون في طوابير ينتظرون سماح الاحتلال لهم بالدخول إلى مدينة غزة".

عدة ساعات صعبة وثقيلة مرّت على "مصطفى" وهو ينتظر وصول دوره للدخول إلى الفحص الإسرائيلي قرب الحاجز الإسرائيلي، "كانت لحظات صعبة عندما مرّت طائرة مُسيرة من أمامنا لإجراء الفحص عن طريق بصمة العين".

ويستحضر مشهداً صعباً أثناء وجوده على الحاجزة وإقرار جيش الاحتلال احتجازه لاستكمال الفحص الأمني، وفق مزاعمهم "كان طفلي يبكي وينادي عليّ بأنه يريد البقاء معي".

ويضيف "بعد الانتهاء من الفحص، تم احتجازي في "بركس" برفقة 4 شبان آخرين لعدة ساعات، في حين جرى السماح لزوجتي وأبنائي باجتياز الحاجز والتوجه إلى غرب مدينة غزة".

ويتابع "عندما وصلت الساعة الحادية عشرة مساءً، تم الانتهاء من إجراء الفحوصات اللازمة وجرى الافراج عني والسماح لي بالتوجه إلى غرب غزة"، واصفاً ما حدث معه بأنه "من أقسى اللحظات التي مرّت عليه طيلة حياته".

وهنا أيضاً كانت رحلة نزوح قاسية أخرى، فقد أكمل طريقه في منتصف الليل مشياً على الأقدام، فيقول "كانت الأوضاع الأمنية صعبة ومُقلقة وهو ما دفعني للجوء لأقرب منطقة وصلت لها وهي قرب ملعب اليرموك شرقي مدينة غزة، وأمضيت فيها ليلتي في الشارع".

ويقصّ أن أحد أقاربه كان قد التقى مع أفراد عائلته واسكنهم لديه في تلك الليلة الصعبة، وفي صبيحة اليوم التالي التقى "مصطفى" بعائلته وتوجه إلى مدرسة "شهداء الشيخ رضوان" في حي الشيخ رضوان شمال غرب مدينة غزة، ولا يزال يقطن هناك مع نازحين آخرين في أحد فصولها".

ويختم حديثه "ما زلنا في حلم وخيال من شدة هول رحلة النزوح والمعاناة التي تعرضنا لها، إلى أن وصلنا هنا، وستبقى تلك الرحلة في ذاكرتنا ولن تمحوها الأيام والسنين".

لم يختلف الحال كثيراً لدى المواطن محمد المصري الذي ذاق من ذاته الكأس، حيث كان نازحاً في مدرسة أبو تمام في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، حيث اضطر للنزوح مرة أخرى، علماً أنه كان قد نزح قبل ذلك عدة مرات منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وقد عاش "المصري" وهو رب أسرة مكونة من خمسة أفراد، ليلة صعبة وحامية بفعل القذائف الإسرائيلية التي انهالت صوب المدرسة بلا رحمة، حتى أنه بالكاد استطاع أن يحمي نفسه وعائلته.

ولم يكن أمام "المصري" سوى النزوح إلى مناطق غرب مدينة غزة، وفق ما طلب جيش الاحتلال الإسرائيلي منه، حفاظاً على حياته وعائلته.

ومع صبيحة يوم الخامس من ديسمبر، تجهّز "المصري" واصطحب عائلته وتوجه نحو الحاجز الذي نصبه الجيش الإسرائيلي قرب "الإدارة المدنية" شرقي مخيم جباليا، ليبدأ رحلة عذاب جديدة بعد مسلسل من الخوف والرعب عاشه خلال تواجده في مدرسة أبو تمام في بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع.

يقول المصري لـ "فلسطين أون لاين"، إن خرج مع عائلته في رحلة نزوح مليئة بالمخاطر كونها كانت تحت نيران القذائف واطلاق النار، إلى أن وصلوا إلى الحاجز، ومكثوا قرابة ساعتين ثم توجهوا إلى غرب غزة.

ويضيف "كان الرحلة مليئة بالمشقة والتعب والمعاناة، كوننا نصطحب معنا أطفالنا وبعض الأمتعة والمستلزمات اللازمة لنا".

ووجد "المصري" ضالته بعد ساعات طويلة من المعاناة، في المبيت داخل خيمة في ساحة مدرسة "حمامة" غربي مدينة غزة.

ويستصرخ كل الضمائر الحية في العالم بأن يضغطوا على الاحتلال من أجل وقف الحرب على قطاع غزة وتخفيف المعاناة التي يتعرضون لها على مدار أكثر من عام على التوالي.

ومنذ الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول، يشن الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية على شمال قطاع غزة، وخاصة مخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا ومشروعها وبيت حانون، حيث ارتكب خلالها أبشع المجازر بحق عائلات فلسطينية بأكملها، مع نسف عشرات المنازل والمباني، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 2300 فلسطيني وإصابة الآلاف.

اخبار ذات صلة
نازحون على هامش الحياة
2024-11-28T09:38:00+02:00