مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة الكويتي رجل بأمة، لموقفه المشرف البطولي والأسطوري، وخطابه المزلزل الذي عبر فيه عن ضمير الأمة العربية في الجلسة الختامية للمؤتمر الـ(١٣٧) لاتحاد البرلماني الدولي، الذي عقد في سان بطرسبورغ بروسيا، بتوبيخ وفد البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) في الجلسة الختامية للمؤتمر وفضح الأكاذيب الإسرائيلية، وأكد الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، عادًّا ما يمارسه الاحتلال ضد أبناء شعبنا هو إرهاب الدولة، وطلب من الوفد الإسرائيلي مغادرة القاعة بعد شعوره بالعزلة في الساحة الدولية.
لقد أوضح الغانم لبرلمانات العالم انتهاك الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي ضد الشعب الفلسطيني، ومن ذلك الاعتقالات التي شملت أيضًا نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني، إضافة إلى القوانين العنصرية التي سنها البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، مستهدفًا الفلسطينيين على وجه التحديد، في تناقض واضح مع كون الكيان العبري عضوًا في الاتحاد البرلماني الدولي، الذي يفترض بأعضائه كافة احترام القوانين والمواثيق الدولية، وإعلانات حقوق الإنسان، التي ضرب بها الكيان عرض الحائط منذ عقود.
انتفاضة الغانم هذه زلزلت الأرض من تحت أقدام الإسرائيليين، وما ظهر من تأييد الوفود المشاركة في المؤتمر له يؤكد مجددًا عزلة الكيان في الساحة الدولية، وقد ضاقت الأرض بما رحبت على الوفد الإسرائيلي وانصاع منسحبًا من المؤتمر، بعد أن طرده الغانم، وهو ما لقي تأييدًا من جميع الوفود البرلمانية المشاركة، وكانت رسالة صفعة مدوية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، التي طالما تفاخرت بما تسميه "العلاقات مع أطراف عربية"، متجاهلة أن قضية الشعب الفلسطيني ما زالت حية في عقل وضمير ووجدان كل عربي من المحيط إلى الخليج، فهي القضية المركزية للعالم العربي والإسلامي، ولا يعقل أن تصبح طي النسيان في غمرة التغيرات الإقليمية والدولية.
انتفاضة الغانم تؤكد عمق الالتزام العربي بالقضية الفلسطينية الذي عبر عنه مندوب الكويت، وضرورة تحقيق حقوق شعبنا المشروعة في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني، فلا أحد ينكر فضل دولة الكويت على القضية الفلسطينية، فهي صاحبة الفضل بانطلاق شرارة الثورة الفلسطينية في منتصف الستينيات من القرن الماضي من أراضيها، وتأبى إقامة علاقات مباشرة وغير مباشرة مع الكيان الإسرائيلي.
انتفاضة الغانم على الظلم والاحتلال نابعة من أعماق الأمة العربية الغاضبة لضياع القضية الفلسطينية بين التطبيع والتمييع، لتجدد العهد لإعادتها إلى حاضنتها الأولى ووضعها على سلم أولوياتها. وهي رسالة واضحة إلى الاحتلال الإسرائيلي وكل حلفائه، الذين يراهنون على إمكانية ضغط "العرب" أو "أطراف عربية" على الشعب الفلسطيني وقيادته لتمرير "تسويات" أقل ما يقال فيها إنها تنتقص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتتيح للكيان العبري الهيمنة التي يريدها في العالم العربي.
مرة أخرى انتفاضة الغانم تصويب لاتجاه البوصلة نحو القضية المركزية للأمة العربية قضية فلسطين، التي هي قضية العرب الوحيدة التي يجب أن يتحد كل العرب من أجلها، وتأكيده أن الفلسطينيين لن يكونوا وحدهم في معركة الحرية والاستقلال، وأن عمقهم العربي ما زال قويًّا ومساندًا دون حدود، ونعد رسالة صاحب أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى رئيس مجلس الأمة _وكما قال الغانم_ بيانًا سياسيًّا كويتيًّا ورسالة كويتية سامية إلى الشعب الفلسطيني، بأن الكويت لم تتخل ولن تتخلى عن دولة فلسطين قيادة وشعبًا، وأن ضمير الأمة العربية النقي متمثل في حضرة أمير البلاد.
هذا الموقف الكويتي الأصيل يثمنه ويقدره الشعب الفلسطيني عاليًا، ويضاف إلى سلسلة المواقف المشابهة التي وقفها الكويت الشقيق إلى جانب الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة في المحافل المحلية والدولية كافة.
مرة أخرى شكرًا للكويت أميرًا وحكومة وشعبًا، شكرًا لمندوب الكويت الشقيق، الذي ذكر العرب مجددًا بالمواقف المشرفة التي يجب أن يواجه بها كل هذا التضليل الإسرائيلي، وكل هذه الأكاذيب الإسرائيلية.