يثير قرار تعيين "يارون بلوم" منسقاً لشؤون أسرى الحرب والمفقودين في قطاع غزة، تساؤلات بشأن دوافع ودلالات قرار رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ومدى تأثيره في ملف تنظر إليه حكومته بحساسية عالية بوصفه عنصرا فاعلاً ومؤثراً بالرأي العام الإسرائيلي.
ولجأ نتنياهو هذه المرة لتعيين شخصية لها تجارب سابقة في الملف، وفقاً لصحيفة "معاريف" العبرية، التي وصفت الرجل بأنه شخصية كبيرة خدمت لسنوات عديدة في جهاز الأمن العام "الشاباك"، وكان في السنوات الأخيرة ضمن الفريق الذي أجرى المفاوضات التي أدت إطلاق سراح جلعاد شاليط ضمن صفقة "وفاء الأحرار".
وينظر مراقبون ومختصون في الشأن الإسرائيلي، بإيجابية إلى تعيين "بلوم"، قد تفضي إلى إبرام صفقة تبادل أسرى في المرحلة المُقبلة، مع تنامي الضغوط التي تمارسها عائلات الجنود المأسورين في غزة، بعد استقالة المنسق السابق "ليؤور لوتان".
ويقول الكاتب والمحلل الاسرائيلي د. عدنان أبو عامر: إن وضع "بلوم" في هذا المنصب يعبر عن رغبة نتنياهو بوضع حد للحراك الحاصل في الرأي العام الاسرائيلي، واتهام حكومته بعدم القيام بمسؤولياتها تجاه الجنود الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية.
توصيات نتنياهو
ويعتقد أبو عامر، أن الجنرال الجديد سيكون تابعاً لنتنياهو في توجيهاته في إطار السقف المسموح له، خاصة بعد أن وصل المنسق السابق "لوتان" لطريق مسدود نتيجة عدم منحه صلاحيات كاملة للدخول في مفاوضات مع حركة حماس.
واستقال "لوتان"، في أغسطس الماضي احتجاجاً على رفض حكومة نتنياهو اقتراحات لاستعادة الجنود والإسرائيليين الأسرى في غزة.
في هذا السياق، يقدر أبو عامر بأن "بلوم ربما يعمل على شراء المزيد من الوقت مع المقاومة الفلسطينية لكنه لن يخرج عن أوامر نتنياهو".
وعدّ عزم المسؤول السابق في "الشاباك"، "قلب كل حجر في قطاع غزة بحثاً عن المفقودين"، مواقف غير غريب من "بلوم" المعروف بمواقفه المعادية لحماس، ودائماً ما يطالب بفرض ضغوط على الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، لافتاً إلى أنه سيكون مهتماً بطي صفحة القضية سواء بالمفاوضات أو إبرام صفقة.
وحول معالم المرحلة المقبلة، ذكر أبو عامر، أن كل الخيارات مطروحة أمام بلوم، سواء السياسية أو الأمنية أو العسكرية.
يحمل دلالات
ويبدو أن تعيين "بلوم" لم يكن عبثياً، بل يرسم الكثير من الدلالات التي ربما تحملها المرحلة المقبلة، وفق رأي المختص في الشأن الإسرائيلي أحمد فياض، الذي توقع أن صفقة جديدة تقدم فيها حكومة نتنياهو تنازلات أكبر من تلك التي قدمتها في "وفاء الأحرار".
"ووفاء الأحرار" هي الصفقة التي أبرمتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع حركة حماس بوساطة مصرية، في أكتوبر 2011 وحُرر بموجبها 1027 أسيراً، مقابل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط.
وعد فياض في حديث لصحيفة "فلسطين"، قرار نتنياهو "مؤشرا إيجابيا، ويلاقى ارتياحاً في صفوف العائلات الإسرائيلية"، موضحاً أن تعيين منسق جديد للأسرى، يؤشر على وجود إشكاليات وضغوطات تواجهها حكومة نتنياهو من أهالي الأسرى الإسرائيليين في غزة، مفادها بأن المساعي التي تبذلها "ليست كافية".
وكانت عائلتا جنديين أسيرين، هاجمتا حكومة الاحتلال في أعقاب استقالة لوتان، واتهمتها بالتنصّل من مسئولياتها تجاه أبنائها الأسرى لدى المقاومة.
وقالت سمحا غولدن والدة الضابط الإسرائيلي هدار الأسير: إن لوتان تلقى رصاصة في الظهر من قبل نتنياهو، ولم يدعمه في إنضاج الملف.
الخطوات المقبلة
ويؤيد سابقه المختص في الشأن الإسرائيلي محمود مرداوي، معتبراً تعيين المنسق الجديد وعدم ترك المنصب شاغراً "خطوة مهمة" للمرحلة المقبلة، لاسيماً أنه لا يمكن أن يكون هناك مفاوضات دون تنسيق.
ويصف مرداوي في حديث لصحيفة "فلسطين" المرحلة الحالية بأنها "إيجابية" لكنها لا تعني أن صفقة التبادل قريبة، وفق رأيه.
وتوقع أن تلجأ حكومة "نتنياهو" للخيارات السياسية أولاً خاصة في ظل انعدام الأمل باستعادة الجنود دون دفع أي ثمن عسكري، أو شن عملية عسكرية.
ويعتّقد أنه لا بد من وجود قرار سياسي في (اسرائيل) للمضي نحو إبرام صفقة تبادل، مشيراً إلى أن التوصل لاتفاق يجب أن يراعي متطلبات طرفي المفاوضات.
وسبق أن أعلنت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس احتجازها أربعة جنود إسرائيليين، دون أن تحدد مصيرهم.
وتشترط "حماس" إطلاق سراح نحو 55 أسيرا من محرري صفقة "وفاء الأحرار" أعاد الاحتلال اعتقالهم، قبل البدء بأي مفاوضات بشأن الجنود الأسرى في غزة.